أحدث المشاركات
صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 68

الموضوع: حدائق الايمان فى حرب رمضان

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي حدائق الايمان فى حرب رمضان

    حلقات مسلسلة عن حرب العرب الكبري

    فى أكتوبر عام 1973 م
    ومدى تألق الايمان وعزم الجهاد فى أيامها العشرين


    كثيرة هى أنهار الحبر المسكوب فى وصف تلك الموقعه ..
    كانت ولا زالت تتواصل بالرغم من مرور ثلاثة وثلاثين عاما على وقوعها ..
    فى كل عام .. فى مثل هذا الوقت من العام ..
    بالذات هذا العام الذى تتقارب فيه المناسبة بموعدها الأصلي .. فتصافح أيام رمضان أيام أكتوبر
    فى كل عام ..
    تنهال الكتب والدراسات فى ختلف الأكاديميات العسكرية والسياسية والصحفية فى محاولة لالقاء الضوء على أسرار تلك الحرب
    كل ما كُـتب ولا زال يكتب عبارة عن سطور دهشة .. وحروف انبهار غير محدود ..

    كلها يتساءل ..
    وما من اجابة ..
    كلها يصرخ ,..
    كيف وقعت .. كيبف سارت .. وكيف صارت .. وكيف نبغت ..؟!!

    يحاولون بما لديهم من المنطق .. تفسير معجزة تجاوزت حتى حدود المنطق ..
    وندرة ..
    ندرة من المحللين والكتاب هى تلك التى توصلت الى السر ..
    وان كانوا جميعا لم يسلطوا الضوء عليه بما يكفي ..

    فاتهم سحر العقيدة الاسلامية .. الذى سفر بوجهه فى صيحه " الله أكبر " انطلقت من حناجر أكثر من مائة ألف مقاتل مصري ومثلهم أو يزيد قليلا على الجبهة لسورية ..
    " الله أكبر .. "

    صيحه جبارة .. لم تصدر بها الأوامر
    ولم تعرفها الاستراتيجية العسكرية العالمية .. ولم تدرك معناها أو تأثرها
    فقط أدركها العدو يوم العاشر من رمضان .. السادس من أكتوبر عام 1973 م فى أشد أوقات الظهيرة حرا وقيظا ..
    أدركها وهو قابع خلف تحصيناته الفولاذية ,,
    فاذا به يترك مواقعه ويخف هاربا من هؤلاء القوم الذين أرهبوا النيران ولم يرهبوها ..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    كان يوما من أيام الله ..
    اجتمعت فيه وله .. كل أسباب الجهاد .. فتمخضت روح الاسلام عبر حدائق الايمان التى ملأ عبيرها أجواء العرب .. فأعادهم الى عهد مضي ..
    وكُـتب لهذا الجيل أن يحقق بل يخلق تاريخا جديدا للعروب والعروبة ..


    فإلى كل دمعه تأثر على كل خد عربي أو مسلم .. أهدى هذه الدراسة ...


    خطة الدراسة ..

    ما أحاول تقديمه هنا .. ليس بدراسة شاملة أو أكاديمية عن حرب أكتوبر ..
    فما أكثر ما أُريق من أنهار الحبر وصفا وتأكيدا على حدوث المعجزة الحربية ..
    وانما هو دراسة للجانب الايمانى فى المعركة .. مشبعا قدر الامكان بالأسرار والتفاصيل والتى ستجدون معظمها ان شاء الله .. أسرارا غير مطروقة أو على الأقل لم تـُطرق من قبل لأنها ما زالت حديثة الكشف بعد طول بيات فى الخزائن السرية حتى جاء موعد اعلانها من عام 2000 م وحتى اليوم ..
    فى اعادة واجبة لأسرار التفوق العسكرى العربي فى ذلك اليوم الى الايمان العارم فى أعماق المقاتلين ..

    لأن أيام الحرب العشرين ... ما كانت معجزة حربية غيرت المفهوم الاستراتيجى للحرب العسكرية .. بقدر ما كانت معجزة ايمانية .. لو يُـدرك المنصفون ...
    وسأحاول الحديث تباعا عن النقاط التالية ..

    أولا ..
    نبذة ومقدمة عن نكسة يونيو عام 1967 م ..
    ثانيا ..
    حرب المخابرات كأحد نوابغ العمل الأمنى على مر العصور فى خطة التمويه الاستراتيجى
    ثالثا ..
    بطولات الأسلحه المختلفة بالأمثلة الكافية على الجبهتين ضد نظائرها من قوات العدو
    رابعا ..
    أثار حرب أكتوبر بالاجمال ثم بالتفصيل فى تغيير المسار العربي بالكامل
    خامسا ..
    البطولات الفردية لأناس غيروا مسارات الحرب بذواتهم

    مصادر الدراسة .

    كما سبق القول عن حرب رمضان .. فهى الحرب التى غيرت مجرى الاستراتيجية العسكرية فى العالم أجمع وتفوقت بآثارها فى جميع المجالات ما أتت به الحرب العالمية الثانية كما سنرى .
    ومن الطبيعى أنها كانت موضوعا شديد الخصوبة للكتاب والمحللين فى شتى أنحاء العالم ..
    ولغرض فى نفسي ..
    جعلت معظم المصادر التى لجأتُ اليها .. مصادر أجنبية ..
    والهدف الرئيسي لهذا كان تطبيق القول العربي المأثور
    الحق .. ما شهدت به الأعداء ..

    والسبب الثانى .. الاستفادة من كومة الوثائق السرية التى حان وقت الافراج عنها منذ عامين أوثلاثة طبقا لقانون الوثائق فى معظم دول العالم والذى يسمح بتداول تلك المعلومات بعد مضي ثلاثين عاما .. تطول أو تقصر طبقا لأهمية الوثيقة ..

    لنلقي الضوء على ما قاله الغرب وشهدوا به على أنفسهم
    اضافة الى بعض الكتابات العربية القديرة من المحللين العرب والذين شرحوا لنا بدقة مدى تلك الحرب وآثارها ..

    وتلك المراجع باختصار هى ..

    أولا ..
    كتاب عشية التدمير " للمحلل العسكرى الأمريكى هوارد بلوم "
    ثانيا ..
    تحقيقات لجنة " أجرانات " والتى شكلت باسرائيل عقب الحرب لتقصي الحقائق وكانت عضويتها قاصرة على أعضاء الكنيست الاسرائيلي
    ثالثا ..
    مذكرات وزير الخارجية الأمريكى " هنرى كيسنجر " والمننشورة تحت عنوان " سنوات الفوران "
    رابعا ..
    كتاب " التقصير " أو " المحدال " باللغه العبرية وهو الكتاب الذى ألفه بعض العسكريين الاسرائيلين وتم تحليله بالعديد من المؤلفات العربية
    خامسا ..
    وثائق حرب أكتوبر الأمريكية والاسرائيلية المنشورة فى عدة مصادر
    من عام 2000 م الى عام 2003 م ..
    سادسا ..
    كتاب " أكتوبر السلاح والسياسة " للمحلل السياسي العملاق محمد حسنين هيكل
    سابعا ..
    كتاب " حرب أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية " للمفكر المصري جمال حمدان
    ثامنا ..
    كتاب " حرب أكتوبر بشهادة اسرائيلية " للكاتب المصري وجيه أبوذكرى
    تاسعا ..
    مذكرات المشير محمد عبد الغنى الجمسي قائد العمليات أثناء حرب أكتوبر وبطل محادثات فك الاشتباك المعروفة باسم " محادثات الكيلو 101 " ووزير الدفاع المصري فيما بعد
    عاشرا ..
    كتاب " كل شيئ هادئ فى تل أبيب " للكاتب المصري حسنى أبو اليزيد
    وأخيرا ..
    مقالات الكاتب والروائي المصري د. نبيل فاروق عن خطة المخابرات المصرية فى التمويه على العدو وخداعه حتى تمت الحرب

    فتعالوا بنا نتأمل قليلا ونتجول فى الأجواء الرمضانية بين حدائق الايمان التى أعادت للعرب جميعا ذكرى عهودا مضت كان فيه كل شيئ يحوطنا مردودا لأمر الله تعالى
    الإيميل الجديد للتواصل
    gadelzoghaby@hotmail.com

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الحلقة الأولى

    حرب يونيو .. والصحوة العربية ..


    التوقيت ..
    الصباح الباكر من يوم الخامس من يونيو لعام 1967م ..
    المكان ..
    الأرض العربية فى كل من ..
    شبه جزيرة سيناء المصرية ..
    هضبة الجولان السورية ..
    الضفة الغربية لنهر الأردن ..
    القدس الفلسطينية ..

    الحدث ..
    الجولة الثالثة فى الصراع العربي الاسرائيلي المرير ..
    النتيجة ..
    دحر القوات العربية كاملة .. واحتلال القوات المعادية للأراضي السابق ذكرها دونما أى مقاومة مجدية فى أسوأ كارثة عسكرية فى تاريخ العسكرى الحديث على وجه الاطلاق

    من الصعوبة بمكان ..
    أن يتصور غير المعاصرين لتلك الأزمة مدى طعم الهزيمة المر فى الحلوق .. كيف كان وما هى آثاره
    كانت صدمة مروعه ..
    ليست عسكريا فحسب .. بل على جميع المستويات دون استثناء ..
    دوامة كاملة من المرارة والحيرة ألقت بظلالها السوداء على بلاد العرب جميعا .. للتغير نظرة العالم اليهم ونظرتهم الى أنفسهم كذلك .

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    كانت صفعه مدوية ..
    حسبها اليهود ضربة قاضية .. غير أن المقاتلين كان لهم رأى آخر ..
    فما ان ذهبت الرجفة المريرة حتى امتدت الأيدى بكل اصرار ورغبة لتمسح الدموع عن العيون لتتأمل وتتدبر وتحاول استيعاب الضربة ..
    تحاول أن تجعلها ضربة موجعه .. لكنها ليست قاضية .. بل محفزة .. داعية القلوب والبصائر التى عميت للانتفاض على نفسها ومحاولة القيام والانتصاب مرة أخرى ..

    فهل نجحوا فى ذلك يا ترى ..


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    الصحوة


    كانت البداية عند مصر ...
    كما هو طبيعى فى العالم العربي أو كما يقال ..
    ان مصر اذا انتفضت انتفض العرب .. واذا نامت نام العرب ..
    كانت الانتفاضة هنا فارسها الفارس المصري والمواطن البسيط ..

    التقت العيون الشاحبة يوم التاسع من يونيو .. يوم اكتشاف الأكاذيب وانهيار سياسة التضليل عقب خطاب الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذى أعلن فيه التنحى نتيجة للهزيمة الساحقة التى دمرت القوات المصرية وتعرضت بها لما يشبه الابادة للأفراد والمعدات ..

    كانت الانتفاضة على مرحلتين ..
    مرحلة عند الجبهه ..
    عند رأس العش .. حيث رفضت مجموعه المقاتلين بهذا الموقع الاستجابة لأمر الانسحاب العشوائي الذى صدر قبل أن تكون هناك حربا من الأساس
    وأجبروا العدو على التراجع أمام بسالتهم المطلقة ..
    ومرحلة أخرى
    فى أعماق الشعب المصري .. وبغض النظر عما ان كان خطاب التنحى من قبيل اللعبة السياسية من الرئيس المصري الا أن الشواهد القاطعه تشي أن الشعب المصري أجل الحسالب نهائيا الى ما بعد الافاقة ..
    كان لسان الحال يقول ..
    " الى أين تذهب الآن .. ابق وفيما بعد يحين الحساب "
    وفى فترة قياسية مدهشة ..
    تم اعادة البنية المتبقية من الجيش عقب التخلص من الفساد الضارب بأعماقه فى القوات المسلحه بمحاكمات مختلفة وتطهير صارم .. وتولى الفريق أول محمد فوزى رئيس الأركان المصري وزارة الدفاع ليبدأ التنظيم الجديد وفق الأساليب العسكرية الواضحه
    وانهالت المساعدات العينية والمادية من سائر الدول العربية وكان أولها تبرع الجزائر بعدد من طائرات الميج السوفيتية لتدعيم سلاح الطيران لدى دول المواجهة ..
    وفى فترة ومرحلة متقدمة .. وصلت القوات المصرية التى كانت تشارك فى معارك اليمن أو فلنقل مهزلة اليمن !!

    لتسرع باتخاذ موافعها على جبهة القتال .. وتبدأ ملحمة كبري ومعركة لا تقل روعتها عن حرب التحرير التى تلتها وأعنى بها حرب الاستنزاف التى استمرت من عام 1967 م الى عام 1970 م عند قبول القيادة المصرية لوقف اطلاق النار سعيا لاستكمال حائط الصواريخ الدفاعى لحماية العمق المصري من الهجمات المتدنية التى انتهجها العدو قاصدا بها المدنيين ردا على ضربات المصريين فى حرب الاستنزاف ..
    أى أن مصر دخلت أجواء حرب النكسة دون حائط صواريخ دفاعى يحمى العمق من هجمات عدو يعتمد بصفة أساسية على سلاح طيرانه البالغ التفوق !!

    حرب الاستنزاف .. 1967 الى 1970 م


    بدأت فى أكتوبر التالى للنكسة مباشرة .. وكان أبطالها من رجال الجيش المصري الذين استيقظت همتمهم فى سرعه قياسية بالرغم من الضربة القاصمة لهم والتى تحدث عنها المراقبون العسكريون قائلين بأن مصر تحتاج مائة عام لكى تفيق وتستعيد توازنها لحرب جديدة ..
    وهناك معلومات مختلطة يجب ايضاحها هنا ..
    ومنها أن استعداد العدو للحرب القادمة عن طريق اقامة تحصيناته المختلفة .. كان استعدادا جبارا وان كان لم يصمد أمام العزيمة المصرية ..
    فأنشأ العدو خطوطا مختلفة التحصين بطول الجبهة وعمقها اضافة الى المانع المائي بالغ الصعوبة المتمثل فى قناة السويس

    والخلط الواقع هنا والذى يجب ايضاحه كما يقول مفكرنا الكبير جمال حمدان ..
    هو أن خط بارليف المنيع لم يكن خطا واحدا ..
    بل خطين ..
    تم تدمير الأول خلال حرب الاستنزاف تدميرا تاما ..
    ليعود العدو الى تأسيس خط بارليف الثانى بأسس دفاعية صلبة تفوقت بألف مرة على الخطوط المماثلة كخط سيجفريد الألمانى وخط ماجينو الفرنسي فى تطبيق لنظرية الحرب الدفاعية والتى كانت سقطت منذ الحرب العالمية الثانية ..
    وأمام خط بارليف كان الساتر الرملى الذى يرتفع بمقدار عشرة أمتار ويبتلع ضربات المدفعية مهما بلغت قوتها .. وخلف خط بارليف كانت توجد خطوط دفاعية أخرى على مراحل متباعدة من عمق الجبهة ..

    ليتنشي العدو بدفاعاته وتحصيناته وتبدأ الحرب الاعلامية الرهيبة لتدمير الروح المعنوية للمقاتلين والجماهير
    الا أن حرب الاستنزاف أعادت الروح وصمدت أمام الدعاية الاسرائيلية بعد عدد من العمليات فائقة الابهار وبطولات سطرتها الصفحات المشرقة على الجبهتين المصرية والسورية ..
    وتعددت عمليات الابرار والاسقاط الجوى للقوات المصرية خلف خطوط العدو قاصدة مواقعه ومدمرة اياها مما أصاب القيادة الاسرائيلية بالجنون ...



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    واضطر موشي ديان لاحتمال التأنيب الرهيب الذى صبه على رأسه " جيمس أنجلتون " وكيل المخابرات المركزية الأمريكية المسئول عن العلاقات الاستراتيجية بين الحليفين

    وان غضب القيادة الأمريكية مستعرا نظرا لبطولات حرب الاستنزاف ونتائجها المدوية والتى تراوحت بين تدمير المدمرة " ايلات " بقارب طوربيد لا يساوى ثمنه ثمن محرك واحد من محركات تلك المدمرة .. اضافة الى السلاح والذخائر التى تم تدميرها فى الضفة الشرقية للقناة بعمليات الصاعقه المصرية ..
    وسجلت اسرائيل اسم الأبطال الذين هزوا سمعه جيشها هزا .. وكان على رأسهم
    العقيد ابراهيم الرفاعى

    الذى عبر بمجموعته الفدائية عشرات المرات محققا نتائج عسكرية وانسانية مذهلة .. واكتلمت بطولته باستشهاده فى أول أيام الحرب تاركا خلفه تاريخا مجيدا ..
    وفى ذلك الوقت ..
    كانت القيادتان المصرية والسورية تنسقان الجهود لبدء ملحمه التحرير ..
    وكانت الأنظار ترقب وتنتظر القرار السياسي ببدء العمليات فى نهاية عام 1970 م .. وهو الموعد الذى كان يخطط له الرئيس عبد الناصر واضعا فى ذهنه اسم الفريق عبد المنعم رياض رئيس الأركان فى ذلك الوقت كقائد ووزير حربية أثناء المعركة ..
    ويتدخل القدر ..
    ويـُستشهد الفريق عبد النعم رياض فى الجبهه فى نهاية عام 1968 م ..
    ويصاب عبد الناصر بالاحباط المرير .. لوفاة القائد الفذ ... وأيضا لتفجر الخلافات بينه وبين القيادة السوفيتية حول صفقات السلاح التى تعطل بدء المعركة , ..
    وثالثة الأسافي
    كانت تفجر أحداث أيلول الأسود وما استتبع ذلك من ففرقة عربية فى وقت تحتاج فيه الأمة الى الصلابة أمام مقدرات القتال المفتوحه أمامها ..
    حيث كانت أحداث سبتمبر " أيلول " فى الأردن عقب تفجر وتصاعد الخلاف بين الملك حسين ملك الأردن فى ذلك الوقت وبين منظمة التحرير الفلسطينية ليبلغ الخلاف منحنى دمويا بعد تدخل الجيش الأردنى لتصفية الوجود الفلسطينى بالأردن ..
    وتنعقد القمة العربية فى سبتمبر 1970 م .. بعد قبول مبادرة روجرز والتى أنهت بها معارك الاستنزاف .. والتقي القادة العرب بالقاهرة .. وما ان انفضت القمة .. حتى جاءت وفاة الرئيس عبد الناصر تعطل قليلا الطموح العربي فى بدء القتال ..

    ويتولى الرئيس السادات مقاليد الأمور فى عام 70 .. ولكن ونظرا للخلافات السياسية علبى التركة المصرية بين القيادات المصرية المختلفة .. لم يصبح التولى فعليا الا بعد ازاحه مجموعه مراكز القوى عن الحكم عام 1971 ..
    وتولى حافظ الأسد رياسة الجمهورية السورية .. لتلتقي القيادتان المصرية والسورية على قلب رجل واحد سعيا وراء ازالة آثار العدوان ..

    ولكن ما الذى كان يسعى اليه العرب من الحرب القادمة ..؟!!

    أهداف معركة التحرير ..


    لم يكن النصر هو الهدف المطلوب أمام الجماهير العربية المختنقة الأنفاس منذ يوم الخامس من يونيو
    كما لم يكن هو الهدف الوحيد للمقاتل العربي البسيط ..
    كان الهدف رد الاعتبار ..
    وعكس نتائج حرب يونيو المخزية .. وتلك النتئج كانت تتمثل فيما يلي

    أولا ..
    إعادة الكرامة العربية المهدرة بعد أن هانت العروبة والعرب بين دول العالم وأصبح الانتساب الى العروبة داعيا للسخرية وتم تصويرهم على أنهم من مقاتلى الجمال والسيوف ولا يفقهون شيئا فى الحرب الحديثة ..
    ثانيا ..
    تم تدمير الجيش المصري ـ لا سيما سلاح الجو ـ على الأرض ودون أن يمنحه أحدُ فرصة القتال الحقيقية أمام الجندى الاسرائيلي فى ظل الضربة الخاطفة التى انتهجت فيها اسرائيل السياسة العسكرية الألمانية فى الحرب العالمية الثانية ..
    فكان المطوب الرد بالمثل .
    وذلك بالرغم من الفارق الضخم فى الحالتين ..
    فلم تكن ضربة اسرائيل ضربة متفوقة بقدر ما كانت ضعفا من خصومها ..
    أما فى حالة الرد .. فستكون المواجهة مع عدو متفوق وتكنولوجى فى كامل تألقه
    ثالثا ..
    أبطال المؤامرة الاسرائيلية فى يونيو .
    بداية من ليفي أشكول رئيس الوزراء وحكومته ووزير دفاعه موشي ديان وقادة وجنود الجيش الاسرائيلي .. ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية المتواطئ " ليندون جينسون " وادارته ..
    كان المطلوب كسر أنوف هؤلاء الذين حضروا التفوق الاسرائيلي واذاقتهم من نفس الكأس
    رابعا ..
    منح الفرصة الكاملة للجندى العربي المثابر والمصري بصفة خاصة .. منحه فرصة حرب مواجهة متكافئة ومباشرة لأول مرة فى تاريخ المواجهات
    فلم يسبق أن واجه العرب اليهود فى معركة قوة مباشرة على جبهات القتال سواء فى حرب 1948 م أو حرب السويس 1956 م .. أو حرب يونيو 1967 م ..

    فهل نجح العرب يا ترى فى تحقيق تلك الأهداف ..؟!

    نعم ..
    حققوها بل وزادوا عليها فى ملحمة بطولة .. ما زالت تقف شاهدة على شعب أحسن ترك الأمر لله .. وبذل جهده فأوفاه الله أجر المومئنين ..
    وكيف لا ..
    وقد أفاق المغيبون من فوتهم الطاحنه ومظاهر البطولة الزائفة ..
    حققوا النصر المؤزر فى معركة بدر الصغري ..

    فقط عندما استبدلوا كلمة .. " باسم الأمة " الى كلمة " بسم الله .. "

    على نحو ما سنرى فى قادم الصفحات ان شاء الله

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الحلقة الثانية ..

    حرب المخابرات كأحد نوابغ العمل الأمنى فى خطة التمويه الاستراتيجى


    السلاح الوحيد الذى انتصر بالنكسة ..


    من غرائب وعجائب الأمور فى شأن جهاز المخابرات المصري .. أنه كان الجهاز الوحيد الذى انتصر فى حرب يونيو ولم تناله الهزيمة .. !!
    وكان وللمفارقة السوداء ..
    هو الجهاز والسلاح الأكثر شعورا بصدمة يونيو .. !!

    وتفسير هذا التضارب .. يتضح فى أن جهاز المخابرات المصري أتى بالمعلومات الكاملة لحرب يونيو بشتى تفاصيلها ووضع تلك المعلومات رهنا لقيادته السياسية بعد أن اخترق جهاز المخابرات الاسرائيلي اختراقا شبه تام
    وهو بهذا أدى رسالته والمطلوب منه بالرغم من الفساد الذى كان قد استشري كنتيجة طبيعية لتسلط رئيسه الأسبق اللواء صلاح نصر ..
    وبهذا يكون جهاز المخابرات المصري هو السلاح الوحيد الذى انتصر فى كلا الحربين ..
    يونيو 1967م.. وأكتوبر 1973م ..

    وقصة جهاز المخابرات المصري تحديدا ..
    قصة ملحمة بطولة غيرعادية .. تعرضت للأسف الشديد لتشويه متعمد وظلم فاحش نتيجة لأفعال تم ارتكابها من بعض ضباطه .. أضاعت الكثير والكثير من انجازات هذا الجهاز الذى نبت فى ظروف شديدة الصعوبة ..
    ولنا أن نتخيل صعوبة المواجهة مع مخابرات العدو .. عندما نعرف الفارق الضخم على جمع المستويات بين جهاز المخابرات المصري " م ـ ع ـ م " وبين نظيره الاسرائيلي " الموساد " أو مؤسسة الاستخبارات ..
    وتوجد مقولة تاريخية توضح الفارق الضخم ملخصها
    " أن الدولة المصرية أنشأت المخابرات المصرية .. بينما أسست المخابرات الاسسرائيلية الدولة اليهودية .. "
    وتلك مقولة صادقة تماما .. لأن الموساد سابقة فى التأسيس على الدولة اليهودية ذاتها فى سابقة تاريخية غير قابلة للتكرار ..

    فكل ضباط المخابرات الاسرائيلية كانوا من المحترفين والمتدربين على علوم المخابرات وعملياتها نتيجة لخبرتهم الكاسحه فى أجواء الحرب العالمية الثانية
    ومع ذلك .. ومنذ أن صدرت الأوامر من الرئيس عبد الناصر الى السيد زكريا محيي الدين بضرورة العمل على انشاء جهاز مخابرات مصري يعمل على حماية الأمن القومى المصري فى مواجهة العدو المتفوق والمتنوع فى أجهزته الأمنية " الموساد ـ الشين بيت ـ أمان "

    وعلى يد عدد من ضباط القوات الجوية المتمرسين بدأت نواة الجهاز وحفرت تلك المجموعه فى الصخر سعيا وراء المراجع المؤهلة لتلك العلوم الفريدة فى عالم الأمن وبدأت مكتبة جهاز المخابرات المصري تكتظ شيئا فشيئا بالمراجع المتخصصة والتى عكف عليها أوائل الضباط وكان أبرزهم

    عبد المحسن فائق ـ محمد نسيم ـ شعراوى جمعه ـ حسن صقر ـ صلاح نصر ـ وغيرهم ..

    وتمضي السنوات ويتشكل جهاز المخابرات على أحدث الأسس المعروفة لهذا العلم .. ويحقق عمليات ناجحه ومبشرة بمقاييس تلك الأيام ومقارنه بالظروف المتعسرة التى صاحبت انشاءه ..
    ثم تأتى قضية الانحراف التى تسبب فيها صلاح نصر والذى يعد أول رئيس فعلى لهذا الجهاز الأمنى بالغ الحساسية وينتهى الأمر الى محاكمته هو ومجموعته فى قضية انحراف المخابرات الشهيرة ..

    وتأتى اللحظة الفارقة فى تاريخ الجهاز ...
    عندما يتم اسناد عملية تطهير واعادة الانضباط للجهاز الى محمد نسيم
    " قلب الأسد " وهو البطل المصري الاستثنائي فى هذا المجال وواحد من الندرة الذين حفروا اسما شهيرا فى العالم أجمع بعملياته الفذة خاصة قبيل وأثناء الاعداد لحرب رمضان
    ويتولى أمين هويدى رياسة الجهاز ..
    وتبدأ عملية الاعداد والتمويه على العدو فى اطار الخطة الموضوعه للتحرير ..
    اضافة الى تكثيف الجهود فى اطار عملية الجاسوسية والجاسوسية المضادة
    والجاسوسية
    هى عملية الحصول على أسرار العدو .. بينما الجاسوسية المضادة هى منع العدو من فعل العكس ..
    وتتهاوى عشرات الشبكات التجسسية التى وقعت فى يد المخابرات المصرية ..
    وتنشط شبكة العملاء والضباط خارج مصر لاجابة متطلبات القيادة السياسية فى خطة الاعداد للحرب
    وكان دور المخابرات المصرية فاعلا على مرحلتين ..

    الأولى ..
    الاعداد طيلة السنوات الست ..
    الثانية ..
    البدء الفعلى لخطة الخداع الاستراتيجى فى بداية عام 1973 م ... بعد أن حددت القيادة السياسية هدفها فى تلك السنة لادراك النصر ..

    المرحلة الأولى

    الاعداد ..

    وفى تلك المرحلة .. أسندت الى محمد نسيم قيادة عدد من العمليات بالغه الحساسية كان لها أكبر الأثر فى النصر فيما بعد حيث تولى اعادة تدريب وتأهيل العميل المصري الأشهر رفعت الجمال على أسلوب التخابر وفق متطلبات العصر وتم تدريبة على استخدام أجهزة الاتصال اللاسلكية بدلا من الأحبار السرية لسرعه انجاز المعلومات وزيادة فى الأمن له

    وتمكن رفعت الجمال بعد تدريبه من محمد نسيم ومراقبة عبد العزيز الطورى ضابط الحالة المختص بعملية رفعت الجمال من الوصول بهذا الأخيرؤ الى مستوى رجل المخابرات المحترف
    وتصاعدت مكانته فى المجتمع الاسرائيلي لتغرق المخابرات المصرية فى فيض رهيب وبالغ الثراء من المعلومات فائقة السرية كان أبرزها على الاطلاق

    • خطوط وتحصينات ورسومات خط بارليف كاملة ..
    • مواقع أنابيب النابالم الحارق والتى تم انشاؤها بطول القناة وقد تمت العملية بمعاونة رفعت الجمال لفريق المخابرات المصري القائم بالعملية ..
    • تحركات القوات الاسرائيلية ودرجات استعدادها كاملة
    • صفقات التسليح بتفاصيلها بالغه السرية
    • الايقاع بضابط المخابرات الاسرائيلي " ايلي كوهين " الذى تمكنت المخابرات الاسرائيلية من زرعه فى قلب القيادة السورية كنائب لوزير الدفاع تحت اسم " كامل أمين ثابت " حيث تمكن الجمال من اكتشافه ليبلغ المخابرات المصرية ويطير محمد نسيم ومعه ملف ايلي كوهين كاملا الى الرئيس السورى فى ذلك الوقت ليتم اعدام ايلي كوهين فى أكبر ميادين دمشق وكانت ضربة صاعقة أدرات رؤوس الاسرائيليين طويلا ..

    وقام محمد نسيم أيضا بتنفيذ عملية الحج والتى دمر فيها رجال الضفادع البشرية الحفار الكندى
    " كينتنج " فى ميناء أبيدحان بساحل العاج مع نهايات عام 1968م ..
    وكانت اسرائيل قد جلبت الحفار سعيا لقتل الروح المعنوية المصرية .. وكان تدمير الحفار دفعه معنوية هائلة للشعب العربي بأكمله

    وتتواصل الجهود

    وتكتشف المخابرات المصرية عميلا سوفيتيا فى قلب اسرائيل وهو الدكتور " اسرائيل بيير "
    والذى كان يشغل عددا من المناصب الهامة فى المؤسسة العسكرية الأسرائيلية ويعمل أيضا كمعلق عسكرى فى جريدة " هامشمار " اضافة الى عمله كأستاذ متفرغ بجامعه تل أبيب "
    وكان اكتشافا مذهلا أحسنت المخابرات المصرية استغلاله ببراعه فائقة حين تمكنت من تجنيد عشيقته الأوربية " ريناتا "
    والتى كانت تتبعه وتنقل ما يقع تحت يدها من عمله أولا بأول الى المخابرات المصرية أى أن الرجل كان يعمل لحساب مصر دون أن يدرى واستمر هذا المسلسل المثير حتى تم اكتشاف أمره ..

    وتنجح المخابرات المصرية أيضا فى زرع النقيب " عمرو طلبة "
    فى قلب جيش الدفاع وهو الذى كانت له بطولة مشهودة فى أول أيام الحرب حين رفض رفضا باتا التخلى عن موقعه فى الجيش الاسرائيلي على الجبهه قبيل قيام الحرب
    حيث كانت المخارات المصرية قد أرسلت اليه بضرورة مغادرة موقعه الى نقطة محددة مسبقا لتلتقطه قوات الجيش الثانى الميدانى
    فرفض تماما بعد أن شعر أن تلك الأوامر تعنى بدون شك أن القوات على وشك بدء الهجوم واستمر فى موقعه يغذى الطائرات المصرية وقيادته بمعلومات من قلب الجيش الاسرائيلي أثناء الساعات الأولى للمعركة .. ليستشهد هناك تحت وابل القنابل الذى صبه الطيران المصري بطول الجبهه

    ويتمكن ضباط المخابرات المصرية بمساعدة بدو سيناء وأطفالهم فى كشف مواقع ونقاط القوة والضعف للعدو فى قلب سيناء وكان نجم تلك المهمه طفل لم يتعد التاسعه من عمره وكان لدوره عظيم الفضل فى معركة التحرير ليستقبله الرئيس السادات بنفسه تكريما له

    وترسل المخابرات المصرية عميلا فذا آخر فى عملية عرفت باسم العراف ويتمكن ضابط المخابرات المصري من زرع نفسه فى المجتمع الاسرائيلي كأحد العرافين الموهوبين ليتسلل شيئا فشيئا الى مجتمع جنرالات جيش الدفاع حتى يحوز الثقة المطلوبة فيتمكن من اختراق الهدف المطلوب ويعود به سالما الى قيادته بالقاهرة ..

    وتأتى أيضا واحدة من أبرز العمليات قاطبة ..
    حين تمكنت المخابرات المصرية من زرع عميلة أوربية نجحت فى التعرض لأحد العاملين بالمصانع المنتجة لمادة النابالم الحارقة وكان الحصول على عينه منها ضروريا لمعركة العبور لأن الجيش الاسرائيلي لم يكن يستخدم النابالم الصافي بل كان يستخدم تركيبا معقدا كان من الأهمية بمكان معرفة آثاره بالتحديد لايجاد حل للتعامل معه حين يتم البدء فى العمليات
    وهكذا تعددت البطولات بلا حصر كلها فى خلال تلك الفترة الحافلة من أكتوبر 1973 الى بدايات عام 1973 م .. كمرحلة تمهيدية فى خطة الحرب والتمويه



    ويتبقي لنا من معركة المخابرات خطة الخداع الاستراتيجى والتى بدأت مع بداية عام 1973 م ..


  4. #4
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    والآن مع المرحلة الثانية من حرب المخابرات فى اطار وقائع وأحداث معركة العرب الكبري


    المرحلة الثانية ..


    معركة المخابرات و خطة الخداع الاستراتيجى والتى بدأت مع بداية عام 1973 م ..


    بعد مرحلة الاعداد العام وتجهيز الساحه لتوافر المعلومات اللازمة لاتمام معركة العبور ..
    ومع بدايات عام 1973 م ..

    بدأت مرحلة الاعداد للتمويه على موعد الحرب الذى بدأت خطواته الأولى فى التحديد مع تولى الرئيس حافظ الأسد للمسئولية فى سوريا وانطلاق مدى التعاون العربي لحده الأقصي بعد طول غياب فى المظهرية حيث لم يسبق للعرب اطلاقا أى نوع من التعاون الجدى قبل حرب رمضان !!
    واجتمعت القيادات المصرية والسورية واتفقت على المبادئ العامة لتحديد خيوط المعركة العريضة والتى كانت تزداد تخصيصا كلما مر الوقت
    وفى مقر قيادة القوات البحرية المصرية بالاسكندرية
    اجتمع الوفد العسكرى السورى
    برياسة اللواء مصطفي طلاس وزير الدفاع السورى
    وعضوية كل من
    اللواء يوسف شكور رئيس أركان الحرب ـ اللواء ناجى الجميل قائد القوات الجوية ـ اللواء حكمت الشهابي مدير المخابرات الحربية ـ اللواء عبد الرازق الدرديري رئيس هيئة العمليات ـ العميد فضل حسين قائد القوات البحرية

    والوفد المناظر له بمصر
    برياسة الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الحربية
    وعضوية كل من
    الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس هيئة أركان الحرب ـ اللواء محمد عبد الغنى الجمسي رئيس هيئة العمليات ـ اللواء محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى ـ اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية ـ اللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية ـ اللواء فؤاد ذكرى قائد القوات البحرية

    واتفق الوفدان على التكامل والتنسيق الكامل فيما بينهما للاعداد للمعركة وتم الاتفاق على تولى المشير أحمد اسماعيل قيادة جبهة المعركة للجيشين المصري والسورى
    ومع مضي الوقت طلبت القيادة السياسية تحديد عدة مواعيد للحرب المنتظرة .. وقامت اللجنة المشتركة بين القيادتين بتحديد المواعيد وبرز فيها الفريق محمد عبد الغنى الجمسي رئيس هيئة العمليات بمصر حيث دوًن بخط اليد المواعيد التى تم الاتفاق عليها بين الوفدين وخطة كل موعد وسبب اختياره بما عـُرف فيما بعد " بكشكول الجمسي "
    وكانت المواعيد الثلاثة كالتالى
    مايو 1973ـ سبتمبر 1973 ـ أكتوبر 1973 م ..

    وكان التقييم العسكرى يميل لأكتوبر تحديدا لموافقة الظروف ومناسبتها من جميع الجهات لبدء العمليات العسكرية هو ما انتهى اليه الأمر فعلا فيما بعد
    وتجدر الاشارة الى أن الأقوال التى ظهرت فيما بعد حول أن سبب اختيار السادس من أكتوبر هو موافقته لعيد الغفران عند اليهود " عيد كيبور " كسبب منفرد هو أمرٌ غير صحيح لأنه سبب من الأسباب فقط

    كما أوضح ذلك الفريق الجمسي فى مذكراته حيث كانت ظروف المد والجزر مناسبة اضافة لتوافر خاصية الليل الطويل بما يخدم العمليات وأيضا الليلة المقمرة ..

    عند تحديد الموعد
    بدأت أخطر عملية تمويه فى الحروب الحديثة بكل مقياس عسكرى ومنطقي
    اشتركت فيها وقادتها المخابرات العامة المصرية والمخابرات الحربية المصرية بالاشتراك مع نظيرتها السورية ..

    الخطوة الأولى
    بدأ فريق العمل بجهاز المخابرات المصري وضع عوائق التنفيذ التى من الممكن أن تعترض سرية العمليات وكان مطالبا بجهد خرافي
    لأنه وببساطة كان مُـكلفا بتوقع كل شيئ ومعالجة كل قصور مهما كان تافها أو بسيطا
    مع الوضع فى الاعتبارأن أجهزة المخابرات العربية تواجه جهازين عملاقين ..
    الاسرائيلي والأمريكى بكل ما يمتلكانه من خدمات التكنولوجيا الفائقة ووسائل الرصد الغير عادية .
    وتم عرض العوائق واجمالها فيما يلي

    أولا .. أقمار الرصد العسكرى الأمريكية والتى وضعت فى خدمة حليفتها لرقابة الجيشين المصري والسورى بما يجعل الاستعداد والحشود قبيل المعركة أمرُ محكوم بانتشاره
    ثانيا .. معدات العبور القادمة من الخارج وكيفية ادخالها لمصر دون رصد من عيون العدو
    ثالثا .. محطة الانذار المبكر التى أنشأها العدو بقلب سيناء وهى قادرة على التقاط قيام الطائرات والقاذفات من مطاراتها وقبل وصولها للجبهه مما يؤثر على مبدأ المفاجأة ويعرض القوات لضربة اجهاض
    رابعا .. إخلاء المستشفيات المدنية قبيل المعركة .. وهو إجراء حتمى لإيجاد أماكن لجرحى الحرب ما كان هذا الاجراء بالاجراء الذى يخفي على الرصد
    خامسا .. طرح أحد رجال الفريق مشكلة الاظلام التى تصاحب أيام الحرب عادة وكيف أن الأسواق المصرية تفتقد الى المصابيح اليدوية التى يستخدمها المواطنون فكيف سيتم استيراد تلك المصابيح دون أن تلفت نظر العدو
    وهل البديل عدم استيرادها من الأساس
    سادسا .. الاتصالات اللاسيلكية التى تتم بين الوحدات المقاتلة وبين قيادتها ومن الممكن فك شفرتها بسهولة .. وكانت العقبة هنا فى السلاح البحرى والذى تحتم العمليات ضرورة ابحار الغواصات قبل الحرب بيومين كاملين لتتخذ أماكنها فى مضيق باب المندب لضرب أى سفن امداد وتموين فى طريقها لميناء ايلات
    سابعا .. درجة الاستعداد واستدعاء الاحتياطى وهو اجراء حتمى بطبيعه الحال ومن السهل رصده

    وقامت المخابرات المصرية بحل العوائق واحدة تلو الأخرى كالتالى بالتنسيق مع المخابرات الحربية وهيئة عمليات القوات المسلحة ..

    وبدأت الخطوط العريضة لعملية التمويه عن طريق البث الاعلامى ونشر التخاذل الحادث بين أفراد الشعب الذى اقتنع أن حكومته تساومه على الحرب دون نية حقيقية لها
    وبالرغم من خطورة هذا الاحساس وتلك المشاعر الا أن المخابرات العامة فضلت هذا لأن الشعور الساخط العام من الشعب والمتروك من القيادة السياسية دون تشجيع هو خير دليل على انعدام النية للتحرك العسكرى
    وتفجرت المظاهرات العارمة الساخطة من الشعب خاصة من شباب الجامعات الذى كان لا يجد أمامه الا الخروج من الجامعه ثم الالتحاق بالخدمة العسكرية دون نهاية لهذا الأمر
    كما تقلقت الحشود بالقوات المسلحة التى أهلكت نفسها تدريبا واستعدادا .. وبدأ التساؤل ينتشر عن موعد التحرك لا سيما أن حالة اللاسلم واللاحرب طفح بسببها الكيل بعد قبول مبادرة روجرز عام 1970 م والتى أوقفت حرب الاستنزاف التى كانت تمثل نوعا ما تدافعا فى أماج الأحداث أفضل كثيرا من حالة السكون المقيت ..

    وعندما استوى المسرح الشعبي بشعور السخط المدمر

    بدأت المخابرات العامة فى وضع الحلول النهائية للعقبات السالف ذكرها كالتالى ..

    أولا ..
    بالنسبة لأقمار الرصد العسكرى الأمريكى تمكنت المخابرات العامة عن طريق عملائها الغير عاديين من الحصول على الخرائط الكاملة وتوقيت مرور الأقمار العسكرية الأمريكية على مصر
    وبواسطة الخبراء تم تحديد مسار بالغ الدقة تتخذه الحشود والمعدات للجبهة أشرف عليه اللواء الجمسي وكانت الأوامر مشددة بالالتزام الحرفي بالتحرك والوقوف طبقا للخطة المعدة حتى تم الأمر ومرت الحشود من تحت أنف القط الأمريكى ..
    وبالنسبلة لجحافل وأرتال الدبابات والمدرعات
    تم طرح الحل ببساطة عن طريق تسريب معلومة للعدو توضح أن ورش اصلاح الدبابات والمدرعات تم نقلها للخطوط الأمامية وهو الأمر الذى أضحك الاسرائيليين كثيرا لما يمثله نقل ورش الاصلاح للخطوط الأمامية من حماقة
    بيد أن من ضحكوا صعقوا عندما اصطدموا بالواقع المرير وتبينت الخدعه أن الدبابات التى ظنوها فى طريقها للاصلاح عبر الشهور الماضية على الحرب كانت فى الواقع فى طريقها للتمركز بأماكنها استعدادا لبدء العمليات

    ثانيا
    وبالنسبة لمعدات العبور . تم وعن طريق التعمد تسريب معلومات مضللة للعدو تشي بأن الخبراء المصريين قدروا لمعدات العبور كمية تفوق ثلاثة أضعاف الكمية المطلوبة وتم استيراد تلك الكمية المهولة بالفعل وعلى نحو علنى وتم القاؤها على أرصفة ميناء الاسكندرية بشكل يوحى بالاهمال الروتينى الحكومى وظلت بأماكنها تلك مخزنة على هيئة أشكال هرمية
    وما لم يدركه العدو أن أسلوب وضع المعدات كان شديد البراعه الى حد يفوق التخيل حيث أعدت المخابرات العامة مصاطب على الميناء تم القاء الكميات الزائدة من معدات العبور عليها بحيث توحى بضعف حجمها ..
    أما الكمية المطلوبة للعبور فعليا فقد أخذت طريقها للجبهه وتم اخفاؤها فى الهياكل الخشبية للدبابات والمدرعات والموضوعه عمدا أمام ناظر العدو .. ليبدو الأمر وكأن تلك الهياكل معده لخداع الاسرائيليين ليقوموا بضربها وبالطبع لم يقم الاسرائيليون بمهاجمتها وهم يسخرون من العقلية العسكرية المصرية ..
    وعندما حانت لحظة العبور عض الاسرائيليون بنان الندم أنهم لم يضربوا تلك الهياكل التى كانت مجوفة من الداخل وتحمل فى بطنها معدات العبور كاملة ..

    ثالثا
    وبالنسبة لمحطات الانذار الموجوده بقلب سيناء تم اعداد الخطة بحيث تقوم كتيبة من أفراد الصاعقة المصريين يتم اسقاطها قبل المعركة بيوم كامل خلف خطوط العدو لتقوم تلك الكتيبة بمهمه تدمير وتعطيل تلك المحطات وهو ما تم بنجاح فائق ليفاجئ العدو مفاجأة كاملة وهو يري سلاح الطيران المصري فوق رأسه فجأة بعد ظهر يوم العاشر من رمضان

    رابعا
    وبالنسبة لاخلاء العدد المطلوب من المستشفيات للحرب .. تم الاخلاء بخدعه بارعه شاركت فيها جريدة الأهرام بالاتفاق مع الكاتب الصحفي القدير محمد حسنين هيكل رئيس مجلس ادارة الأهرام ورئيس تحريرها حيث نشرت الأهرام تحقيقات مطولة عن تلوث بعض المستشفيات التعليمية الكبري مثل مستشفيات الدمرداش بفيروس السل .. وسلطت الضوء على الطبيب البارع الذى اكتشف الأمر بالصدفة ..
    ثم تساءلت الأهرام فى معرض تحقيقاتها سؤالا منطقيا
    ماذا عن بقية المتستشفيات وما هو موقفها من التلوث ؟!
    وبناء على هذا قام وزير الصحة باصدار أوامره بضرورة اخلاء المستشفيات المشكوك فى اصابتها بالفيروس والعمل على تطهيرها
    وهو ما تم بالفعل وتم اعلانه رسميا ونشرت التحقيقات والصور التى توضح عمليات التطهير التى تجرى على قدم وساق
    وما ان حان موعد الحرب حتى كان العدد المطلوب اخلاؤه رهن الطلب

    خامسا ..
    وبالنسبة للمصابيح وتوفيرها بالأسواق وكيفية استيرادها دون أن يلفت هذا نظر عيون العدو فقد تم الأمر بخدعه بالغه الطرافة ..
    حيث تم تكليف أحد ضباط المخابرات المصرية بالنزول للأسواق متنكرا مع اشاعه قوية تقول أنه أحد كبار المهربين .. وتعاون بالفعل مع أحد تجار الجملة لتهريب كمية ضخمة من المواد الغذائية ونجحت عملية التهريب ليتشبث التاجر برجل المخابرات ويرجوه أن يعاونه فى عمليات أخرى ..
    فطرح رجل المخابرات " المهرب " فكرة جديدة على التاجر وهى صفقة مصابيح ضخمة لتهريبها عبر الحدود بأمان فوافق التاجر بحماس وعند دخول الكمية أطبق رجال مباحث التموين عليها وتمت مصادرتها طبقا للقانون ...
    والأهم أن قانون مصادرة المواد المهربة كان يحتوى على نص هو سبب لعبة المخابرات من الأساس وهو النص الذى يقضي بطرح المواد المهربة أيا كانت فى المجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة ..
    وهكذا تحقق لرجال المخابرات ما أرادوا دون لفت نظر المراقبين من العدو

    سادسا ..
    بالنسبة لوحدات السلاح البحري من المدمرات والغواصات التى كان مفترضا أن تتخذ طريقها عبر مضيق باب المندب قبل المعركة بأيام ثلاثة ..
    صدرت الأوامر الى قادة الغواصات باتخاذ طريقها الى هناك مع الالتزام بصمت لاسلكى كامل يعزلها عن قيادتها منعا للمخاطرة .. وبالنسبة لأوامر القتال تم اعطاء كل قائد مظروفا مغلقا مع أمر مشدد بعدم فتح المظروف الا فى توقيت معين وهو ساعه الحرب
    ومما لا شك فيه أنها كانت مخاطرة غير متصورة فتلك الغواصات أبحرت لمهمتها ومعها الأوامر
    ولم يكن هناك سبيل لمنعها أو ايقاف المهمه بمجرد ابحارها حتى لو تم الغاء أمر القتال نتيجة لالتزام الصمت اللاسلكى

    أما المدمرات والقطع البحرية الظاهرة فقد تم الاعلان الرسمى عن حاجة تلك المدمرات والقطع البحرية للاصلاح فى دول صديقة وتم بالفعل أخذ الاذن الرسمى من الدول التى ستمر بموانيها تلك القطع

    سابعا ..
    درجة الاستعداد قبيل المعركة واستدعاء الاحتياطى تم حل تلك العقبة بحل لم تشهده المعارك العسكرية من قبل ..

    فقد تم استدعاء الاحتياطى ورفع درجة الاستعداد للقوات المصرية لحدها الأقصي مرتين فى خريف وصيف 1973 م قبل موعد المعركة مما دفع بالعدو لاعلان التعبئة العامة لقواته وتكلفت خزانه اليهود عدة ملايين من الدولارات نتيجة لذلك
    مما حدا بهم لاهمال درجة الاستعداد المصري باعتباره مناورة مكشوفة تتم بين الحين والآخر بغرض ارهاق الخزانه الاسرائيلية ..

    وعندما حان موعد المعركة ..
    وبالتحديد فى الأيام الثلاث السابقة على الحرب كانت الخدعه الاستراتيجية للتمويه بلغت مداها الأقصي وصدرت الأوامر بتسريح نصف القوة تقريبا وهذا هو ما وصفته بالمخاطرة لأن التسريح تم اعتمادا على أن القوات رهن الاستدعاء عند الموعد المحدد لأن كل جندى وكل رجل يتبع القوات المسلحة كان يوقع فى قسم الشرطة التابع له عندما يكون فى أيام اجازته يوميا وهو ما أتاح للقيادة العسكرية استكمال استدعاء الاحتياطى بسهولة

    الأكثر خطورة ..
    أنه تم تسريح واعطاء اجازات لعدد كبير من الضباط قبيل بدء المعركة بساعات قليلة ونفذ الضباط الأمر وعندما هموا بمغادرة وحداتهم انفرد قائد كل كتيبة بضباطه على حدة وأعطى كل منهم مظروفا مغلقا وأخبره أن المظروف به مهمة سرية يتعين عليه القيام بها قبل اتمام الإجازة شريطة ألا يفتح المظروف الا بعد مغادرته للوحدة بمسافة معينه
    وتصور كل ضابط أنه الوحيد الذى تم تكليفه من قيادته وعندما فتح كل ضابط المظروف الذى بحوزته عقب مغادرته للجبهه فوجئ بالمظروف لا يحتوى الا على سطر واحد فقط
    " عد الى وحدتك فورا "

    وتعلن الأهرام فى واحدة من أبرع الخدع فى خطة التمويه عن عمرة رمضان التى قررها الجيش وأعلنت عن شروطها وموعدها الذى يبدأ من يوم الثامن من أكتوبر

    كما خدم القدر مصر .. عندما أعلن زير الدفاع الرومانى عن نيته السفر الى مصر فتم توجيه الدعوة الرسمية اليه وأعلنت الأهرام أن الفريق أول أحمد اسماعيل على سيكون فى شرف استقبال الوزير الرومانى فى يوم السادس من أكتوبر 173 م ..
    وبالطبع لم تتم الرحلة العمليات العسكرية بدأت على الجبهة ..

    وتخدمنا الظروف مرة أخرى عندما أعلنت الأميرة مارجريت احدى أفراد الأسرة المالكة البريطانية نيتها ورغبتها فى زيارة مصر ..
    فتم ترتيب الرحلة واجتمع فريق من رجال المخابرات المصرية مع فريق مماثل من البحرية البريطانية لتأمين وصول الأميرة يوم السابع من أكتوبر ..
    وهم يعلمون أكثر من غيرهم أن المطارات المدنية المصرية ستغلق نتيجة لبدء العمليات
    وهكذا اكتملت الاستعدادات واقتربت ساعه الصفر وكان منتهى أمل المصريين أن تظل اسرائيل بعيدة عن الادراك حتى يوم الرابع من أكتوبر فقط ...
    لأنها حتى لو علمت قبل بدء العمليات بيومين لم يكن بذلك ليؤثر فى نتيجة المفاجأة لعدم تمكنها حتما من استدعاء الاحتياط لمواجهة القتال الناشب ..
    وكان من توفيق الله تعالى وثمرة الجهد الخرافي للعبقرية المصرية فى خطة الخداع أن أدركت اسرائيل فى فجر الخامس من أكتوبر نية القتال وان كانت لم تقتنع .. !!

    فكيف علمت اسرائيل وكيف تسرب اليها الخبر ؟!!

    وماذا كانت ردة الفعل المصري عندما عرفوا بادراك اسرائيل ؟!!
    هذا ما سنعرفه قريبا ان شاء الله

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    والآن مع محاولة الاجابة للسؤال الذى ظل سرا مغلقا لثلاثين عاما ..

    هل علمت اسرائيل بموعد بدء العمليات العسكرية .. ؟!

    ومتى .. وكيف .. وكيف تحققت المفاجأة الاستراتيجية بالرغم من ذلك ..؟

    واقع الأمر وباستقراء الوثائق السرية التى تم الافراج عنها فى اسرائيل والولايات المتحدة طبقا لقانون الوثائق بعد مضي ثلاثين عاما .. انقشعت السحب عن عدد من المفاجأت التى ظلت سرا مغلقا لمدة ليست بالهينة ..
    وليس خافيا أن هناك أسرارا عن حرب رمضان ما زالت رهن الأدراج وحبيسة الوثائق لخطورتها
    بل ان النكسة ذاتها .. بالذات فيما يخص أوراق التعاون الاستراتيجى عليها بين الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل لا زالت الى اليوم محظورة على النشر .. !!

    وفيما يخص أمر بلوغ خبر بدء العمليات وموعدها وتسربه لاسرائيل ..
    فقد بلغها الأمربالفعل ولكن بعد فوات الأوان
    فقد خرج علينا المحلل السياسي الأمريكى " هوراد بلوم " بكتابه اللافت " عشية التدمير" محللا أمر الوثائق المفرج عنها
    عام 2000 م ..

    وتضمنت تلك الحقائق الصاعقة

    أولا ..
    تم ابلاغ اسرائيل بموعد الحرب يوم الخامس من أكتوبر عن طريق احدى الشخصيات العربية المسئولة .. شخصية كبيرة للأسف الشديد ..
    طارت الى تل أبيب فى رحلة بالغه السرية وتم استقبال طائرة تلك الشخصية باجراءات سرية بالغه التعقيد فى احد المطارات الحربية السرية الملاصقة لتل أبيب
    ومن المطار الى مكان سري مأمون لتقابل " جولدا مائير " رئيسة الحكومة الاسرائيلية فى ذلك الوقت وتضع على مائدتها تفاصيل الموعد المقرر للحرب وهو غروب شمس يوم السادس من أكتوبر ..
    وتستمع جولدا مائير لتلك التفاصيل المذهلة وعقلها يتراوح بين طعم الخداع وبين التصديق لمكانة الشخصية ومسئوليتها فى العالم العربي ..!!
    وتقوم جولدا مائير باستدعاء قيادات الدولة اليهودية .. وأرسلت فى طلب " ايلي زاعيرا " مدير المخابرات الحربية وكذلك " مائير آميت " رئيس الموساد
    وتتابعت اتصالاتها بالمخابرات المركزية الأمريكية لاستطلاع رأيها
    وجاءت جميع الآراء والتوقعات والتقارير تشير الى كذب وزيف تلك المعلومات وأن المصريين والسوريين من المستحيل تماما أن يفكروا فى حرب شاملة تؤدى الى تحطيم جيوشهم مع قوة التحصينات الخرافية أمام الجبهتين المصرية والسورية
    وبالذات الجبهة المصرية بعائق القناة والساتر الرملى المرتفع والذى يستوعب أطنان المتفجرات دون أن تشق منه جدارا واحدا
    اضافة الى الخط العملاق " خط بارليف " بكل تحصيناته وفوق كل هذا خط النار والنابالم المجهز لاشعال مياه القناة فور بدء العبور مما يحيل سطح القناة لجحيم مستعر
    وانتهت التقارير والاجتماعات الى استحالة صدق تلك المعلومات !!

    ثانيا ..
    فى فجر الخامس من أكتوبر وصلت الى رئيس الموساد الجنرال " مائير آميت " برقية بالغه السرية من أخطر عملاء اسرائيل فى مصر على الاطلاق
    العميل فائق الغموض والذى كان تعامله المباشر مع رئيس الموساد دون وساطة لخطورة مكانته بالقيادة المصرية وهو العميل ذو الاسم الكودى " الصهر " أو " النسيب "
    والذى كان يشغل منصبا بالغ الحساسية بالقيادة السياسية المصرية وبالتالى فقد تم حجب اسمه وكينونته عن جميع قيادات اسرائيل فيما عدا رئيس الموساد ورئيس الوزارة الاسرائيلية والوزراء أعضاء حكومة الطوارئ المصغرة ..

    وقصة هذا العميل لها حكاية كبري وهى المعروفة بقصة أو لغز " أشرف مروان "

    لغز أشرف مروان


    أشرف مروان هو أحد أعضاء المكتب السياسي برياسة الجمهورية المصرية . . وهو فى نفس الوقت زوج الابنة الكبري للرئيس جمال عبد الناصر وقد شغل هذا المنصب أيام حكم عبد الناصر واستمر فى منصبه أيام حكم السادات خلال فترة أكتوبر
    وكان أشرف مروان هو العميل البالغ لخطورة المعروف فى القيادة الاسرائيلية العليا
    باسم " الصهر " !!

    وقد طرح أمره علانية مؤخرا فى الصحف المصرية والتى طالبت أشرف مروان رجل الأعمال حاليا بكشف حقيقة الدور الذى لعبه خلال فترة حرب أكتوبر ..
    وهل كان عميلا بالفعل أم أنه كان موفدا كعميل مزدوج لخداع اسرائيل خاصة أنه أبلغ مدير الموساد فى لقائه الذى سبق التنويه عنه بالعاصمة البريطانية " لندن " .. أبلغه بأن موعد الحرب هو غروب شمس آخر ضوء من يوم السادس من أكتوبر

    وظل أشرف مروان صامتا حتى وفاته الغامضة فى لندن , وعند هذا تم كشف السر المغلق وهو أن الرجل أحد أبطال المخابرات المصرية الكبار وأن أنه أدى لوطنه خدمات جليلة لم يحن وقت الكشف عنها بعد وهو مجمل تصريح الرئيس حسنى مبارك بعد وفاة الرجل لينتهى الجدل ويحسمه تصريح الرئيس لا سيما وأن أشرف مروان تلقي قبل وفاته دعوة لحفل زفاف نجل الرئيس جمال مبارك وحضره بالفعل
    وقد أوضح تصريح الرئيس المصري سر سكوت الرجل وأنه تم بأوامر رسمية لحساسية مهماته التى تولاها لا سيما مهمته فى حرب أكتوبر والتى كان تنفيذها ضروريا لإحباط عملية الإبلاغ التى وصلت لإسرائيل بالفعل ودفع قادة إسرائيل للتشكك وعدم حسم الجدل قبل موعد بدء العمليات المقرر لا سيما وأن أشرف مروان خدع إسرائيل فى موعد الحرب الحقيقي وأبلغهم أنه فى آخر ضوء أى بعد الموعد الأصلي بست ساعات تقريبا

    وقام إيلي زاعيرا مدير المخابرات الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر بإعلان هذه الحقيقة فعلا وكان نص تعبيره أن أشرف مروان كان أكبر صفعة تلقتها إسرائيل فى تاريخها ,


    وعودة الى موقف القيادة الاسرائيلية بشأن المعلومات التى وصلتها
    عليه فقد اتضح لها من مصدرين مختلفين أن موعد المعركة هو آخر ضوء من يوم السادس من أكتوبر أى فى حوالى الساعه السادسة مساء ذلك اليوم ..
    وتتابعت الجلسات والمناقشات ووقف موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي وايلي زاعيرا رئيس المخابرات العسكرية وكذلك مائير آمنيت مدير الموساد ضد منطق المعلومات القائل بوجود حرب متوقعه .. بل وقللوا من أهمية كون المعلومات صحيحة .. لأنهم وبناء على التحصينات الخرافية السابق شرحها من المستحيل أن يقدم المصريون بالذات على حماقة تكلفهم ثلاثين ألف مقاتل لمجرد العبور فقط ..
    " كان هذا هو المقياس الطبيعى لضحايا العبور "

    وقامت جولدا مائير مع التردد والشك .. بالمطالبة بعقد جلسة للوزارة الاسرائيلية صباح يوم السادس من أكتوبر على أن نتنهى قبل الساعه الثانية عشرة لاتخاذ القرار بضربة اجهاض على الجبهتين المصرية والسورية أم لا ..
    الغريب فى الأمر ..

    أن حادثتين هامتين وقعتا قبل يومين من بدء العمليات كانتا كفيلتين بتنبيه الاسرائيليين تماما للمعركة ..
    فقد قام الاتحاد السوفيتى وهو الحليف العسكرى للعرب بارتكاب حماقة رهيبة عندما أرسل الى كل من مصر وسوريا طائرات " أنتينوف " لنقل الرعايا الروس من مصر وسوريا بعد أن قامت القيادة المشتركة بابلاغ السوفيات باقتراب موعد الحرب دون تحديد موعد معين ..
    مما حدا بالرئيس السادات الى شد شعر رأس غيظا من حماقات موسكو ..

    وكانت الحماقة التالية ..
    صادرة من رئيس شركة مصر للطيران ..
    فبجوار مطار القاهرة الدولى يقع على الجانب الشرقي منه مطار عسكرى " مطار شرق القاهرة " وقد تسرب موعد بدء العمليات العسكرية الى رئيس الشركة فخشي أن تبدأ العمليات العسكرية وتتطرق الى العاصمة فتتعرض طائرات الشركة للضرب حال تواجدها بالمطار
    فقام باصدار أوامره الى قادة طائرات الشركة بالمطارات الأجنبية التى أقلعوا اليها وشدد على عدم عودتهم خلال تلك الفترة !!..
    ولا داعى أن أخبركم أن المخابرات المصرية ورجال الاعداد للخطة عندما علموا بالأمر كادوا يفتكون بالرجل القصير النظر منعدم البصيرة ..

    وبالرغم من ذلك ..
    فقد كانت البرقيات والتقارير من قلب اسرائيل تشير الى عدم احساسهم بشيئ حتى الصباح الباكر من يوم العبور ..
    ثم جاءت البرقية الأخيرة قبل المعركة مباشرة من البطل المصري رفعت الجمال تشير الى اعلان حالة التعبئة العامة فى حوالى الثانية عشر ظهرا
    لكن بعد فوات الأوان ..
    وحتى قرار إعلان التعبئة العامة كان قرارا احتياطيا ولم تتخذه القيادة الإسرائيلية فعليا بغرض يقينها من الهجوم أى أنها قامت به كإجراء احترازى

    ومما تجدر الاشارة اليه ..
    أن اسرائيل كانت تتصرف على أن أنباء المعركة لو صدقت فستظل أمامهم ست ساعات كاملة تمكنهم من ضربة اجهاض تنقذ الموقف قبل موعد بدء العمليات فى السادسة مساء كما نصت المصادر واتفقت ..
    خاصة أن الحروب لا يمكن وفقا للاستراتيجيات العسكرية أن تبدأ الا فى موعدين
    أول ضوء .. وهو الشروق ..
    وآخر ضوء .. وهو الغروب ..
    وتعد تلك القاعدة من القواعد العسكرية التى تم كسرها تماما بحرب أكتوبر .. ومما يثير الفخر بقلب أى عربي أن تلك الحرب أسست علوما جديدة وقواعد جديدة وأنهت دراسات ومسلمات عسكرية كبري كما عبر عنها المحللون العسكريون فى العالم ..

    ونأتى لموعد المعركة ..
    وباستقراء جميع المصادر الممكنه لم أتمكن من تحديد ما اذا كان موعد الحرب الفعلى تحدد قبل بدء العمليات بالساعه الثانية من ظهر يوم العاشر من رمضان
    أم أن الموعد تغير فى آخرلحظة طبقا لتطورات الموقف وتم تقديم الهجوم ست ساعات ..
    والحقيقة المؤكدة أن الموعد كان من البداية فى الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر ولم يتم تغييره وقام أشرف مروان بخداع الموساد بإبلاغهم أن الموعد فى آخر ضوء أى فى السادسة مساء وساعدت النظريات العسكرية على تأكيد بلاغه حيث أن الهجوم لابد له من اختيار موعد بين أول ضوء أو آخر ضوء
    لكن الهجوم المصري المنفرد فى الساعة الثانية كان أحد أوجه الإعجاز فى التخطيط وهو معقود ومخطط له من البداية ولم تقم مصر بتغييره كما زعم البعض لأن الضربة الجوية الأولى التى افتتحت بها المعركة كانت هى أول خطوة فى الهجوم ,
    ولو كان الهجوم مخططا له آخر ضوء لما كان فى استطاعة القوات الجوية توجيه الضربة فالطيران لا يعمل ليلا


    وبهذا .. تم عرض خطة الخداع الاستراتيجى والتمويه على العدو فى موعد المعركة بالشكل البالغ التفوق الذى ظهرت عليه المخابرات العامة المصرية وظهر للعيان شاهدا على قدرة الله وبراعه الرجال عندما تحققت المفاجأة بحذافيرها للجيش الاسرائيلي مما كان له أبلغ الأثر فى تحقيق الأرقام القياسية والمعجزات العسكرية التى حفلت بها أيام المعركة عامة ..

    والست ساعات الأولى منها خاصة كما سنرى فى الحلقة القادمة

    " العــبـــــــــــــــــــ ــور "

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    العبـــــــــــــــــــــ ـــور

    أجمل ما في معجزة العبور على الإطلاق وسر عبقريتها الحقيقية أنها جاءت برد صاعق على كل هزيمة في كل معركة من معارك عام 1967 م وأثبت بها رجال القوات المسلحة المصرية أنهم تعرضوا لظلم فادح سببته قيادتهم السياسية والعسكرية ,
    وسر إعجاز أكتوبر الحقيقي يكمن في أن القوات المسلحة استطاعت أن ترد الصاع صاعين رغم الفوارق الهائلة في الإمكانيات والتسليح بين الجيشين المصري والإسرائيلي ,
    فالجيش الإسرائيلي كان عام النكسة في أوج تفوقه العسكري بينما كان الجيش المصري في أدنى درجاته تسليحا وإعدادا وتدريبا ونصف قوته الضاربة غارق في معركة اليمن ,

    وعندما دار الزمن وحان الوقت للرد كان الجيش الإسرائيلي لا زال في عنفوانه وليس كما هو الحال مع الجيش المصري أيام النكسة
    ورغم هذا ..
    تمكن الجيش المصري من رد الصفعة بمثلها وسدد ديون عام 67 م كاملة على مستوى جميع الأسلحة ,
    ففي البداية كان الجيش المصري التي تعرض لهزيمة 67 هو نفسه الجيش الذى رد اعتباره وشرفه العسكري وحقق معجزة على أى مقياس عسكري بشهادة أعدائه قبل أصدقائه ,
    وتمكن الطيران المصري من تدمير طائرات العدو المتفوقة على الأرض على نحو ما حدث عام 67 رغم التفوق الجوى الساحق الذى يمتلكه جيش الدفاع الإسرائيلي ,
    وتمكن الجندى المصري أن يسوق أمامه جنود العدو وهم في حالة رعب مقيم فضلا على أنه ساق دبابات العدو أيضا لتفر من أمام جنود المشاة المصريين في مشهد خلدته دوائر الإعلام بصورة مذهلة لدبابة تفر من حامل الآر بي جى !
    وتمكن جنود المشاة المسلحين بالأسلحة الخفيفة من اقتحام مانع قناة السويس المستحيل وخلفه المانع الرملى ومن خلفهم خط بارليف الحصين الذى أفتى الخبراء السوفيات أنه يحتاج قنبلة ذرية لتدميره !
    فتمكنت موجات الإقتحام الأولى من المشاة في إسقاطه وحدها قبل عبور الأسلحة الثقيلة للجيش المصري بعد ست ساعات كاملة قضاها المشاة على الضفة الغربية بلا أى تغطية من المدرعات !
    وتمكنوا من اصطياد دبابات العدو وسجل بعضهم أرقاما قياسية مذهلة غير مسبوقة في اصطياد الدبابات بصواريخ مولوتكا وستريلا حتى أن الجندى عبد العاطى أسقط ثلاثين دبابة بجهده المنفرد !

    والأهم من هذا وذاك ,
    أن مخططى هزيمة يونيو في إسرائيل والولايات المتحدة والذين ذاقوا لحظة نصرهم بالخطة الشهيرة التي صاغتها إدارة الرئيس الأمريكى ليندون جونسون ,
    كانوا هم نفس الفريق الذى ذاق وبال الهزيمة الساحقة في حرب أكتوبر ولم يغب عن المسرح في ذلك الوقت أحد إلا ليفي أشكول رئيس الوزراء الإسرائيلي الذى مات قبل حرب حرب أكتوبر وحلت محله جولدا مائير

    ولكى نتمكن من معرفة حجم هذه المعجزة العسكرية يجدر بنا أن نتعرف على طبيعة الموانع والعوائق التي جاهر العدو الإسرائيلي بأنها ستظل عقبة دائمة أمام أى محاولة للعبور من الجانب المصري , وظل الإعلام الموجه للعدو يدندن حول تلك العوائق باطمئنان كامل حتى أن وزير دفاعه موشي ديان جزم بأن أى محاولة للعبور تعنى الإنتحار المؤكد !

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    عوائق العبور ..

    لم يحدث في التاريخ العسكري المعاصر ـ حتى في معارك الحرب العالمية الثانية ـ أن واجه جيش مثل هذه العوائق التي جابهها الجيش المصري أمام قناة السويس في حرب أكتوبر مجتمعة ,
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    ليس فقط بفعل وجود مانع مائي صناعى يزيد طوله على 220 مترا وهو قناة السويس , بل يتمثل أيضا في أن إسرائيل أقامت أمام القناة وعند حافتها مباشرة ساترا ترابيا مهولا يرتفع إلى 25 مترا وينحدر بزاوية 45 درجة دفعة واحدة مما يجعله حصنا حصينا تعجز القوات عن اختراقه أو النفاذ منه حتى لو فعلت ذلك في ظروف السكون فضلا على ظروف القصف !
    وفشلت جميع الوسائل التي تمت تجربتها لفتح ثغرات مناسبة في الساتر الترابي وتم تجريب المدفعية من جميع العيارات ولم تؤد إلى نتيجة لأن الإنفجارات كانت تطيح بالرمال لتعيد تراكمها مجددا بعد خفوت الإنفجار ,
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    ولم تكتف إسرائيل بذلك :
    بل أنشأت خطا دفاعيا مستحيلا خلف الساتر الترابي يعتبر أقوى الخطوط الدفاعية في التاريخ وتم إنشاؤه مرتين ,
    تمكن المصريون من تدمير بنيانه الأول أثناء حرب الإستنزاف فأعادت إسرائيل بناءه بعد وقف إطلاق النار بناء على مبادرة روجرز مما منحها الفرصة الكاملة لبناء تحصيناته التي تكلفت 238 مليون دولار ,
    ويتكون خط بارليف من 22 موقعا حصينا يضم 31 نقطة محصنة يبلغ عمقها 500 كليومتر مربع وتحتوى على مربع كامل من التحصينات والدشم والسواتر المانعة فضلا على حقول الألغام التي تحيط بها من كل جانب بالإضافة إلى خمسة عشر نطاقا من الأسلاك الشائكة للنقطة الحصينة الواحدة
    وتتكون كل نقطة حصينة من 26 دشمة محمية تتحمل القصف الثقيل دون أدنى تأثر بفضل ما وفره العدو من تحصينات تتمثل في شكاير رمل متعددة الطبقات ثم طبقات أخرى من قضبان السكك الحديدية بسمك ثلاثة أمتار للطبقة الواحدة وأخيرا طبقات ردم وفوقها سبعة صفوف من البلاط الخراسانى عالى الصلابة ومحيط كامل من الأسلاك الشائكلة يغطيه صناديق متعددة مملوءة بالدبش والحجارة للوقاية من الضرب المباشر[1]
    ومن الداخل تم تجهيز ملاجئ مريحة للأفراد بحيث يحارب أفراد جيش الدفاع الإسرائيلي من خلف تلك التحصينات وهم في أمان تام ويستخدمون سائر أسلحتهم من خلال نوافذ وممرات تم إعدادها في قلب الحصون لصد أى هجوم


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    تحصينات خط بارليف الذي سقط في 6 ساعات وكان من اقوي الخطوط الدفاعيه في العالم اجمع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    ويضاف إلى ذلك أن إسرائيل أقامت تحت مياه القناة وبامتدادها بؤر وفتحات سرية تتصل بخراطيم وبراميل تبث سائل النابالم الذى يشتعل بمجرد ملامسة الهواء الطلق ,
    وفتح هذه الأنابيب كفيل بأن يحيل سطح القناة إلى جحيم مستعر تربو درجة حرارة سطحه إلى 500 درجة مئوية لأن النابالم أقل كثافة من الماء ومن ثم يسبح فوقه ويشتعل فور ملامسته الهواء مما يجعل القوات المبادرة للعبور في مواجهة الفناء المؤكد
    ويزيد الأمر صعوبة إذا علمنا أن الجانب المصري اضطر أيضا لرفع ساتر رملى مماثل على الضفة الغربية للقناة فى مواجهة العدو للحماية من القصف المدفعى والرقابة ,
    وأى محاولة لفتح ثغرات من الجانب المصري سيرصدها العدو على الفور بنية الهجوم المصري الوشيك
    وهكذا أصبح أمام الجيش المصري ساترين ترابيين فضلا على عائق القناة وأنابيب النابالم ثم تحصينات خط بارليف !!



    ومع كل تلك الصعوبات برزت أمام القيادة المصرية عدة عقبات أخرى ليست بالهينة , ومنها ..
    * لو تم فرض وصول قوات العبور أو معظمها سليمة إلى الضفة الشرقية فكيف سيتمكن المشاة من مواجهة دبابات العدو وتحصيناته وهم بالأسلحة الخفيفة ومدرعات الجيش المصري لن تعبر قبل ست ساعات على الأقل بعد إنشاء الكباري
    * وجود محطات إنذار مبكر متقدمة للغاية لدى العدو ومنها محطة متطورة تسلمتها إسرائيل من الولايات المتحدة وفى قدرة تلك المحطة التقاط قيام الطائرات المصرية من مطاراتها وهو ما يفقد الجيش المصري زمام المبادرة بالضربة الجوية الأولى
    * بالنسبة لموجات العبور الأولى والتى سترتقي الساتر الترابي للعدو كيف سيمكنها حمل أسلحتها ومعداتها وارتقاء الساتر الترابي بارتفاعه الذى يزيد على عشرين مترا فى معظم مناطقه ,
    * كيف سيتم التعامل مع نقاط خط بارليف الحصينة وهل ينتظر المشاة طوال فترة الساعات الست حتى عبور وحدات المدفعية الثقيلة أم يبادروا بالهجوم ؟!
    * كيف سيتم التعامل مع حقول الألغام المحيطة بحصون بارليف والمعدة ضد الدبابات والأفراد فضلا على مصائد الدبابات المجهزة التى دفعها العدو خلف تحصينات خط بارليف
    * فور بدء الهجوم سيكون أول إجراء للعدو هى الإعداد لهجوم مضاد سريع بدفع إحتياطى الجيش الإسرائيلي ومدرعاته لتعبر ممرات سيناء فى طريقها لخط المواجهة , وهذه القوات ستواجه مشاة الجيش المصري قبل موعد عبور المدرعات المصرية مما يجعل النتيجة محسومة بنجاح الهجوم المضاد
    * كيف يمكن خداع الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية التى ترصد الجبهة بدقة وستتمكن من التقاط الحشود أثناء إعدادها لعملية العبور مما يجعل العدو يكتسب فرصة مناسبة للقيام بضربة إجهاض



    هذا باختصار شديد مجمل العوائق المستحيلة التى جعلت إسرائيل تطمئن تماما إلى استحالة مبادرة مصر بالهجوم أو سحق هذا الهجوم لو جرؤ المصريون على فعله , وهى عوائق مستحيلة بالفعل كما وصفها العدو وكما عرضنا بعضها , ولكن استحالتها تطايرت كالشظايا بفضل الإيمان العميق الذى كان يعصف بكل جندى ومقاتل وقائد وفرد من أفراد الشعب المصري منذ سقوط سيناء ..
    هذا الإيمان الذى جعل عزيمتهم على القتال لا يباريها عزيمة ولا تتراجع لها همة كما سنرى






    الهوامش
    [1]ـ حرب رمضان ـ اللواء حسن البدرى وفريق التأريخ العسكري الرسمى المصري ـ طبعة الهيئة المصرية للكتاب

  8. #8
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الخطة والإعداد ..

    كانت الخطوط الإستراتيجية التي قامت بها مصر من أعلى المستويات إلى أدناها على أكبر درجة من التعقيد والكفاءة بشكل مذهل استحق معه العرب منذ تلك اللحظة أن يعيد الغرب دراساته عليهم من جديد
    ليس فقط من حيث مستوى التخطيط السري والتمويه الذى تفوقت به مصر وسوريا على الموساد الإسرائيلي وأجهزة المخابرات الأمريكية العملاقة بكل إمكانيتها التقنية المرعبة والتى لم تفد شيئا لحظة قيام الحرب ..
    مما تسبب في المواقف المضحكة لكبار مسئولى الدولتين حيث كان رئيس الأركان الإسرائيلي قبيل قيام الحرب مباشرة يؤكد في مؤتمر صحفي عدم قدرة مصر على الهجوم وأن إسرائيل من ناحيتها لن تبادر بإشعال الموقف
    وأثناء إلقائه هذه الكلمات كانت الطائرات المصرية تدك حصون العدو في سيناء والدبابات السورية تقتحم الجولان في شجاعة مذهلة .. ودخلت برقية الأنباء لرئيس الأركان ليصيبه الذهول وغادر القاعة على الفور
    وفى الولايات المتحدة وقبل الحرب بأيام طلب هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى تقرير أجهزة المخابرات الأمريكية عن احتمال اشتعال المعارك وتلقي تأكيدا بالنفي على أعلى المستويات ,
    وفى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر وكانت توافق التاسعة صباحا بتوقيت الولايات المتحدة , دخلت سكرتارية كيسنجر لايقاظه بصفة عاجلة حاملة أنباء قيام الحرب في الشرق الأوسط !!

    ليس على هذا المستوى وحده كان التفوق المصري والسورى , بل كان التفوق يتدرج على سائر المستويات وحتى أصغر جندى حتى أنه يمكننا القول بإطمئنان كامل أن كل جندى وكل عامل شارك في تلك المنظومة الهائلة قام بدوره بالفعل على أعلى مستويات الكمال والدقة دون أدنى خطأ !
    ومن المستحيل أن يكون هذا الإعجاز الذى بذل حد الكمال مرهونا بالإرادة البشرية وحدها بقدر ما هو الإخلاص والإيمان الذى كانت تحركه العقيدة الإسلامية في نفوس المقاتلين ليظهروا على هذا النحو الذى أبهر قادة العدو أنفسهم وعبر عنه أعتى جنرالاتهم وهو آريل شارون الذى استضافه التليفزيون البريطانى وأخذت المذيعة تعدد أمامه أسباب التفوق المتوقعة للقوات العربية المقاتلة وتسأله ف حيرة عن السبب الحقيقي لتلك المفاجأة
    فقال شارون :
    ( كل ما ذكرتيه وتناوله الإعلام في الأيام السابقة في حرب يوم كيبور [1] عبارة عن مظاهر لهذا التفوق من حيث التخطيط لكن السبب والمفاجأة الحقيقية لنا فى تلك الحرب حقيقة هى طبيعة الجندى المصري نفسه , لقد واجهنا هذا الجندى فى حرب 56 وحرب 67 ولم يكن أبدا بمثل هذه القدرة المذهلة من الكفاءة والإنتحارية .. هذا فى رأيي هو المفاجأة الحقيقية والعامل الحاسم الذى تفوق به المصريون )[2]

    وكلمات شارون حقيقية رغم أنها تحتاج تعديلا بسيطا وهو أن الإسرائيليين لم يواجهوا الجندى المصري الحقيقي فى حرب يونيو أو حرب السويس , لم يواجهوا الجندى المدرب تدريبا عادلا حيث كانت حالة الجيش المصري فى تلك الفترة أبعد ما تكون عن التدريب والتأهيل الحديث الذى ينبغي أن يكون عليه المقاتل وتظهر فيه براعته
    هذه البراعة الذى جعلته يتفوق بمراحل على الجندى الإسرائيلي عندما تعادلت الكفتان فى مستوى التدريب والسلاح ,

    وفى مجال التخطيط الحربي فإن القوات المسلحة المصرية بتعاون قادتها جميعا على مراحل الخطة وسبل التعامل مع عوائق العبور ضربت أعلى مثل من الكفاءة العسكرية الخلاقة التى اخترقت العلم الحديث بالموهبة الجسورة الذى تجد لكل المشكلات المستعصية حلولا سحرية ليؤكد المقاتل المصري على أن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح ,
    وقد سجل اللواء محمد عبد الغنى الجمسي رئيس هيئة العمليات بالجيش المصري تفاصيل الخطة والحلول المتفق عليها فى كراسة كانت معروفة فيما بعد باسم ( كشكول الجمسي ) لم تكن تفارق كف رئيس هيئة العمليات المهيب الذى أطلقت عليه إسرائيل اسم ( الجنرال النحيف المخيف )
    وقد تضمنت الحلول عبقرية فذة تمثلت فيما يلي :
    أولا : بالنسبة لتكنولوجيا المراقبة والرصد والتتبع التى كانت تمتلكها إسرائيل أو أقمار المراقبة الأمريكية التى تخدم الإسرائيليين لنفس الهدف كانت الحلول مبتكرة إلى أقصي حد ,
    فالحشود المقررة على الجبهة المصرية تلقي قادتها أوامر مشددة للغاية باتباع جدول دقيق للتحرك والتوقف والسرعات من المناطق العسكرية المختلفة إلى الجبهة بحيث يكون تحركها فى غياب المجال الجوى للرقابة من الأقمار الأمريكية والذى حدده علماؤنا بدقة متناهية ,
    وتغلب الجيش المصري على أساليب التصنت الإليكترونى بأسلوب غاية فى البراعة حيث تم فرض صمت لاسلكى كامل على جميع الوحدات البحرية ووحدات الصاعقة التى بدأ تحركها قبل ساعة الصفر ولم يُسمح لتلك الوحدات باستخدام اللاسكى أصلا وخرجت فى مهماتها المحفوظة مسبقا حيث قامت تلك الوحدات بمهماتها فعليا دون أن تدرى أو تملك التراجع فى حالة عدم قيام الحرب وهو ما نفذته وحدات البحرية التى خرجت قبل يومين من المعركة لغلق مضيق باب المندب أمام البحرية الإسرائيلية , وكذلك بالنسبة لوحدات الصاعقة التى إسقاطها قبل ساعات من العبور خلف خطوط العدو لتعطيل سيطرته على المضايق فى سيناء
    وبهذا الحل البسيط نزع الجيش المصري كل التفوق التكنولوجى الذى تميز به العدو فى مراقبة الإتصالات
    أما بالنسبة لمحطة الرصد المتقدمة فى سيناء والتى كان من الممكن أن تكشف إقلاع طائرات الضربة الجوية الأولى فقد تمكنت المخابرات المصرية من تعطيلها قبل ساعة واحدة من ساعة الصفر عن طريق أحد عملائها وبالتالى لم تعط المحظة الإنذار المناسب عند قيام الطائرات المصرية لأن المحطة كانت تعانى من فصل فى الطاقة الكهربية فى ذلك الوقت وهو الفصل الذى تعمده بالطبع عميل المخابرات المصرية الذى تم تجنيده
    أما أساليب الرصد المباشر فتصرفت فيها القيادة عن طريق حل بسيط وهو نقل معدات وورش صيانة المعدات إلى الجبهة قبل فترة كافية من موعد العمليات بحيث أصبح معتادا أن تصاب الدبابات بأعطال مختلفة وتذهب فى حشود علنية إلى مراكز الإصلاح المتقدمة فى الجبهة وهو ما وفر لتلك الدبابات تمركزها أمام أعين العدو دون أن يدرك الهدف من هذا ,
    أما معدات العبور فقد تم وضعها فى الجبهة فى هياكل خشبية معدة كأهداف مموهة أمام الطيران الإسرائيلي , وسربت القيادة المصرية لإسرائيل أن تلك المعدات الهيكلية معدة لخداع ضربات العدو كما هو معتاد فى الحروب
    وبالطبع ضحك الإسرائيليون من سذاجة المصريين ولم يضربوا هذه الأهداف ولم يتبينوا حقيقة الخدعة إلا يوم العبور حيث خرجت معدات العبور كاملة من قلب تلك الهياكل الخداعية



    الهوامش
    [1]ـ حرب يوم كيبور أو يوم الغفران هو اسم حرب أكتوبر كما تسميها إسرائيل لأنها تمت فى عيد الغفران اليهودى
    [2]ـ حراس الهيكل ـ فريد الفالوجى ـ دار أطلس للنشر والتوزيع

  9. #9
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    ثانيا : بالنسبة للساتر الترابي المصري المقابل للساتر الإسرائيلي على الضفة الغربية كان الحل إعداد ثغرات مخفية مغطاة بحجم أقل من الرمال والأتربة سهلة الإزاحة تمركزت خلفها قوات الموجة الأولى من العبور بحيث تمكنت القوات من إزاحتها بسهولة عندما بدأت العمليات ,
    أما الساتر الترابي على الضفة الغربية فقد تكفل بحل المشكلة أحد عباقرة سلاح المهندسين وهو المقدم ( اللواء فيما بعد ) باقي زكى يونس والذى وجد بعبقريته حلا للمعضلة التى وقف أمامها الخبراء السوفيات أنفسهم عاجزين , حيث أعطى فكرة استخدام القناة نفسها فى إزاحة الساتر عن طريق طلمبات ضخ مياه شديدة تكون بمثابة مدافع مياه متفجرة تتسبب حتما فى إزاحة الكمية الهائلة من الرمال والأتربة وفى وقت قياسي لا يتعدى أربع ساعات ,

    أما الطمى المترسب والذى أثبتت التجارب أنه سيكون بارتفاع متر كامل ويستحيل أن تعبر قطع المدفعية الثقيلة فوقه فقد كان الحل فى استخدام معدات البناء من الأوناش والرافعات لكسح طبقة الطمى إلى مياه القناة وفرش أرضية من الزلط والدبش تحتمل عبور المعدات الثقيلة وقطع المدفعية

    ثالثا : أما مشكلة قوات العبور الأولى والتى ستظل بلا تغطية من المدرعات طوال ست ساعات طويلة من الممكن أن يستغلها العدو فى تصفية الفرق العابرة من المشاة والصاعقة فكان الحل الفريد البالغ البساطة إلى حد العبقرية أن يتم تزويد الموجات الأولى من العبور جميعا بمدافع الآر بي جى المضادة للدبابات ليستخدمها المشاة جميعا فى ردع مدرعات العدو ومقاومتها حتى انتهاء فترة إعداد رءوس الجسور والكباري والتى ستعبر عليها مدرعاتنا ,
    وعبقرية الحل تكمن فى أن فكرته ليست جديدة بالنسبة للسلاح ذاته لأنه كان معروفا بالطبع ومستخدما إنما العبقرية تكمن فى كمية استخدامه التى تعدت كل نسب الإستخدام فى سائر جيوش العالم حيث لم يسبق أن تم تزويد قوات مشاة بحجم قواتنا العابرة بتلك المدافع حيث صار مع كل جندى من القوة العابرة الأولى مدفعا صاروخيا مضادا للدبابات وتم تدريب أفواج العبور جميعا على نظرية ( الرجل ضد الدبابة ) والتى كانت واحدة من عشرات النظريات التى تم تدريسها فى المعاهد العسكرية العالمية والتى أسقطت وأنهت عصر الدبابة عمليا فى العصور الحديثة بعد أن بلغت خسائر العدو حدا مذهلا من الدبابات بمعدل انهيار لم يسبق تسجيله من قبل
    أما مشكلة ثقل المعدات التى حملها كل جندى معه وزادت عن ثمانين كيلوجراما مما يعيق حرية الحركة لا سيما فى تسلق الساتر الترابي فوجدت القوات الحل فى عربات خفيفة القيادة يسحبها الجندى خلفه حاملة معداته وتعيينه من الماء والغذاء بالإضافة لسلالم الحبال التى سهلت مهمة الموجهة الأولى التى تسلقت الساتر الترابي قبل فتح الثغرات فيه بمدافع المياه

    رابعا : مشكلة الألغام المضادة للدبابات والأفراد والتى بثها العدو أمام مواقع خط بارليف الحصينة وكانت تمثل مصيدة كبري لقواتنا المهاجمة ,
    تم التغلب عليها عن طريق المدفعية المصرية التى وجهت نيرانها بكثافة غير مسبوقة بقوة 2000 مدفع نحو تلك التحصينات لتطهير حقول الألغام ,
    ولكى يكون الضرب دقيقا ومثمرا فقد عبر رجال توجيه المدفعية مع القوات العابرة فى أول لحظة للهجوم وهم الذين تولوا بانتحارية مذهلة تصحيح نسبة الخطأ أمام رجال المدفعية على الضفة الغربية للقناة لتنفجر كافة الألغام المحيطة بخط بارليف
    ولا شك أن هذا الحل كان ينطوى على خطورة بالغة حيث أن المعدل الطبيعى لابتعاد الأفراد عن مدى قصف المدفعية كان يجب ألا يقل عن 300 متر بحد أدنى لكن القوات العابرة كسرت هذا الرقم بشجاعة فائقة واقتحمت خط بارليف على بعد من 100 إلى 150 متر من القذائف المتفجرة كما تم تدريبهم من قبل

    خامسا : وجاء دور المشكلة المزمنة المتمثلة فى أنابيب النابالم الحارقة التى كان باستطاعتها إذابة جنود العبور , فقد تمكنت المخابرات المصرية من الحصول على كافة الخرائط والتصميمات التى تم وضعها لتلك الفتحات وفى فجر يوم السادس من أكتوبر تسللت وحدات من الصاعقة إلى مياه القناة تحت الساتر الترابي وقامت بكشف مواقع الفتحات وسدها بمادة جيلاتينية سريعة التصلب بالإضافة إلى قيامها بقطع الخراطيم المغذية لتلك الفتحات مما عطلها عن العمل دفعة واحدة ولم تعمل ماسورة واحدة من تلك الأنابيب عندما حاول العدو استخدامها ,
    كما قامت وحدات الصاعقة بواحدة من أصعب المهام وهى تلك الوحدات التى تم إسقاطها بيوم كامل خلف خطوط العدو عند ممرات سيناء والتى كانت مهمتها العمل على إعاقة عبور إمدادات إحتياطى العدو من الدبابات والمدرعات إلى الخطوط الأمامية عند اشتعال القتال , ولمدة ست ساعات على الأقل حتى بدء عبور المدرعات المصرية
    وقامت الوحدات بمهمتها الإنتحارية كاملة حيث لم تتمكن وحدة واحدة من وحدات مدرعات العدو من الوصول إلى خط المواجهة إلى مع أول ضوء من اليوم الثانى للقتال

    يتبع ...

  10. #10
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    العـــبــور


    أجد نفسي مرغما دائم الإستشهاد بشطرة من بيت شعر عربي حكيم تقول
    ( فالحق .. ما شهدت به الأعداء ) ..
    لسنا نحن الذين سطرنا بقلم الإنبهار هذا الإنجاز العسكري الغير مسبوق في العصر الحديث , بل كان أول المنبهرين والمعترفين هم قادة العدو أنفسهم وحلفائه ثم كافة المعاهد العسكرية المحايدة التي تناولت معارك حرب أكتوبر بنظرياتها الجديدة التي أرساها شبابنا فوق الجسور في الفترة من يوم 6 إلى 25 أكتوبر 1973 م ,
    وهذه الحقيقة الهامة هى التي يجب أن تظل بمخيلة أى شاب عربي وهو يتأمل أى محاولة لتقليل هذا الإنجاز أو تدمير روحه المعنوية في أعماقه بحجة أنه تاريخ غير قابل للتكرار !



    فإنجاز يوم السادس من أكتوبر الذى وافق العاشر من شهر رمضان المبارك لم يتحقق في ذات اليوم بل تحقق منذ نكسة يونيو وفى اليوم التالى لها مباشرة عندما أعلنت العزيمة نيتها لكسر الهزيمة ,
    وتفجرت معارك حرب الإستنزاف وقبلها البطولات الفردية التي لم تجعل العدو يهنأ بخدعة انتصاره ولو ليوم واحد ,
    أى أن العزيمة أعلنت عن نفسها في ظروف كانت أشد مرارة من واقعنا الحالى بمراحل ومع ذلك تمكن هذا الإيمان الذى لا يلين من كسر ثقافة الهزيمة والإستسلام ودفع الحرارة إلى العروق لتجرى فيها دماء المعركة من جديد ,



    وعندما نتأمل تصريحات العدو عن تحصيناته ـ والتى كانت بالفعل كما يُـقال معجزة عسكرية ـ ونتذكر كم أنهم في الغرب دائما يتميزون بالواقعية بعكس حالنا نحن ـ كما يتهمونا دائما ـ حالمون ورومانسيون ,
    عندها ندرك حقيقة الفارق الشاسع الذى صنعه عنصر الإيمان بالله تعالى في أعماقنا عندما لانت الحصون وذابت الدروع في يوم من أيام الله بلا شك
    قال الجنرال موشي ديان عن خط بارليف قبل تحطيمه في حرب رمضان [1]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( إن عمليات العبور ـ إن حدثت ـ فلن تؤثر في قبضة إسرائيل الفولاذية عليه وستفشل أى محاولة للهجوم على هذا الخط المستحيل تدميره والذي صرفنا في تحصيناته مبالغ طائلة .. إننا أقوياء بشكل يكفل لنا البقاء به هكذا إلى الأبد )
    وقالت جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية ..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( إن خط بارليف هو رمز الذكاء والعبقرية الإسرائيلية , وأى محاولة للتفكير في اقتحامه هى إهانة لهذا الذكاء ! )
    بينما قال الجنرال حاييم بارليف مبتكر الخط ..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( سيظل خط بارليف هو الحاجز المستحيل الذى يقف أمام أى حماقة مصرية لاختراقه )
    وقال توماس تشيهام أحد كبار المراسلين الحربيين ..
    ( لقد جعل خط بارليف سيناء عمليا تابعة للجانب الإسرائيلي )



    ولنا أن نتخيل ردة الفعل بعد انهيار خط بارليف وسقوطه في أيدى الجيش المصري بعد ست ساعات فحسب وأمام قوات مشاة وصاعقة خالية إلا من الأسلحة الخفيفة والمحمولة وبدون معاونة أى قطعة مدفعية !!
    كان الذهول هو القاسم المشترك الأعظم بين الأعداء والأصدقاء على حد سواء ,
    فالأصدقاء الذين تمثلوا في الجانب السوفياتى صاحب الخبرات العريقة في الحرب العالمية الثانية كانوا يرون نفس وجهة النظر القائلة باستحالة اقتحام خط بارليف بالمواجهة وحتمية اجتيازه دون مواجهته وإذا كان خيار المواجهة لازما فإن الخط كى يسقط يحتاج إلى قنبلتين ذريتين عياريتين دفعة واحدة ,
    وأما الأعداء فقد صمت أغلبهم عن النطق وأما المتكلمون فقد جاءت تصريحاتهم معاكسة تماما لما كانت عليه قبل أيام قليلة من بدء عمليات الحرب
    قال رئيس دولة إسرائيل إبراهام كاتزير [2]
    ( لقد كنا نعيش فى وهم حقيقي ما بين عام 67 و73 وفى نشوة ليس لها أى مبرر واقعى وهذه الحالة النفسية هى المسئولة عن الأخطاء التى فى حرب أكتوبر فى كل المجالات العسكرية والسياسية والإجتماعية وعلينا أن نتعلم بعد هذه الحرب الفظيعة أن نكون أكثر تواضعا وأقل نزوعا إلى المادية )
    أما جولدا مائير التى فاخرت بالذكاء الإسرائيلي فقد أرسلت لهنرى كيسنجر وزير الخارجية تحفزه لشحن السلاح ..
    ( أسرع بالسلاح الآن قبل الساعة القادمة .. لقد وقعت إسرائيل )
    أما حاييم بارليف الذى أسس الخط الدفاعى وفاخر به فلم يجد تعقيبا إلا أن قال :
    ( لقد هاجمونا ونحن فى غفلة تامة )
    ولسنا ندرى أى غفلة تلك وأين هو خطه الدفاعى الذى كانت إسرائيل تنام خلفه مطمئنة ؟!
    أما الجنرال الإسرائيلي ناركسيس فقد عبر عن مجمل شعورهم فى كلمات جامعة فقال :
    ( ليس هناك بد من الإعتراف أن المصريين خططوا لقتالهم بمنتهى البراعة , لقد كان التخطيط بارعا والتنفيذ أشد براعة ولقد حاولنا بكل قوة وجهد إعاقة عملية العبور فلم نفلح وتحطمت كل هجماتنا المضادة عليهم حتى فوجئنا صباح السابع من أكتوبر بسبع فرق كاملة على الضفة الغربية كما لو كانوا أشباحا انتقلوا فى غمضة عين ! )
    وخرجت مجلة النيوز ويك الأمريكية بعنوان ضخم يقول :
    ( إن الفجوة التكنولوجية ـ التى كانت تفاخر بها إسرائيل ـ قد لحقتها مصر وسبقتها أيضا )
    وظهرت الجيروساليم بوست تطرح أسئلة الشعب اليهودى الذى كان غارقا فى أحلام أمنه فقالت عناوينها :
    ( ما الذى حدث وأين يكمن الخطأ )
    أما جورج ليزلى رئيس المنظمة اليهودية فى ستراسبورج فقال :
    ( لقد أسفرت الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة عن كارثة كاملة بالنسبة لإسرائيل فنتائج المعارك والإنعكاسات التى ظهرت عنها فى إسرائيل تؤكد أهمية الإنتصارات التى حققتها القوات العربية , تلك الإنتصارات التى أنهت أسطورة الشعور بالتفوق لدى الجيش الإسرائيلي الذى لا يقهر )
    ويقول توماس تشيهام المراسل الحربي الذى سبق وأشاد بالقوات الإسرائيلية واستحكاماتها :
    ( إن الطيران الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق النجاح الذى كان يتوقعه الشعب الإسرائيلي , لقد وضح من خلال سير المعارك أن تلك المزاعم حول قدرة الطيران الإسرائيلي مزاعم بلا أساس )
    وعن خط بارليف المنيع يقول المحلل العسكري باولو بترونتى فى مجلة أنابيلا الإيطالية :
    ( إن خط بارليف الذى شيدته إسرائيل على غرار خط ماجينو الفرنسي سقط تماما كما سقط سابقه قبل 34 عاما لقد فر الجنود الإسرائيليون من هذا الخط أمام القوات المصرية المهاجمة تاركين دروعهم وتحصيناتهم أمام الجحيم الذى تفجر أمامهم فجأة ! )
    وقال موشي ديان فى محاضرة ألقاها فى النادى الهندسي فى تل أبيب ونشرتها جريدة هامو دياع فى أول يناير 1974 :
    ( إننى كوزير للدفاع لم أقدّر كفاءة المقاتل العربي وفعاليته حق قدرها إذا أنها ظهرت بكفاءة عالية جدا أكبر مما قدرتها بيانات ومعلومات المخابرات الإسرائيلية ! )





    الهوامش
    [1]ـ أبطال الفرقة 19 مشاة ـ الفريق يوسف عفيفي ـ دار الصفوة للنشر والتوزيع
    [2]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق

صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. على درب الايمان
    بواسطة أديبه نشاوي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29-06-2020, 10:23 PM
  2. ترنيماتٌ نيلية ٌفى قصر ِ الرشيد...!!
    بواسطة عبدالوهاب موسى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 30-11-2011, 09:39 PM
  3. رسول الايمان/الشاعر موفق العاني
    بواسطة فارس الرسام في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-02-2009, 10:06 AM
  4. الايمان ينبوع السعادة ...!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-06-2006, 03:20 PM
  5. ( حب الوطن من الايمان ) مفهوم مضلل
    بواسطة ابو نعيم في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 23-12-2004, 10:53 PM