الشرفاني..
العنوان جذبني وبدا لي وكأنه يختزل في مضمونه يوميات شخص، ومع ان العنوان ذاته لم يكن ليوحي بانها يوميات عادية وانها تخص مسارا محددا، حيث العنوان يحتمل التأويل والاحتمالات الا انه كان بلاشك يوحي بيوميات صعبة ومبعثة للوجع والالم في ذات الكاتب.
بدت لي الاقصوصة هذه وكأنها مذكرات شخصية ارادنا الكاتب ان نقف عليها ونحللها حسب رؤيتنا لنتخذ موقفا من الحدث العام فيها، ولكن الشرفاني نفسه عاد في النهاية ليخبرنا بانه اخفى الحقيقة التي هي حقيقة الامر ليجعلنا نبدوا امام الحدث تائهين لانعرف سوى هجرها له، وتركها له، وهي التي تظهر لي جليا بانها انما كانت حبيبة واسطورة مبعثها الخيال او مبعثها النت، لانهما وحسب صياغة الاقصوصة لم يكونا قد رأى بعضهما الاخر الا من خلال اللقاء الذي جمعهما بعد ان اذاب الحب اوصالهما، وهذا ما يؤكده وصف الشرفاني لها بانها مجهولته، وتحليل القصص من هذا النوع يجعلنا نقع في متاهات الاحتمالات والتي دائما ما تنتهي بهكذا نهايات بالاخص اذا ما ادركنا بان عنصر اللقاء والرؤية والقرب والتهامس والتلاصق والتواجد والحضور العياني من احدى اهم سبل نجاح واستمرارية العلاقات من هذا النوع.
لذا فالاقصوصة منذ البدء اخذت تسير بنا نحو نهاية محتومة، والعنوان بعدما اوضح لنا بان نوع المآساة هي هجر وترك ورحيل، اصبحنا لانتوقع ان تنتهي القصة بغير ما انتهت عليه، ولقد اجاد الشرفاني في وصف مشاعره، وتلك المخالجات النفسية التي تراوده ، ومشاعره تجاهها، بحيث اصبح بالامكان فك اغوار ذاته تجهاها، وفي اللقاء اوضحت لنا هي الاخرى اغوارها، وان الاثنان معا انما ارادا من اللقاء النهاية، وليس بدء رحلة معا، ولقد وجدت الشرفاني يعاتب ضمنيا القدر وهي ايضا، والقدر هنا انما اتخذ وسيلة وسلاح لانهاء ما بينهما واقعا، وفي لقاء واقعي وحيد، وكانهما انما كانا يتخذنا من القدر ذريعة لاضفاء نوع من الصدق على مابينهما، متجاهلين بان دور القدر هنا انما كان مجدر عبور اللحظة الزمانية وضمن اطار مكاني، لتحديد نهاية النهاية اصلا، لان ما بينهما انما بدء من النهاية ولم يكن يحتاج الا للحسم النهائي.
الشرفاني الجميل...
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار