سأتعرى اليوم أمامكم جميعا ....سأتعرى من جميع حالات اللطف المصطنعة وسأكتفي بان أكون أنا...
لم اعد من أولئك الذين يجيدون دائما إيجاد الأعذار لكم .. ولم يعد لدي القدرة على ارتداء مساحات شاسعة من القلق والخوف عليكم جميعا ولم يعد في قلبي غرف شاغرة للبحث عنكم حينما لا ترغبون بالمضي قدما معي...
ذاكرتي العجيبة في تذكر كل أحداثكم الصغيرة منها والكبيرة اليوم سأمحوها دون أي ندم ... وأكثر ما سأندم عليه استيقاظي باكرا في محاولة لمفاجأتكم والحصول على ابتسامة قد تهدوني إياها على عجل...
اقتربوا مني ... فهناك كم من اللعنات ستكفيكم جميعا...
رغبتي في استجداء عطفكم اليوم سأستبدلها بكثير من الرفض... وكل قصاصة ورق حملت يوما أحرفا من أسماءكم سألقيها دون أي شعور بالذنب... لم اعد تلك الكبيرة التي عليها دائما أن تتحلى بالقوة والشجاعة والتي ينتظر منها الجميع أن تتصرف بحكمة ..وأنكم مهما فعلتم ستهديكم وردة في نهاية اليوم تخفف عنكم شعوركم بالذنب والألم...
كميات اللطف غير المبرر التي كنت ارتديها سأخلعها اليوم على عجل وسأستبدلها بحماقة طفلة صغيرة لا تجيد سوى البحث عن أشيائها الصغيرة وأكثر ما يعنيها أن تختتم حفلتها اليومية بإغفاءة على صدر يعانقها دون أن يطلب إليها أن تخفي صوت أنفاسها ليرتاح هو....
دفتر يومياتي الملون بكل الألوان عدا الواني اليوم سأخفيها وسأستبدلها بدفتر يوميات لا ينتمي لأحد... قصصكم التي كنت استمتع بروايتها ... اعتذر فبعد اليوم لن اروي غير حكايتي انا فقط....
سأكف البحث عنكم ... وسأكتفي بالجلوس خلف طاولتي اكتب قصة جديدة وارسم لوحة أخرى لا تحمل في ثناياها إلا أنا... سأغادر بكل أنانية وسأكتفي بان أكون أنا وحدي دون أن اسمح لأحد بالسفر معي...
حقائبكم التي اعتدت حزمها لتمارسوا حريتكم فوق جثماني واجلس أنا هناك وحدي في كل محطة ابحث عنكم اشتري وردة حمراء وانتظر ... قطار ما يعبر تلك المحطة... ارقب كل أولئك العابرين والمهاجرين والمسافرين العائدين ... ابحث في أعينهم عن عيني ..تلك التي أهديتك إياها قبل رحيلك ووعدتني أن تحفظها... لأفاجئ بك... رجلا يحمل من تفاصيل الكون أكثرها... ويضيع لون عيني....
وابحث عنك....
ارحل من محطة إلى أخرى... واكتفي بشراء فنجان قهوة... ودفتر ورق ابيض... لأدون عليه يومياتكم جميعا... وقصص نجاحكم وخيباتكم... واحتضن كل أولئك الذين يشعرون بقسوة القدر.. وارسم أعين كل أولئك الذين يشعرون بالسعادة والحزن... وأنا وحدي... من أقف بسذاجة أنثى... انتظرك لتعيد اليّ نور عيني...
لن اطلب منك مسامحتي مجددا... حين أتلو عليك كل خيباتي... ولن استجدي منك لقاء يعيد اللي حياتي... أعدك أن ابحث عن ذاتي مجددا لتقوم دونك... وان ابدأ اليوم دفتر يومياتي دونك... وان أعلن عن افتتاح معرض لا يحمل إلا صورتي أنا فقط...
صورة بفستاني الأحمر... وأخرى بفستاني الأسود وأخرى فيها حقيبتي وبقايا علبة الواني وحكايتي معك... وسأحصل على حريتي مجددا... دون أن اطلب إليك أن تعيدها اليّ...
كل بوابات قلبك لن تقف حائلا بيني وبين كل حكاية كتبتها ذات ليلة لأهديها لي... وكل طائرة ورقية تمنيت أن أرسلها في الفضاء...وكل قصاصة ورق كتبتها على عجل وتمنيت أن تقراها وتشاركني شعوري بها...
سأخلع كل أحلامي تلك التي أخبرتك أنها لن تكون إلا معك... وسأعلن تمردي على كل قانون قدت به مملكتي... وكل قلادة أهديتني إياها لتكون قدري .... وسأكتفي بالنظر إليك ليلا والابتسام....
لن اذرف الدموع... ولن أخبرك عن حاجتي إليك... وسأكتفي بكتابة قصص الأطفال وقصص الفرسان الثلاثة... وحكاية القمر... ولن يكون في حكايتي أميرة تبحث عن أمير أو فاتنة تبحث عن رجل يعيد إليها تفاصيل الحياة أو صغيرة تبحث عن رجل يهديها القدر...
سأتعرى من كل وعودي الحمقاء... تلك التي كلما استمعت إليها أصابك النعاس... وشعرت على حين غرة انك ترغب في النوم أو مغادرة المكان... سأتعرى من الاعتراف في كل فرصة عن حاجتي إليك وعن أحلامي تلك التي لن تكون إلا معك وسأتخلى عن سذاجتي في البوح لك في كل فرصة تسنح لي أني احبك...
كم حلمت أن تنظر في عيني وتخبرني أني صغيرتك التي كنت تنتظر واني حبيبتك التي من اجل عينيها ستكتب الحياة ومن اجل الحصول عليها ستحارب الكون... وستنتصر....
صدقني لست من أولئك اللاتي يحلمن أن يعشن أسطورة ولست من أولئك اللاتي يعتقدن أن الحياة مجرد عبارات من قصاصات ورقية كتبها كثير من أولئك الذين كانوا يشعرون بالوحدة في محاولة لاستنهاض بطل ورقي يهديهم ذواتهم من جديد ... ولست من أولئك الذين يجيدون تلوين العبارات في محاولة لجعل العالم أكثر ملائمة لأحلامهم وقصصهم البطولية غير المنتهية...
كل ما أنا ... صغيرة ترغب أن تجري إلى صدر يعانقها بين يديه ويهديها ذاتها حين يسلبها الكون كل يومياتها التي كانت تحتفظ بها.... صغيرة تبحث عمن يهديها عينيها مجددا بعد رحيل كل ضوء كان يوما في حياتها وكل قطار وعدها بالتوقف في محطة حياتها...
كل ما أنا عليه صغيرة تشعر بالوحدة... وان الكون ما عاد ينتمي إليها ...حتى أنماط الموسيقى التي كانت تشعرها بالانتماء باتت تشعرها أكثر بحاجتها إليك... خائفة تسير وحدها تحت المطر بحثا عنك... تخاف من ارتشاف القهوة ومن قراءة الجرائد ومن كل صفارة قطار... تخاف أن تغمض عينيها ليلا...ليستيقظ الصباح ويخبرها انك ما عدت هنا....
اشعر بالتعب من الانتظار... اشعر بالتعب من شراء الورود الحمراء... واكبر أحلامي أن أغمض عيني واراك تأتي من هناك... تجري إليّ لتأخذني بين ذراعيك وتنظر في عيني... وتهمس لي احبك...لتهديني مجددا لون عيني...
اشعر بالتعب... ودفتر يومياتي يقارب على الانتهاء... فساعدني أرجوك... أهدني ورقا ابيض... وعانقني بقوة بكلتا يديك... لأدون يومياتي مجددا... وهذه المرة عدني...أن تكون معك....