حلقة من حلقات مسلسل ( مستقبل مصر )
حوار ( حول إمكانيَّة تطبيقِ الشريعةِ الإسلاميةِ )
بقلم / محمد محمود محمد شعبان ( حمادة الشاعر )
============================
ـ أنا خائف على مصر .
- ولماذا ؟
ـ الأفق لا ينذر بخير أبدًا .
ـ وما الذي يخيفك بالضبط ؟
ـ تحكُّمُ الإسلاميين في السلطة ـ هو الذي يخيفني ـ .
ـ قل لي : هل تخيفك فكرةُ الإسلام ـ في حدِّ ذاتها ـ ؟
أمْ يخيفك الأشخاصُ أنفسهم الذين يحملون الفكرة ؟
ـ لا ـ طبعا ـ الفكرة لا غبار عليها ، فالإسلام
دين سمح ، وتعاليمه سهلة وتصل للقلب من
أيسر الطرق ، وأهدافه لا ينكرها جاحد
ومعروفة لدى غير المسلم قبل المسلم ،ففكرة
الإسلام في حد ذاتها لا تخيفني بالمرة ، كما أنَّ
تعدد المذاهب ، والاختلاف المرحوم بين
علماء المسلمين يعطي للفكرة طعمًا ومذاقًا
خاصًّا، وهي تلك المساحة الواسعة والحرة من الاختيار
والتفضيل بين المذاهب ومن ثم اختيار الأيسر
والمناسب لأحوالي الشخصية وكذلك ما يناسب زماني
ومكاني ـ أيضا ـ ، وهذا ما لم يتوفر في شرائع كهنوتية أخرى فشلتْ عندما طُبِّقَتْ .
ـ عظيم جدا ، لقد قصَّرْتَ عليَّ المسافةَ ، وجعلتني أفهمُ الآنَ أنَّ اعتراضك محصورٌ في الأشخاص الذين يتبنون الفكرة ،ويدْعونَ لها ، وقد يُحزنُك بعضُ أفعالهم ، ومواقفُهم المتشددةُ التي لا تتفق وروحَ إسلامنا العظيم .
ـ نعم .
ـ ألا تتفق معي أننا الآن أصبحنا ـ كشعب متحرر قام بثورة عظيمة شهد لها العالم بأسره ـ نتحكم الآن في اختيار هؤلاء الأشخاص الذين تخاف منهم ، وأصبح صندوق الانتخابات هو الفيصل ؟ مَنْ يقدم برنامجًا لائقًا وجادًّا ومقنعًا نختاره ، ونعطيه الفرصة كاملة لتنفيذ ما أراد ، فإن وجدناه أحسن شكرناه ، ونقدم له كل وسائل العون والدعم المتاحة ليقدم لنا الأفضل ، وإلا اخترنا غيره والساحة السياسية ـ كما ترى ـ مليئة بالشخوص القيادية وأصبحت تلك الساحة خصبة ومزهرة بكل الألوان ـ ليس كما كان يفعل النظام البائد من تجفيف منابع السياسة من السياسيين ،والقيادات ... أليس كذلك ؟
ـ نعم .
ـ إذًا فيم يضيرك هؤلاء الأشخاص ؟ ....
مصر لن تصبح بحال من الأحوال دولة دينية بالمعنى المعروف ، وهو أن تتحكم جهة ما أو شخص ما في القرار ، فعندنا برلمان تُعرضُ عليه كلُّ القوانين ، حتى القوانين التي يقترحها رجال الدين أنفسهم تعرض على مجلس النواب أولًا وإن حازت القبول لدى الشعب تطبق وهذه هي ((المَدنيَّة )) في أوضح صورها ..
ـ نعم ، ولكن لا يخفى عليك أن مجلس الشعب قد تصبح أغلبيته إسلامية ، ومن ثم تمرَّر القوانين التي تتفق معهم فقط .
ـ لقد أدخلتني هنا في دائرة الممكن ، والممكنُ غيب ٌ، ومعظمُ الآراء التي تنبني عليه تكون ضربًا من الوهم ، ثم إن البابَ أصبح مفتوحًا أمام الجميع .. أمام الإسلاميين وغيرهم ، وأصبحت الفرصُ متكافئةً ، وعلى كل فرد من هؤلاء السياسيين أن يثبت أنه الأفضل وأنه الأجدر بالقيادة ، ويثبت ذلك بطرق مشروعة وسلمية ، ولا يتعمد الإساءةَ للآخر وتشويه صورته ليجني مكاسب سياسية على حسابه ... ولكن دعني الآن أعود للفكرة الرئيسية .. ألم نتفق بعد أن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية ممكنة ، وأننا قد نختلف معا في طريقة التطبيق تبعا لاختلاف المذاهب الفقهية ، وكذلك من الممكن أن نختلف حول الأشخاص التي ستتولى القيادة والتي ستقوم بالتطبيق .. أليس كذلك ؟
ـ نعم .
ـ إذن أعتقد أننا الآن التقينا في نقطة واحدة .. وهي : ( لنطبقْ الشريعة الإسلامية ، ولكن دعنا نختار مَنْ سيطبِّقها ، وكذلك لنختر سويا الطريقة التي سيطبقها بها ... أليس كذلك ؟
ـ نعم ، ولكن بما أنني سأختار من سيطبق الشريعة الإسلامية ، فعليَّ أن أختار علماء وفقهاء ليكون لديهم الفهم الكامل ، والوعي الشامل بكل تعاليم الإسلام ؟ .. ثم هل ترى أن تطبيق الشريعة الإسلامية لازم الآن وحتمي الحديث فيه ؟
ـ بالنسبة لسؤالك الأول .. لا .. ليس الأمر كذلك . إنما نختار من يؤمنون بالفكرة فقط ، ويكون لديهم القدرة على القيادة ، والسياسة ، وإقامة علاقات خارجية ، والحفاظ على أمن بلدنا واقتصادها ،وتوفير كل أسباب العيش الكريم ، ويمرون بمصر من تلك المرحلة برفق ، وتتوفر فيهم كل صفات القائد الملتزم الوسطي (( المؤمن بالفكرة )) ولا يجب أن يكون بالضرورة فقيهًا عالمًا بكلِّ دقائقِ الإسلامِ ، فالحمد لله لدينا (الأزهر الشريف) ، وجهاتٌ إسلاميةٌ متعددة يمكن استشارتها في كل ما يتعلق بالأمور الدينية الصرفة ، وفي النهاية كما قلتُ لك : هناك (( البرلمان )) وهو الذي سيحدد مصير الأمة ...
أما عن حتمية الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية ، فهو لم يتفجر هذه الأيام ... الحديث عن تطبيق الشريعة قديم يعود لأيام الحملة الفرنسية والقوانين الوضعية التي ألزموا بها المصريين ، وصارت مسلمات وتدرس في جامعات الحقوق .
ـ ولكن لا ينكر أحد أن هذه القوانين الوضعية في معظمها تتفق مع الشريعة الإسلامية .
ـ نعم لا شك لدي في ذلك .. وهذا بالطبع سيسهل إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية وسيجنبنا كثيرا من الصدام عندما نذهب لإقرار القوانين لأننا سنجدها في النهاية متفقة مع إسلامنا العظيم ، وكان من الأولى نسبتها للإسلام وإعطاؤه كل حقوق الملكية الفكرية لأنه صاحبها ومفندها ، وليس من وضعوها أو بالأحرى (سرقوها ) من الشريعة الإسلامية ليجردوا الشريعة من كل ما هو جميل ، ويلخصوه في الحدود وقطع اليد والرجم والجلد وحسب .
ولْتَدَعْنَا الآنَ نختمُ بهذا الدعاء الجميل ( اللهم يسِّرْ لمصرَ أمرَ رشدٍ يُعَزُّ به أهلُها ، ويُذَلُّ بهِ أعداؤُها .. اللهم مَن أرادَ مصرَ والمصريين بشرٍّ فاجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميره ، واجعل الدائرة عليه وعلى كل من يساعده ويقف بجانبه داخليا أو خارجيا .. اللهم آمين ) .
============================
خالص التحية
محمد محمود محمد شعبان
حمادة الشاعر
أديب ، ومفكر ، وشاعر
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية