بسم الله الرحمن الرحيم
نحو نظرية معرفية إسلامية
تعيش الأمة الإسلامية في العقود الأخيرة مخاضا سياسيا واجتماعيا يتفاعل فيه ما هو داخلي وخارجي وتتفاعل المؤامرة والمكائد بالطموح إلى نهضة إسلامية تخرج الأمة من التخلف والرجعية وتنقذها من "القصعة" التي تكالبت عليها الأمم الأخرى،إلا أنه للأسف الشديد هذا المخاض وهذه الأزمات التي تمر منها الأمة الإسلامية والطموح إلى نهضة عامة تؤسس لمستقبل العالم والإنسانية لم يستطع لحد الآن صياغة نظرية إسلامية عامة في السياسة والفكر والإستراتجية، تستطيع من خلالها الأمة رسم واقعها ومستقبلها بعيدا عن العشوائية والفجائية وبعيدا عن توجيه الأخر وتحكمه في مجريات حياة الأمة .
نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى خلخلة في البنى الفكرية والعقدية والتربوية لبناء مشروع نهضوي يكون منطلقه نظرية معرفية بقواعد ومبادئ وأهداف واضحة لا مشروع يبنى على تجارب بعض القيادات والزعامات السياسية التي عاشت في ظروف معينة كان لها تأثير على فكر القائد .
الأمة الإسلامية وهبها الله تعالى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وقد لخص الإمام ابن القيم - رحمه الله - حقيقة الاعتصام بالقرآن بقوله : (( وهو تحكيمه دون آراء الرجال ومقاييسهم ، ومعقولاتهم ، وأذواقهم و كشوفاتهم و مواجيدهم . فمن لم يكن كذلك فهو مُنسل من هذا الاعتصام . فالدين كله في الاعتصام به وبحبله ، علمًا وعملاً ، وإخلاصًا واستعانة ، ومتابعة ، واستمرارًا على ذلك إلى يوم القيامة )).
وكرمها الله كذلك باجتهاد الرعيل الأول في مجالات الحياة المختلفة ، فالسياسة في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم "33سنة" استطاعوا أن يؤسسوا لخمس أنظمة حكم سياسية كانت منطلقاتها والغاية من ورائها الحفاظ على وحدة الأمة وتماسكها، وتحقيق العدل والاستقرار.
يتبع