أيها الوداعُ ... مهلاً !!
بَنَفْسَجَةُ القَلْب قَد انْشَقَّ بُرعُمُها ، وتَفَتّحَتْ بِحزْنٍ أزَلِي يُدِير سَوَاقِي الدّمْع ، والرّئَةُ تنَفّسَت الِجرَاح شرقَات دَمْعٍ وغصَّاتِ أَلمٍ ، فِي لَيْلٍ سكّنَتْ ظُلمَتَـهُ ناعِقات ُبومِ الشُّؤم، وَرَعْدَة الرّعْب يُراوِدُ صفيرُهَا جذْوَةَ رُوحٍ خَبَتْ ، تُلْقِي شحِيحَ رَمَقِ حَيَاةٍ علَى تغضُنّاتِ وَجْهٍ لاكَتْهُ أنْيَابُ الرّزَايَا ..
أيُّهَا المُتَعَجّلُونَ الخُطَى ..
مَهْلاً ..
دَعُونِي أغْرِسُ شقَائِقَ النُّعْمَانِ ، وَالأُقْحُوَانِ ، ونَرْجِسَاتٍ بِيض علَى أدِيمِ دَرْبِ خطَاكُمْ ، ولَيْلَكَة سَوْدَاء
تُعْلِنُ الحِدَادَ ..
امْنَحُوِني قَليلَ صَبْرٍ وشيْئاً مِنْ ذِكْرَى ، تَسُدُّ رَمَقَ رُوحٍ حَلّقَتْ خَلْفَكُمْ كُلّمَا خَضَّبَ نَزْفُ الشّمْسِ أَطْرَافَ الأُفُقِ ، تُلَوّحُ لِمَنْ طَوَتْهُمْ مَسَافاتُ الرّحِيلِ ، تَرْسُمُ وَعْدَ اللّقَاء ِعَلَى صَفْحَةِ السّمَاءِ ، تَخُطّ علَى الغَمَامِ رَسَائِلَ شَوْقٍ ،
تُرَتّلُ تَرانيمَ الحُزْنِ مَعْزُوفَةً للرّيحِ المُسافِرَةِ إلَيْكُمْ ..
مَا أقْسَاهَا لَحْظَةً ..
تِلْكَ الّتِي يَنْغَرِسُ فيهَا نَصْلُ مديَةِ الوَدَاع عمِيقًا فِي ثنياتِ الفُؤَادِ المَكْلُومِ المُتَأَوّهِ بِحَشْرَجَةِ الأَلَمِ ذَبِيحًا ، يُرَفْرِفُ بَيْنَ الحَنَايَا تقْتَلعُهُ الآآآآآهَةُ ، تركسهُ خلْفَ الضّلوعِ مُنْتحِبًا بزَاوِيَةِ الصّدْرِ المُثْقَلةِ أنْفاسُهُ ، والرّوحُ تَوَدّ لَوْ تَنْفَلِت منْ جسَدٍ يَتَهَاوَى في دَوّامَةٍ تأخذُهُ بدَورَانهَا ، تسْحَبُهُ إلَى سَحيقِ قعْرِ الهَلَع المُختلطِ بالفَجيعَةِ ..
أيُّهَا النَّاؤُون هلُمُّوا ..
تَعَالَوا نتعَانَق عِنَاقَ وَدَاعٍ أخيرٍ قَبْلَ الرّحيلِ ، تَعالَوا نبْكِي فِرَاقاً طويلاً ، وشَوْقاً كبيراً سيبْقَى يدُقُّ جُدْرَانَ الصّدورِ ..
ودَاعاً .. ودَاعاً ..
ِلكُلّ الأَحبّةِ ، لكُلِّ اللّحظاتِ التِي جمَعَتْنَا ، لكُلّ المَشَاعِرِ التِي ربَطَتْنَا ..
وَدَاعٌ أَخِير ..