كان يسير على عجلِ متأبطًا رزمة كبيرة من الأوراق فيها جلّ ما كتب ، دلف إلى القاعة ؛ حدّق في ساعته ، فتغيرت ملامح وجهه ، ومالت إلى السواد بعض الشيء ، رمى الأوراق على الطاولة العريضة ، وعبثًا حاول أنْ يجد نصّه المراد ، بحث عنه لكنّه لم يعثر عليه ، قرّر أنْ يكتبه مرّة أخرى " من أين أبدأ ؟ " تساءل في غضب " نعم ؛ نعم لقد تذكرت " و بدأ يكتب بشكل محموم ، الوقت يحاصره ، ها قد انتهى أخيرًا ، سلّم النصّ وجلس ينتظر وقد انفرجت أساريره تمامًا ، وبدا عليه الارتياح ، ثمّ بدأت الأصوات ترتفع ؛ تناقش وتحلّل ، ثمّ هدأت ليسود بعدها صمت مهيب خيّم على الوجوه ، تخلّلها همهمات وهمسات شابها التوتر و القلق ، وهو جالس بكل هدوء وبرودة أعصاب ، فقد كان واثقًا من إمكانياته ، ولم يشك أبدًا في قدراته ، مرّ الوقت سريعًا ، انفض الجمع من حوله ، وما زال ينتظر .