لم يمضي وقت طويل ليقطف الأعداء أول ثمار مخططاتهم , الاثار ظهرت في بيروت وفي دمشق عندما تحولت المظاهرات السلمية إلى حرق وتدمير , قد افهم ما أقدم عليه الشارع اللبناني بحكم تركيبته وهامش الحرية الممنوح وكثرة العابثين والمحركين للأمور , لكن ما لا افهمه هو ما حدث في دمشق , والمعروف ان الشارع السوري معروف عنه الإلتزام ويعرف حدوده جيدا فهراوة البوليس لها تأثيرها ولها بريقها المفزع , فكيف حصل ان تحرق سفارة الدانمارك في دمش ..؟ وهل ثمة صفقة ما , او طبخة ما تحضر في السر ..؟ وما هيتها وما نوعها ولما وكيف ...؟ الأسئلة تطرح نفسها وربما الجواب ليس بعيدا قد يظهر منه ما هو مكشوف والمستور وحده الله عالم به والمخططين للأمور .
في مقالي الأخير عن المقاطعة وجدواها أو المقاطعة السلبية والمقاطعة الإجابية ومقاطعة الافكار كنت قد تطرقت الى خطورة المقاطعة الارتجالية والغير مدروسة وثمار الامور بدأت تظهر ولكن للأسف ليس في صالحنا كدأب الظروف التي نضع فيها أنفسنا دائما بسوء نية من السواد الأعظم وعن سوء نية من القلة التي تنتمي الى ديننا وعرقنا بالإسم فقط لكنها ابنة الغرب .
لقد هددت الدنمارك بحرق المصحف ولم تفعل وكان الكلام مجرد تحمية للاعصاب وحرقها للوصول الى الأهداف المنشودة وبث الفوضى لا غير ’ وهل يعتقد البعض ان الدنمارك لم يكن بوسعها حرق بعض السفارات العربية كرد فعل وسيقف معها الغرب بل حتى بعضالأنظمة العربية حتى ولو لم تعلن ذلك ..؟ الأمر عندها هين جدا ولن تلام اذا فعلت ذلك لان ذلك سيكون رد فعل للسخط الشعبي مثلما سخطت شعوبنا . لكنها لم تفعل لان الرسومات لم يكن الهدف منها تشويه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقط , لأن المسلمين كلهم يعرفون ان الغرب له حساسية مفرطة من اسم محمد , فمحمد هزم اعظم الإبراطوريات وأركعها وهو الأمي العربي راعي الأغنام , الكل يعرف أن محمدا هذا الذي جعل من رعاة الغنم قادة أمم رجل عظيم مهما رسموه وحاول تشويهه وشهد شاهد من اهلها عندما قال لو كان محمد حي لحل مشاكل العالم وهو جالس على كرسي يرتشف فنجال قهوة والقائل هنا ليس الطنطاوي شيخ الازهر وانما برنارد شو وواحد منهم . الدانمارك ومن خلفها الغرب لم يكن هدفها الحقيقي محمد لانها تدرك عظمته وتعرف ان الله كفاه شر العابثين لكن هدفها هو اظهار ان المسلمين كبشر همج غوغاء وارهابيين بالفطرة والدين , وقد نجحت عندما هاجم المسلمين الكنائس واظرموا النيران في كل الأماكن وبقي شعب الدانمارك "المتحضر" مسالما وهكذا ليشهد العالم كله أن المسلمين لا يعرفون معنى لحرية التعبير و انه لا يوجد مسلمين معتدلين ومسلمين ربانيين يعرفون كيف يحاصرون الأمور ويخططون للرد للمدى البعيد ليحكم العالم علينا أننا كلنا ارهابيين حتى وان علمنا ان الارهاب منبعه الغرب وحده , والهدف الكبير هو اظهار اسرائيل وشعبها المختار بمظهر الضعفاء المهددين في أمنهم من طرف الإرهابيين المسلمين الذين ان امتلكوا سلاحا نوويا فتكوا بالعالم اجمع وليس اسرائيل فقط .
كان من الحكمة ان نتحكم في عواطفنا ونبحث عن المراد بهذه الرسومات ونحذر بعض بنوا قومنا الذين يخططون مع الغرب. وهكذا بدلا من أن نحاصر العالم سنصبح محاصرين فيه ومما لا شك فيه أن ثمة مؤامرة من بعض الحكومات العربية لها يد طويلة في كل ما حدث وهذا لتظهر أن الإسلام خطر وجب محاربته وتبقي على لأنظمة حكمها الدائم بمساندة الغرب كله , بعض الأنظمة العربية كادت أن تسقط بالإنتخابات وبدأت بوادر تضعضعها وانهيارها تظهر للعيان والمد الإسلامي يمتد الى كراسي الحكم لذا كان من الواجب صده بأي طريقة كانت ومهما كلف الأمر .
ولازلت مصرا على جدوى المقاطعة لكن بعد تحييد العملاء وتحديد الأهداف والجدوى منها , فبالله عليكم مبارة في كرة القدم لها خطة ولها دراسة ولها أهداف ولها هجوم ودفاع وكل خصم يطرح خطته ويناقشها , ومصير أمة وقضية مثل قضيتنا تسير بلا خطة او دراسة أليس هذا مدعاة للعجب والتأمل والتساءل أيضا , هل ثمة متواطئين منا ..؟
الحقيقة التي لا جدال فيها نعم ثمة متواطئين منا ينتمون الينا إسميا فقط ويعيشون معنا وربما يسيرون أمورنا ويخططون للسياسة والإقتصاد ولسير المجتمع .
قبل أن نحاسب الدنمارك التي لا تعترف لا بمحمد الإنسان ولا بمحمد النبي ولا بمحمد صاحب الرسالة الإنسانية , لما لا نحاسب أنفسنا ونسال أنفسنا : ماذا تركنا لمحمد صلوات الله عليه .
الإبتعاد عن شرع محمد صلى الله عليه وسلم وتسميت البعض دولته بدولة القرون الوسطى اليس هذا سبا في شخصه الكريم , الإبتعاد عن دينه ومولات الغرب وجعلهم أحبة على القلب اكثر من المسلمين اليست هذه اهانة للرسول الكريم ..؟ سبق وان سافرت الى دول عربية ورايت بأم عيني كيف يعامل المسلم اخوه المسلم في المطارات ةكيف يعامل أهل الدنمارك فأدركت كم نحن نهين محمدا صلوات الله عليه . من اراد ان ينصر محمد صلى الله عليه وسلم فعليه بدينه أنا الصراخ والوعيد والمقاطعة التي يأتي بعدها عناق وشرب خمر وصفقات ورقص حتى آذان الفجر فتلك اهانة اعظم من اهانة الدنمارك لمحمد صلى الله عليه وسلم , محمد صلى الله عليه وسلم ليس في حاجة لمن يدافع عنه لانه ادى الامانة وختم الرسالة ومضى الى ربه طاهرا كما ولد و من ارد نصرته صلى الله عليه وسلم ما عليه الا رفع رايته واحياء مشروعه الإسلامي الذي يحاربه الكثير منا واعدوا لهم ما استطعتم " فما هي عدتكم يا من تنصرون نبيكم ..؟
قبل أن تشحذوا السيوف أشحذوا الهمم . . ومن ينصر الله ينصره . فمن ينصر الله ورسوله ..؟