بسم الله الرحمن الرحيم
أنظمة ....؟!!!!
منذ انهيار الدولة العثمانية و تفككها و بداية قيام الدويلات و الدول و الأنظمة التي نشأت على إثر ذلك في المنطقة العربية ـ و دول الشرق الأوسط على وجه الخصوص ـ ، بدأت شعوب هذه الدول مسيرةً انتقلت دائماً من سيءٍ إلى أسوأ و من تجربةٍ إلى غيرها ، حتى أن بعض أنظمة دول المنطقة قبلت بأن تلعب دور الكرة في أقدام اللاعبين حيناً مع هذا و أحياناً مع ذاك ، فأصبحت كقطعة الشطرنج التي يحرك عليها اللاعبون قطعهم بغض النظر عن مصلحة تلك الدول أو شعوبها ، فجربنا خلال عقد و نيف من الزمان ما لم تجربه أي دولة أو منطقة من العالم ، فانتقلنا من أحضان الاشتراكية إلى الرأسمالية و من الدكتاتورية إلى الديكتاتورية المستنيرة إلى القومية إلى ما يسمى بالديموقراطية الخ الخ الخ الخ ، حتى أننا أصبحنا في بعض الأحيان إن لم يكن كلها نعمل بطريقة - MULTI SYSTEM – العظيمة .
جربنا كل الأنظمة ما أخترع منها و ما لم يخترع حتى أصبحنا رويداً رويداً بلا هوية و لا رؤية مستقبلية واضحة ، و أدخلت تلك التقلبات المواطن البسيط في طاحونة بلا نهاية حتى أصبح لا يأبه لشيء طالما أن ذلك لن يؤثر على لقمة عيشه بشكل مباشر ، و أصبح المعارضون يهددون الأنظمة بالاستعانة بقوى خارجية بشكل مباشر رضخ من رضخ و أرضخ من لم يرد ، حتى أصبحت المنطقة في سباق محموم لتجميع النقاط و نيل الرضا و إن اضطرتهم الظروف في سعيهم لذلك للتآمر على بعضهم البعض أو تدبير المؤامرات و ألعاب الصغار .
و خلال هذه الفترة كان يظهر هنا و هناك من يقول بأن الإسلام يدعو في أصله إلى هذا أو ذاك ، فإذا كان تيار النظام شيوعياً ظهر من قال بأن الإسلام في أصله يدعو إلى الشيوعية و يحث عليها و أن دعم هذا النظام من الواجبات و يكفر من عارضه ، و إن كان التيار رأسمالي ظهر من يقول بأن الإسلام في أصله يدعو إلى الرأسمالية و يحث عليها بل و يوجبها و يأتي على ذلك بأمثلة إن لم تكن كذباً أو افتراءاً كانت رؤية من زاوية واحدة لأمر ما ، و إذا كان التيار ديموقراطي الشكل و المزاعم قال قائل بأن الإسلام ديموقراطي صميم و أن الإسلام أنزل النظام الديموقراطي منذ ما يزيد على ألف و أربعمائة قرن أو يزيد ، و إن كان النظام علماني ظهر أيضاً من يقول بأن الإسلام يوجب عدم تدخل الدين في إدارة شؤون الدولة و أن كل من يدعو إلى ذلك أو يطالب به هو كافر ملحد يشوه صورة الإسلام و المسلمين ، و الناس بين هذا و ذاك أصبحوا كما يقول ممثل مشهور – أنا إلي يحكمني أسقفله و أدعيله – و أصبحت هذه هي الثقافة المتأصلة في شعوب منطقة الشرق الأوسط بشكل عام .
أيها السادة إن النظام الإسلامي ليس نظاماً شيوعياً أو ديكتاتورياً أو حتى ديموقراطي ، إذ أنه ليس من الأنظمة الوضعية التي تذهب و تعود و تتطور و تضمحل و يُتلاعب بها ، إنه نظام قائم بذاته له قوانينه و دستوره و حدوده و روابطه و نظمه الجزئية و العامة ، نظام جاهز عجزنا نحن عن أن نفهمه أو نطبقه ، لا لعيب فيه و لكن لعيوب فينا ، نظام خلقه من خلق نظام الكون فلا اصطدمت الذرات و لا تلامست ملايين المجرات و مليارات النجوم ، نظام حين طبقناه كنا سادة و حين ذهبنا عنه أصبحنا عبيدا ، هكذا و بهذه البساطة التي انتقلت بها عيناك بين سطر و آخر كنا و أصبحنا ، و لقد ضرب الله لنا مثلاً ببني إسرائيل حين طلبوا أن يستبدلوا المن و السلوى بالفول و العدس و البصل و الثوم و هكذا أيضاً فعلنا نحن ، استبدلنا قانون الخالق بقانون المخلوق و بدل أن نكون عبادأ لله أصبحنا عباداً لعبيد .
حال تبكي و وضع يهين من لم يزل في قلبه المقطع المهلهل ذرة من إسلام ، لماذا نعيب على البعض تجارتهم بالدين و نحن نشتري و نبيع حلاله و حرامه و فتاواه في دقائق المحطات و مسابقات الهواتف الجوالة ، أو لهذا الحد؟؟؟!!! و الله لقد هنا على أنفسنا فهنا على الناس كما قال الحبيب صلوات الله و سلامه عليه حين وصف لنا العلة و الدواء " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .