إلي جسدك أكتب
عيناك وشفاهك صدرك وجاذبيتك التي يشعها جسدك المثير ، كلها محسوسات تشد كل من يملك أدوات التعبير شعرا أو نثرا ولا يملك البصيرة لكي يكتب عنها وفيها الكثير ، وهذا ليس بجديد فكل من تناول الكتابة عن المرأه تناول بعض أو كل ما سبق وربما هناك من استباح لنفسه التوغل أكثر فأفاض في الوصف وتجاوز الحد ، وشعر الجاهلية وماتبعه من شعراء العصور التالية خاصة شعراء الدولة العباسية وما تلاها حتي أدركنا شعر نزار في العصر الحديث ، وفي أعتقادي أن القطار لن يتوقف ،
أما لماذا يحدث هذا ويستمر ؟ فأن الإجابة ببساطة لأن كثير من النساء تجد المتعة في ذكر محاسنها والتغني بها فهو نوع من المديح تستسيغة بعض النسوة ممن لا عقل لهن أو دين وتقبلة أخريات علي إستحياء وهن يرين فيه تجاوزا لكنه يرضي الغرور الأنثوى ، وتعف عنه القلة ممن ترين فيه فحشا ومنكرا من القول ، هذه واحده وأما الثانية فعلم أكثر الشعراء بهذه الخصلة في النساء ورغبة منهم في نيل رضاهن تجعل من مغازلة الجسد أسهل الطرق للتقرب خاصة لضعاف النفوس من النساء ،
والذي يدرك الحقيقه الساطعة يعرف أن التغزل بتلك الطريقة ومخاطبة الجسد وحسب هي من أسوأ واحط طرق الغزل ، لأن الجسد حين نتغزل في جمالة يكون قد أستوى ونضج واكتملت أنوثتة لدي صاحبته ، ولأن سنة الله في خلقة أن يتم نقض الشيء في هذه الحياة الدنيا بمجرد ظننا أنه بلغ الكمال فإن منحني الهبوط الحقيقي لجمال الجسد الذي نكتب له يكون قد بدأ في الحدوث وقت إنطلاق غزلنا لهذا الجسد أو ذاك ، وحينها إذا كنا نتغني بهذا النضوج فأننا نعاف وننكر هذا الجسد بمفاتنة فور شعورنا بأنه بدأ رحلة الأفول والأنزواء والزبول ،
وهذا الذي ذكرنا يوصلنا إلي نتيجة مفادها كذب المشاعر التي تتغني بالجسد وتكتب له لأنها غير ثابتة وتتعلق بشكل تراه في أوج كماله وهو يكون قد بدء رحلة ضياعة وإندثارة التي لا تتوقف إلا في محطة الموت كنتيجة طبيعية لدورة الحياة الدنيا ، فأذا كان من يكتب للجسد يعي إنه حين يكتب يوائم بين مشاعره وما يكتب فأنه يعي لا محالة أن مشاعره المتعلقة بحرفة سيكون مآلها هي الاخري إلي الضعف يوما بعد يوم ومن ثم إلي الموت فهي علاقة شرطية مقيتة متعلقة بالشيء الفاني إلا وهو الجسد ،
أما حين يكتب الإنسان للمشاعر وللروح والأحاسيس فإن العلاقة تزداد قوة يوما بعد يوم نظرا لأن المشاعر والأحاسيس تزداد نضجا ورسوخا مع مرور الوقت وتتألق بسمو الروح وعمق النظرة الخبيرة كلما اوغل الإنسان في العيش ، فهي علي عكس الجسد تزداد إشعاعا وتتسامي رونقا يوما بعد يوم ، لذا فأغلب العلاقات القائمة علي هذا الإدراك تزداد قوتها التي تنعكس علي قلوب أطرافها وصحتهم وفكرهم فتزيدهم ألقا ومحبة وتمنحهم السعادة التي يفتقدها كل من بني توجه مشاعره علي أسس الجسد وحسب ،
اذن فمن يكتب لجسد الأنثي هو واهم ومتوهم يكتب كي يشبع رغبة شهوانية دفينة في نفسة أو في نفس من يخطب ودها وهو واهم لأنة يظن إنه يخلد مشاعرة عبر أحرفه ، وهذه الأحرف التي تتعلق بزائل تزول وتنمحي معه ، وهو يتوهم أن ما يصفة من جمال ظاهري باق ، ولو أمعن النظر لأدرك خطأه وظهر له جليا واضحا لكن بريق الجمال في لحظة التغني به يعمى الكثير من الأبصار ولا يفلت من براثنة إلا صاحب بصيرة نافذة وعقل كيس ،
لذا فحين يصدق المرء مع نفسة يكون تغزلة في الباقي وهي الصفات الحسنه والخصال الحميدة فيمن يعشق ويحب أبقي وأكد ، فهو وأن ذهبت صاحبتة بجسدها الفاني يبقي ذكرها الطيب وحصالها الأصيلة محفورة بالقلوب والألباب ، يعطر وصف خصالها الطيبة الأسماع بأريجه ويرسم البسمة فوق الشفاة التي تتمتم لها بالرحمة بعزيمة صادقة وحب يزيد يوما بعد يوم ولا يشوبة أي نقصان مهما مضى من زمن ،
أشرف نبوي
أديب وصحفي عربي