عشت عمري قبل منك يوم
ومّا جتلي تاني عشته كله ف يوم
فزعت من نومي ليلا. غير متدثر بلحافي أنظر إلى السقف بدرًا. يقولون إني نسّاي. لا أنكره. ذلك أني أعشق الطيران بفكري بلا أجنحة.
ذهني شارد. لا أكاد أقعد على مكتبي الأبنوسيّ حتى أقوم. أجوّل في غرفتي. فصالتي. فجميع شقتي. لم أفلح في دراسة الطب. وكيف
عساني أفلح وأنا يمنعني ذهولي من المذاكرة المتواصلة ساعة!؟.
انظر قلبي!. إنّ ذهول عقلي للحظات لا يخوّلك حقا في التعلق بفتاة حسناء. تعلق محفوف بخناجر تحيط بشرايينك الأبكار. تخال نفسك
تستطيع الانفراد بالمضيّ في حياة تزرعها الأشواك!؟.
ألا لا بأس عليك. لكن بالله عليك دعنا نتناقش في جدوى حب المُحاليْن. المتضاديْن. المتنافريْن اجتماعيًا ومظهريًا.
هي حسناء قلنا آنفا. تريد جلب وصف أبلغ؟. إذن قل لي أنت. لا تدافعني. ما رأيكِ بصفة الروعة يا روعي. هي رائعة روعة هي
روعة الآفاق. هي النسيم وأجزم أنّ اسمها نسمة. هي الربيع وما عداها رُمَضاء. هي ترائبي المتلجلجة لمرآها. هي تِرب أترابي التي
اخترتها بل سحرُها الفتان اصطادني. هي حبيبتي.
آه ذهِلتُ وأنا أناجي قلبي فتوحّد المتناجيان.
عودوني عودوني عليك أحبك عودوني
عودوني وعلموني هواك
انضمامُ صوتِ عقارب الساعة إلى صدري زاد من عدد الدّالين في أذني. أولى دقاتها استفزاز. وثانيها انتباه. وثالثها تضييق عيون.
ورابعها احتجاج!.
قمتُ مهرولا إلى السّاعة لولا أنْ سبقتني إليها يداي وتناولتْها أصابعُها فارتعشت بدقتها الأخيرة قبل انتزاع بطارية انتعاشها.
أألهتني الساعة بدبيبها أم أني بتفكيري الشارد ألهيت دبيب قلبي بها؟. أليس من العبث العيش في عشق وَرْديّ يزيد حالتي سوءً ويمدّ
ذهولي بحورًا؟.
فتحت باب شرفتي فأشرفتْ عليّ النجوم الثواقب بالتماعها المبهر فابتدرتها منشدًا:
أيا نجومَ مالي وقد فتنَ قلبي
أم أنتِ بمنأى عن فتنةِ حُبي
قلب واحد إللي حاسس بيك
هوّ قلبي العاشق إللي دايب فيك
فجأة انتفضت ثنايا قلبي. فارتعدت ترائبي. وخيّل إليّ أنّ ترقوتيّ ستنخلعان.
بطلعتها البهيّة كانت أمامي وقد غاصت قدماها في ندف السحاب الهائمة. بدا الفجرُ وهو يتسحّب فوق البيوتِ طرحة رأس لها حمراء.
أيا ساحرة كيف فعلتِها؟. أم أنكِ ملك سارح بأمر من ربّ العالمين سبحانه وتعالى الذي صوّركِ تطوفين بلاده على سحابه.
تنثرين حلاوة روحك وطلاوة نظراتك ورحيق نسماتك على عباده الزّمنى المحتاجين؟.
حَوْراء أنتِ بلا تكحّل ولا تصنع. هيفاء أنثى بلا كبر وبلا مبالغةٍ.
مش بخاطري مش لاقيلي حلول
غصب عني عيوني علمتني أقول
رفعت ساقي وصعدت حاجز شرفتي التي لم تعد. تدغدني نسائمها كلي. ألا بعد ذلك من تفكير؟. الآن أرنو إلى الشرود. هو مُرادي.
جنتي!. لن آبه بعد اليوم بمن يجدُبُني. ومن يجدُبُني وأنا بصحبة أجمل إناث الدّنيا؟. أقف على الحاجز الفاصل بين فناء وخلود. أتطلع
إلى وجهها الناصع الشفاف البديع المقسوم. لا أصدّق أني سأنال إربي آنفا. أرخيتُ مآبضي وتركتني أسبح معها شاردًا كعادتي!.
أحمد منتصر- ربيع الأول 1428
أغنية عودوني كلمات: عبد المُنعِم طه.
غناء: عمرو دياب.
شكرٌ كبير للعزيزة: هبة صلاح.