بموافقةٍ وتحريضٍ من الجميع قرَّرَ أن يقتله, ويريحهم من تحركاته المكوكية الدائمة سراًوجهراً...كثرةاللف والدوران قد تورث فارسها الخطر في أحيانٍ كثيرة ما لم يلتزم الحذر , ويخطط لتلافي الوقوع في المحظور بوعي وتبصر0 اشتد غيظ صاحبنا من نشاط فارس الميدان الغبي هذا عندما راح صغار السيد يصرخون ويتراكضون في مملكته الشاسعة خشية هجومٍ مفاجىء يطال به أمنهم ويهدد سعادتهم أثناء جريه الطائش فوق الأرض... الجميع يصرخ اقتله.. أرحمنا منه... سيؤذينا إن لم تفعل ذلك... لا تتركه يفلت منك... لم نعد نشعر أمناً بوجوده... بعض العيون نزفت دمعاً , وبعض البطون أفرغت زادها اشمئزازاً وقهراً, والطائشُ يترنح يميناً ويساراً كالمخمور لا يدري عن مصيره المنتظرشيئاً.
هناك مقولة لا أدري مدى صحتها تفيد بأن قبيلة فارس الميدان تعودت منذ القدم أن تدفع بالمغضوب عليه من أولادها إلى خارج حماها للخلاص منه كبيراً كان أو صغيرا, فالخارجُ إلى دائرة الضوء مقتولٌ لا محالة
والعائدُ مولود وما أندره بينهم .. لكن قد يأتيه عفوٌ إن جاءهم بصيد ثمين ,وقلَّ ذلك في تاريخ أمَّته. هذه العادة الرهيبة في الانتقام كما يقال يعرفها الجميع هنا, وقد يتعرض لها أي فرد من السكان دون تفريق بين أبناء العشيرة الحفاة الذين يمتازون عن سواهم م بالصبر الطويل على الجوع, والتخفي في الظلام , وقد يأكلون الخشب إن هم فقدوا الطعام , وقد يجترون اللاشيء إن تعذَّر وجود الشيء, و شهرتهم بطول الشنب ملأت الآفاق , ولكنها رغم ذلك لم تبوِّأهم مكانة مرموقة بين الرجال .
مازلت عينا الراصد تتبع بحذر تحركات الفارس الغبي.. إنه تحت مراقبته الخارقة النظرات .. أحس الراصدُ قرفاً أعقبه إحساسُ بالضَّجرِ مما وجد نفسه فيه أمام مطالبة الجميع بإعدامه دون رحمة...هو جديربالموت كما يقولون لترك المكان خالياً لهم دون سواهم. الراصد القوي يستطيع من مجلسه أن يقضي على قبيلة الفارس كلها بضغطة إصبع .. لا لن يفعل ذلك خشية ما قد ينتج عن تلك الضغطة من آثار جانبية قد تضرّ صحياً بالخائفين من أتباعه المدللين . قرر إخلاء الساحة منه بطريقة أكثر حضارة لا تؤذي سوى الضحية بعد أن ضاق بلفه ودورانه ذرعاً وبمناشدة الآخرين له بقتله صدراً ...نهض عن كرسيه ....خطا خطوتين كان حذاؤه في الثالثة فوق ا ل.. ص..ر.. ص.. و.. ر.
قصة بقلم
بنت البحر
يكفيكم فخراً فأحمد منكم ***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن