سيغادر آخر الرموز من رموز الوجع العربي ..لقد أفتيت بان تبقى الثورة تراوح في مكانها


وكنت تريد أن تسبق التاريخ . لكن التأريخ قد سبقك . وها أنت تقترب من ذاكرة عبد الناصر وتلوح برغبة الراحة وتوديع شعبك بسفر أكثر مافيه ، خطابات الرومانسية وأمل بالعودة ..
وأقل مافيه معارك بيروت والكرامة وحجارة ترمى على أحدث الدبابات والمصفحات ..
غير أنك أيها الرجل الذي أعتمر كوفية وطنه . تبقى رغم ماقيل ويقال . شاخصاً من شخوص ذاتنا المغيبة.
لأنك مشيت مع المحنة حتى آخر المشوار
والحق أن المحنة قد مشت معك ..
لقد أكلت بعمرك ثورات ورؤوساء جمهوريات وملوك وشعراء
لكن الزمن لن يبقيك أبداً أنت وكاسترو
وربما بعدكما سيتغير حال الرفض ليصير مسالماً يمشي في أروقة العولمة
وبعدكما سينشر التطرف حدته وتفقد التوازنات
وربما بعدك ستصير مؤتمرات القمة مناسبة لشرب عصير الكوكتيل ومناقشة رغبة العرب بجعل مقاديشو عاصمة لثقافة كوكب الزهرة ..
لقد أضأت المصباح الأحمر ..
وأسرائيل أضاءت ليل أبن آوى لتعيد حلمها الأزلي
بابل والفرات وأسوار يثرب ..وربما يدفعها الحلم لتصل حتى أسطنبول نكاية بعبد الحميد الذي لم يدعوا هرتزل الى مائدة من موائده
وأنت .. عرفات الثورة .. حيث الثورة فيك صارت تواقيع بريد
أعطوك دولة بلا خرائط
وأعطيتهم دماء أطفال ورقبة أحمد ياسين ..
أعطوك مجمعاً رئاسياً يهدموه كلما أرادوا
وأعطيتهم صبرك وصلاتك وأملك بالعودة حيث حدود حزيران
ولكن لاحزيران بعد الآن ..
وكل شهيد يموت فهو يموت لأجل حلم
الواقع أبا عمار شئ
وغصن الزيتون شئ ..
وأنت العارف أكثر من كل أعضاء المجلس
أن الكلاشنكوف فقدت بريقها لحظة أغمض برجنيف عينيه
وأن فلسطين ينبغي أن تعايش حلمها برغبة أن لايحرق العدو مزيداً من اشجار الليمون
كولاجات ياسر عرفات ..
ستغمرك عاطفة شعبك ..
ستهديك المنافي ورد ذكريات سني المحنة
وسوف يحترم ذكراك الحاخامات كلهم ..
لقد عرفت كيف تعيش ..
ولكنك ..لم تفلح كيف تعيد وطنك الى ساكنيه
والحق ..أن هذا لم يكن بسبب خطأ في تكتيك الثورة
بل أن التاريخ رتب سيره هكذا
ورغم هذا ..
لقد فعلت ما تقدر عليه
أنت وفلسطين دمعة على خد مسيح يبكي ..
مسيح ركب معك الطائرة الى باريس
ونصحك حين تعود أن ترتقي بصليب جديد
لتوصل تاريخك الى الذروة الكبرى ..

وتوتة توتة ...