منّا من يخشى من أضلاع المثلث الرّهيب الذي يمسح معالم المجتمعات دون رحمة ؛ الجهل ، الفقر ، المرض . ومنّا من يخشى إحدى القمم المثلث، حيث يلتقي اثنان من أسباب المعضلة ! أما أن يخشى البعض متانة القوائم الدّاعمة للنهضة والتّنمية، فهذه ظاهرة جديدة على عاالم اليوم...
وقد لا يقبل القارئ هذه الصورة لما فيها من الغرابة، غير أنه يحسّ أثَرها عليه، وينتابه التساؤل في جوٍّ من الحيرة، وتُلحُّ عليه رغبة معرفة السّبب الذي غدا يعصف بكل محاولات إعادة ترتيب أوراق طموحاته وأفكاره، بصورة تجهد فكره جون طائل. وذلك ما جعل عموم المتلقّين يُقبلون على السهل من الكتابات الأدبية والإنتاجات الفنّية، حتى وإن ضَحّتْ بالشكل وبمتانة البناء مقابل المضمون الذي بات يتأرجح بين العبثية وصبغ السّراب بلون الماء!
رسالة الأدب لم تتغير ولا أعتقد أنها ستتغيّر إلا لأسباب لم توجد بعد في عالمنا، وقد أثْرتْ تلك الرسالة المجالات الفكرية والعلمية منذ غابر الأزمان، وساهمت في حركة التطوّر البشري بشكل فعّال تحت ظروف ما تزال رواسبها ملموسة إلى يومنا هذا؛ ماثلة في مقصّ الرّقابة الذي يتجاوز القواعد والقوانين الراسمة للخطوط الحمراء في كل بلد وفي كل مجال وفي كل اتجاه!
أقف احتراما لمن يرسُمون خطوطاً حمراء ويبقون منسجمين مع قواعد تنظيمية سُنَّتْ منْعاً للخروقات والانحرافات الناجمة عن النُّزوع إلى الذّاتية وإلى الأغراض الشخصية؛ وأرفع صوتي صارخاً في وجه من يسيئون فهم تلك القواعد والقوانين، بل يسيئون تطبيقها، ويشوِّهون صور الواقع في عين الرقابة، خوفا من العلم، من المعرفة، خوفا من أن يُخْرَجوا من دائرة الجهل :" إين عقولكم؟!"