|
خَرِيفُ العُمْرِ قَدْ نَحَرَ الشَّبَابَا |
وَعَابَ الحُسْنَ وَابْتَدَء الخَرَابَا |
عليل جِسْمُهُ وَالقَلْبُ بَالٍ |
وَفِكْرٌ ظَامِئٌ نَطَرَ السَّرَابَا |
خَرِيفٌ قَدْ حَوَى عَجْزًا وَذُلاًّ |
وَأَيَّامًا غَدَتْ عَجَلاً ضَبَابَا |
فَبَاتَ الجِسْمُ لِلأَمْرَاضِ طُعْمًا |
كَكَبْشٍ لَحْمُهُ أَغْرَى الذِّئَابَا |
تُهَاجِمُهُ دُجًى مِنْ كُلِّ صَوْبٍ |
وَقَدْ غَسَلَ اللُّعَابُ لَهَا الشِّعَابَا |
أَتَانَا بِالمَوَاجِعِ كَانَ جَذْوًا |
يُجَرَّعُ سَاهِيًا عَنْهُ العَذَابَا |
أَتَانَا مُنْذِرًا وَالمَوْتُ مَدٌّ |
عَلا الأَجْسَادَ وَهْنًا وَالْتِهَابَا |
فَبَاتَ مُخَاطِبًا هَلْ مِنْ حَكِيمٍ |
لَهُ لُبٌّ فَيَغْتَنِمَ الشَّبَابَا |
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ رَهِينُ نَفْسٍ |
تُقَلِّبُهَا الأَمَانِي لا عُجَابَا |
تَرَاهُمْ لِلحَيَاةِ كَمَنْ أَنَاخُوا |
رِقَابَ الذُّلِّ لَهْوًا وَاصْطِحَابَا |
فَيَبْنُونَ الحَيَاةَ بِكُلِّ حَدْبٍ |
مِنَ الأَحْلامِ مَا يَعلو السحَابَا |
فَلَوْ عَرَفُوا خَرِيفَ العُمْرِ صِدْقًا |
لأَجْرُوا الدَّمْعَ خَوْفًا وَارْتِقَابَا |
وَلَوْ عَلِمُوا بِأَنَّ العُمْرَ وَمْضٌ |
لَمَا تَرَكُوا الفَرَائِضَ وَالثَّوَابَا |
وَصَارُوا لِلزَّمَانِ غَمَامَ خَيرٍ |
وَقَامُوا بَعْدَ كَبْوَتِهِمْ غِلابَا |
وَلَوْ سَمِعَ الشَّبَابُ أَنِينَ كَهْلٍ |
لَعَاشُوا فِي الشَّبَابِ كَمَنْ أَشَابَا |
• • • |
حَمَلْتُ حَقَائِبًا مُلِئَتْ دَوَاءً |
فَبَاتَ اليَوْمُ تِلْوَ اليَوْمِ يَمْضِي |
مَوَاعِيدًا لِطِبٍّ قَدْ أَخَابَا |
فَلا أَكْلٌ بِهِ ذَوْقٌ وَطَعْمٌ |
وَلا نَوْمٌ مَعَ الأَهْلِ اسْتَطَابَا |
وَلا أَهْلٌ تُكَفْكِفُ عَنْ دُمُوعٍ |
وَلا رِحْمٌ لآهَاتٍ أَجَابَا |
فَلَمْ يَنْفَعْ مَعَ الخِلاَّنِ عَطْفٌ |
وَلا مَالٌ وَإِنْ تُكْثِرْ عِتَابَا |
قَلِيلٌ بَاتَ مَنْ يَحْيَا بِعَزْمٍ |
كَمَنْ خَبَرَ الشَّدَائِدَ وَالحِسَابَا |
وَلَكِنَّ الكَثِيرَ يَعِيشُ يَأْسًا |
وَيَقْطَعُ مِنْ مَزَارِعِهِ الشَّرَابَا |
وَإِنْ زَادُوا عَلَى السِّتِّينَ عَامًا |
يَعِيشُ جُلَّهُم فَزِعًا كِآبَا |
فَقَدْ يَحْيَا الشَّبَابُ خَرِيفَ عُمْرٍ |
إِذَا عَجَزُوا وَلَمْ يَعْلُوا الصِّعَابَا |
وَيَحْيَا كَالشَّبَابِ كَبِيرُ سِنٍّ |
إِذَا رَكِبَ العَزَائِمَ وَالمَهَابَا |
فَلا تَجْعَلْ مِنَ السَّبْعِينَ عَامًا |
سُيُوفًا تَرْتَوِي تَعْلُو الرِّقَابَا |
وَعِشْ عُمْرَ الخَرِيفِ شَبَابَ قَلْبٍ |
وَكُنْ فِيهِ كَمَنْ أَحْيَا الهِضَابَا |
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ وَطْرًا |
لأَجْعَلَ مِنْ ثَوَانِيهِ العُجَابَا |
وَأُمْسِكَ بِالأَظَافِرِ وَالثَّنَايَا |
جَلابِيبَ الشَّبَابِ إِذَا اسْتَجَابَا |
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ إِذَا تَوَارَى |
فَلَنْ يُرْجَى لَهُ يَوْمًا مَآبَا |
• • • |
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ وَهُمْ شَبَابٌ |
فَخَيْرُ النَّاسِ شُبَّانٌ تُصَلِّي |
صَلاةَ الفَجْرِ شَوْقًا وَاحْتِسَابَا |
وَخَيْرُ الزَّادِ فِي الدُّنْيَا صَلاةٌ |
لِشُبَّانٍ وَهُمْ رَهَبُوا العِقَابَا |
فَفِي الدُّنْيَا شَيَاطِينٌ وَلَهْوٌ |
وَلَذَّاتٌ حَوَتْ شَهْدًا وَصَابَا |
فَيَنْسَى النَّائِمُونَ عَلَى حَرِيرٍ |
بِأَنَّ مَصِيرَهُمْ يَبْقَى التُّرَابَا |
وَأَنَّ إِلَى السَّعِيدِ عَظِيمَ حَظٍّ |
إِذَا حَسُنَ العِبَادَةَ وَالصِّحَابَا |
وَأَفْنَى عُمْرَهُ عِلْمًا وَفِعْلاً |
وَإيمَانًا وَصَبْرًا وَاحْتِجَابَا |
سَيَنْجُو وَالجِنَانُ لَهُ مَآبٌ |
إِذَا جَعَلَ الصَّلاحَ لَهُ رِكَابَا |
وَأَنْ يَمْضِي الشَّبَابُ بِنُورِ هَدْيٍ |
وَأَنْ يَجْعَل مِنَ التَّقْوَى نِصَابَا |
وَأْلَجَمَ صَابِرًا بِالصَّبْرِ نَفْسًا |
عَنِ اللَّذَّاتِ أَوْ فِعْلِ المُعَابا |
وَيَخْتِمُ مُحْسِنًا إِنْ عَاشَ كَهْلاً |
وَقَدْ أَعْمَى العُيُونَ بِهِ وَتَابَا |