في مطعم بالمدينة..جلس أحمد إلى طاولة الطعام بجوار "جاك" ..كان أحمد يمسك بالشوكة والسكين بطريقة تختلف عن "جاك"، إذ كان يبدو متوترا وغير قادر على التحكم في الأداتين..وسرعان ما تخلى عنهما مفضلا استخدام أصابعه..أما "جاك"، فواصل تناول طعامه، دون أن يخفي ابتسامة، أدرك أحمد معناها، ولكنه لم يعلق عليها..
قال أحمد: - الشوكة والسكين ستجدهما من بين أدوات مطبخ منزلنا ..لكن على مائدة الطعام لا أحضرهما.." ثم واصل حديثه قائلا ل"جاك" : " الوجبة التي أفضلها هي "الكسكوس"..هل تود تناولها معي هذا المساء بمنزلي؟.."
مساء نفس ذلك اليوم جلس أحمد وكل أفراد أسرته يحيطون بمائدة الطعام ..أمسك "جاك" بملعقة خشبية وشرع يأكل دون أن تحظى ملعقته بمكان تستقر فيه،فقد تجولت في أنحاء الإناء الأربع..وعلى عكس الجميع مد أحمد أصابعه نحو الإناء الذي كان البخار لا يزال يتصاعد منه، فأدخلها في هضبة الكسكوس الساخن،ثم أخرجها وكأنه يقبض على كرة صغيرة تسع حجم كفه..وفي داخل فمه كانت كرة الكسكوس تتجه لتقع في شباك معدته..حاول "جاك" أن يفعل فعل أحمد بالكسكوس، فلم يفلح، الأمر قد يكون صعبا ، لكنه لايحتاج إلا إلى مثل ما تحتاجه كرة "الكولف" من تركيز..واصل المحاولة مرارا وتكرارا دون جدوى..وبقدر ما كان يحاول من جديد، بقدر ما كان الجميع يغرق في الضحك..بل كانت ذرات الكسكوس تتناثر فوق المائدة خارجة من الأفواه..متساقطة من الملعقات بفعل شدة الضحك..أحس "جاك" أنه أمام مأدبة طعام ذات طقس خاص بل شعر وكأنه في احتفال جماعي شيق..