مرتعبون من سجلاتهم!! مرتعبون من ماضيهم!!
نبيل عودة
بضغوط من المؤسسات الأمنية في إسرائيل وعلى رأسها الموساد والشاباك وَقَّعَ رئيس الحكومة بيبي نتنياهو قبل أشهرعلى تعديل يمدد القيود على حرية الاطِلاع على الأرشيفات الحكومية لمدة عشرين سنة أخرى، أثار انتقادات أوساط واسعة في المجتمع اليهودي نفسه.
وكان صحفيان من جريدة "هآرتس" وجريدة "يديعوت أحرونوت" قد قدما التماساً للمحكمة العليا قبل ثلاث سنوات، ضد المنع غير القانوني، المناقض لقانون الأرشيفات عام 1955، الذي يمارسه مدير الأرشيفات، بمنع الجمهور من حق الاطلاع على أرشيفات مضت عليها خمسون سنة وأكثر.
قرار نتنياهو بتمديد المنع لعشرين سنة أخرى جاء أولاً لسد الطريق على المحكمة العليا بإمكانية إصدار قرار لصالح فتح الأرشيف أمام الجمهور، للاطلاع على الوثائق التي مضت عليها حسب قانون الأرشيفات خمسون سنة.
ما الذي يريدون إخفاءه؟؟.
ما هي الوثائق التي يخافون من كشفها؟.
من الواضح أن الوثائق تتعلق بالعقدين الأولين من إقامة الدولة، وخاصة السنوات العشر الأولى.
مدير الأرشيف الحكومي حذر من أن كشف وثائق الأرشيفات ستكون له إسقاطات حول احترام القانون الدولي.
مما يعني استنتاجاً واحداً، إسرائيل تصرفت بما يتناقض مع القوانين الدولية، وأجهزة الأمن بكل أذرعتها نفّذت عمليات قد تصنَّف كجرائم ضد الانسانية.
والسؤال: ألم يحن الوقت لتغير إسرائيل نهجها المفضوح، كما حدث مثلاً في عملية قتل المبحوح؟!.
صحيفة هآرتس كتبت أن المعلومات التي ستظل طي الكتمان لعشرين سنة أخرى، تتعلق أيضاً بأعمال الطرد والمذابح التي ارتكبت ضد العرب في "حرب الاستقلال"، وإلى عمليات الموساد في الدول الأجنبية، وإلى مطاردة الشاباك وتجسسه على سياسيين من المعارضة في إسرائيل في سنوات الخمسين، وإلى إقامة المعهد للأبحاث البيولوجية في نِس تسيونا، والفرن الذري في ديمونا، وهي معلومات أُخفيت عن الجمهور سابقاً وتمديد الحظر لعشرين سنة أخرى، يوفر سبباً قانونياً لاستمرار إغلاق الأرشيفات، الذي نفذ حتى اليوم بشكل مخالف للقانون.
هآرتس بجرأة تستحق الإشادة، قالت أنه حان الوقت لمواجهة الفصول الأقل "بطولية!" في ماضي إسرائيل، وكشفها أمام الجمهور وأمام الباحثين والمؤرخين وأنه من حق الجمهور أن يعرف القرارات التي اتخذها مؤسسو الدولة، حتى لو كان فيها مخالفة لحقوق الانسان، مثل التغطية على جرائم، أو ملاحقة المعارضين السياسيين بوسائل أمنية، أو مثلاً شهادات لم تنشر بعد حول ما جرى في دير ياسين.
وربما كان المخفيُّ أعظمَ !!
نبيل عودة