أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: ابن الجيران

  1. #1
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ابن الجيران


    ابن الجيران ( قصة من أرشيف ثورة )

    لا أدري متى أحببتُك.. هل عندما اندهشت طفولتى وأنا أغوصُ في زرقةِ عينيكَ، أحاول أن أعرف لماذا هما مختلفتان عن كل العيون التى أراها وتراني؟ أم عندما ابتهج صباي بابتسامةٍ منك، وامتلك طيفُك الباسم كل مساحات خيالي؟ هل أحببتُكَ يومَ رأيتُك الأجملَ بين الجميع؟ أم أنني رأيتك هكذا لأني أحبُك؟

    سمعتُ الزغاريد تنطلقُ من بيتكم، فانقبض صدري وانتابني حزنٌ شديد.. خرجتُ إلى شرفتي لعلى أراك.. ورأيتُك وقد تركتَ كل المهنئين ووقفتَ وحيداً في شرفتك، شارداً مهموماً .. والتقت عينانا، ولكني لم أهرب كما كنتُ أفعل كل مرة.. أردتُ أن أملأ عيني منك، وأن أتزود لوحشةِ أيامٍ قادمة.. ابتسمتَ لي، فهربتُ منك من جديد.

    دق جرس نهاية اليوم الدراسي، وخرجتُ أحتضن حقيبتي وأخذتُ طريقي إلى البيت. وفي منعطفٍ عند نهايةِ سور المدرسة ظهرتَ أمامي فجأة.. تسمرتُ في مكاني، وتوهجت وجنتاي، و تسارعت دقاتُ قلبي، وصمَّت أذناي فلم أعد أسمع شيئاً، واختفي كلّ شيء من حولي، واختُزلت كلُّ الألوان في اللون الأبيض الذي كنت ترتديه.. بادرتني بابتسامتك الآسرة، وأمسكتَ يدي عندما هممتُ بالهروب.. لكنني هربت.

    رميتُ بحقيبتي على السرير وأسرعتُ إلى الشرفة لأراك.. رمقتني بنظرةِ عتاب: أهكذا يكون استقبالك لي بعد خمسةٍ وأربعين يوماً من الغياب؟

    توالى غيابك، وتباعدت وقصرت فترات حضورك .. وتلاشت ابتسامتك شيئاً فشيئاً.. حتى عيناك المدهشتان اعتقلتَهما خلف نظاراتٍ سوداء. ماذا فعلت بك البدلةُ البيضاء؟

    كنتُ أهرب من هجيرِ غيابك إلى واحة الأحلام حيث أنا وأنت معاً نضيفُ إلى قاموس الحياة معاني جديدة للسعادة .. كنتُ في أسعد أحلامي أراني وأنت، بثياب الزفاف، وقد تناثرت حولنا الزهور من كل الألوان، وعبقت روائح البخور بالهواء من حولنا، وحجبتنا أدخنتها العاطرة عن العيون، وأنا غارقة في زرقة عينيك بنفس الدهشةِ الطفولية القديمة، وأنت تحيط خاصرتي بذراعيك كي لا أعاود الهروب..

    وتحقق حلمي.. وجاء يومُ زفافي.. والتقينا بعد سنين الغياب.. وعندما أمسكت يدي، لم أر من وجهك سوي عينيك الزرقاوين المدهشتين.. ولم تر من وجهي سوى عينين ألهبهما دخان الغاز المسيل للدموع.. طوقت خاصرتي بإحدى ذراعيك، وكانت الأخرى تفرق بالسلاح جموع الثائرين .. وعندما أفقتُ من دهشتي حاولتُ الهروب.. أي قوةٍ تلك التي دفعتُك بها فأسقطَتك وحررَتني من أسرك؟ ... هل كان يجب عليّ حينها أن أنزع الكمامة عن وجهي لتعرف أنني أنا جارتك الحبيبة، قبل أن تخترق الرصاصة قلبي لتفرغه من حبك إلى الأبد؟


  2. #2
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    بسرد ماتع وحبكة محكمة وأسلوب شائق الى نهاية رسمت اللم بالاحمر العريض
    للقدر فلسفة لا يعلمها الا هو
    جميلة حد الحزن
    كل التقدير
    بوركت

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    تلك الملابس البيضاء كانت تخفي داخلها زي العسكري..

    أما قصة الحلم الذي لا يزال يعيش في البطلة .. فلم يقض عليه الا رصاصات الظلم وهي تنطلق ولا تميز بين حق و باطل .
    الأخت هنا : قصة جميلة و سرد قوي .
    كان أسلوب الحوار والخطاب المباشر بليغا في إيصال دلالات النص .
    تقديري و تحيتي .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    مافعلته البذلة البيضاء به ربما كشفت وأزاحت عنه قناعا حاول اخفاء ملامحه وراء نظارته السوداء ولكن أراد الله أن يريها ذلك من وراء كمامتها وهي تُزفّ للشهادة
    موجعة بلغة رشيقة ماتعة فشكرا لك أديبتنا الفاضلة ونهاية مباغتة أجدت من خلالها نقل الصورة
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 6,061
    المواضيع : 182
    الردود : 6061
    المعدل اليومي : 0.91

    افتراضي

    أي قوةٍ تلك التي دفعتُك بها فأسقطَتك وحررَتني من أسرك؟ ... هل كان يجب عليّ حينها أن أنزع الكمامة عن وجهي لتعرف أنني أنا جارتك الحبيبة، قبل أن تخترق الرصاصة قلبي لتفرغه من حبك إلى الأبد؟

    السلام عليكم
    ما عرفها ,,ولا أحس بحبها ,
    تعامل معها كما يتعامل مع حجر أصم ,
    قصة جميلة تحكي عن تجمد المشاعر الآدمية في أوقات الحروب ,
    واجبه قد ألغى كل شيء من مشاعره ,حتى واجبها تجاه وطنها ,
    ما أقسى هذه الدنيا ,
    ارتاحت منها ومنه ,
    لها الجنة ان شاء الله
    ماسة

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    "طوقت خاصرتي بإحدى ذراعيك، وكانت الأخرى تفرق بالسلاح جموع الثائرين"
    هذه الصورة وحدها حكاية موجعة اختصرت مشاهد من الثورة
    والزي الأبيض ليس فقط لكوادر الخدمات الطبية كما خيل لي في بداية النص، فهو في خاتمة النص يتكشف عن زي رجل الأمن الذي فرّق بسلاحه جموع الثائرين ... فهل خرجت من فوهة سلاحه هو تلك الرصاصة التي أنهت حياتها؟

    يعجبني سردك الشائق يا هناء، وقدرتك على الإمساك بخيوط الحبكة وفرض سلطان حرفك على القارئ يحمله إلى حيث يريد النص بفكرته ..
    الخاتمة صاعقة ومؤثرة

    دمت بخير غاليتي

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    نهاية مؤثّرة!
    سرد جاذب غنيّ بالصّور والأوصاف العبّرة
    أمسكت بالأنفاس حتّى النّهاية
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  8. #8
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2014
    المشاركات : 842
    المواضيع : 4
    الردود : 842
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    أعجبتني فكرتك وأسلوبك
    لكني لم أفهم لماذا طوق خصرها بذراعة، هذه حركة محب وليست طريقة الشرطي في جرّ معتقلة!

  9. #9
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2014
    المشاركات : 638
    المواضيع : 5
    الردود : 638
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    قصة كتبت باحتراف، وفكرة قادمة من خيبة الشعوب بأجهزة الأمن الوطنية
    سرد مشوق وحبكة قوية وخاتمة صادمة
    أحييك

  10. #10
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    نص مائز بسرديته الرائعة ولغته السامقة وخاتمته المباغتة
    قص محترف وكاتبة متمكنة وسرد قوي مشوق لقصة
    مليئة بالإثارةـ معبرة ومؤثرة ومؤلمة
    لك التحايا العاطرات وكل الأعجاب. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. طالعة من بيت ابوها رايحة لبيت الجيران
    بواسطة عنترنيت في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-06-2020, 04:13 PM
  2. كتب شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم الجوزية
    بواسطة حسنية تدركيت في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-03-2010, 03:30 PM
  3. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك كتاب الكتروني
    بواسطة آمال المصري في المنتدى المَكْتَبَةُ الأَدَبِيَّةُ واللغَوِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-11-2008, 05:06 PM
  4. بنت الجيران
    بواسطة عيسى الدفراوي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-01-2006, 07:37 PM
  5. أفكار دعوية... مع الجيران....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24-06-2003, 07:56 PM