أنا عاتب على الأخت نهى فريد ،عاتب عليها لأنها أولا لم تلتزم الأمانة العلمية ،ولأنها ثانيا لم تخبرني بأن قصيدتي عرضتها على الأخوة الكرام في هذا المنتدى الجميل الذي يفيض علما وأدبا.
فالأمانة العلمية تقتضي من الأخت أن تنشر رسالتي/التعقيب على ما لا حظته هي على قصيدتي ـ مرثية شاعر ـ وتنشر أيضا كل ما قلته عن قصيدتها التي تبدأ ب:هاك اعتذار....
وأنا هنا أحيي أخانا الأستاذ خشان على رده المتزن والمتعقل ،وأشكر كل الإخوان الذي ن أبدوا ملاحظاتهم حول قصيدتي المتواضعة ،فأنا أعتز وأتشرف بها لأنني استفدت منها ولهم الفضل في ذلك.لكن ليسمح لي أخي بندر الصاعدي بهذا التعقيب على بعض ماورد في تعقيبه وليكن صدره رحبا معي.
إن القصيدة المذكورة قلتها في رثاء الشاعر المغربي أحمد المجاطي ـ اسمه الحقيقي هو:أحمد المعداوي ـ رحمه الله ،صاحب ديوان "الفروسية "،والمرحوم يعتبر أب القصيدة المغربية المعاصرة عن جدارة واستحقاق وبكل المقاييس،وهو من جيل الستينيات من القرن الماضي.وقد نشرت القصيدة بجريدة:"بيان اليوم" المغربية ،ولكي لا أطيل أقول:
التشعيث جائز في عروض البيت إن كان مصرعا ،ولك أن ترجع إلى الشعر العربي لترى ذلك فيه،وللأخ الكريم أن يرجع إلى ديوان "في ظلال الثورة "للشاعر المصري الكبير محمود غنيم ليرى ذلك بأم عينيه.
ففي قصيدة "طلعة العيد" يقول الشاعر:
فرحة المسلمين والإسلام = طلعة العيد إثر شهر الصيام
وفي قصيدة" سفينة الموت"يقول:
فغر اليم فاه للركبان = وطغى الماء واختفى الشاطئان
وفي قصيدة"خطيب هوى"يقول:
أخطيب هوى عن الأعواد = أم كمي رماه ظهر الجواد
فأنت ترى هذه الأبيات كلها من بحر الخفيف الذي جرت عليه قصيدتي وكلها مصرعة وأعاريضها مشعثة،ومع ذلك فلا قبح فيها ولا عيب.وأنت لا تستطيع أن تقدح في شاعرية محمود غنيم ودرايته بالشعر.
.وبالنسبة ل"ثمة" فهي حرف عطف يفيد التعاقب مع التراخي ،نقول ثم وثمت وثمة وكلها تفيد العطف ،وأما ثمة التي تفيد اسم إشارة للمكان البعيد فهي بفتح الثاء وليس بضمها،فلا علاقة بين هذه وتلك.وأما الجمع بين سوف ولن فأنا لا أراه خطأ وإنما هو تركيب صحيح وسليم،وإن كنت تعترف بأنه من الأخطاء المعاصرة ،بمعنى أنه جاري الاستعمال في وقتنا الحاضر.
وبالنسبة ل"كم شاعرا"يجوز حذف حرف الجر مع الإبقاء على عمله ،كما يجوز نصب المجرور على نزع الخافض،وهذه قاعدة مشهورة في النحو العربي ،وهي ماطبقته هنا،ولعلمك أخي العزيز فأنا في الأصل ـ في الجريدة ـ أبقيت على عمل حرف الجر"من"بعد حذفه.لكن هنا نصبته مادام المعنى يبقى سليما ومعه الوزن أيضا.
أما بالنسبة ل"عذابا وعذابا"فأقول لا حول ولا قوة إلا بالله [فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا]وحتى لا أطيل أقول:إن الأولى بكسر العين والثانية بفتحها،وبينهما بون شاسع في المعنى.وأعتقد أنني هنا لا أحتاج إلى السبورة والطبشورة.وفيما يتعلق بكاف الخطاب في:"منك"فالسياق يقتضيه لأنني في موقف المخاطب للمرثي.
أما بالنسبة ل"متى"في البيت الأخير فهي ليست استفهاما ،وإنما بمعنى "حين"،وحتى لو كانت استفهاما فالاستفهام في هذه الحالة ليس إنكاريا ،وتمعن الصيغة التي وردت عليها "متى"في البيت.
أما البقية من التعقيب فهي لا تحتاج إلى تعقيب ،ليس لوجاهتها فالوجاهة لها مواصفاتها،ولكن لأن كل واحد هو حر في الفهم وفي التأويل،وبالنسبة لما جاء في التعقيب حول ما فهم من النص فليس بالضرورة ذلك الفهم هو ما أذهب إليه أنا وأرمي إليه في القصيدة،وليس من واجبي أن اشرح لكل واحد ما أقصده من كلامي، فكل ما أعرفه قلته في النص.فكما أن هناك من الشعاريرمن ينشئ "نصا أعرجا ليس يمشي مستقيما" ـ أؤكد في هذا المقام على جملة:ليس يمشي مستقيما ـ هناك من القراء من فهمه أعرج ليس يمشي مستقيما كذلك.
هناك بعض الردود لا تستحق حتى القراءة فما بال المرء بالرد عليها ،لكن ماذا يفعل هذا المرء إذا وجد نفسه بين مطرقة تأستذ الآخرين وسندان تعالمهم ،أعتقد أنني هنا فعلت ما يجب عليه أن يفعل.
أشكر مرة أخرى الأستاذ خشان ،أما اخي د. جمال مرسي فأقول له:إن الأذن المرهفة تستعذب الجميل يا أخي جمال.
شكرا لكل الإخوة والأخوات الذين أثروا هذا النقاش المفيد والممتع،وأنا ما زلت عاتبا على الأخت نهى فريد ،لأنها لم تخبرني بوقائع ما دار هنا بخصوص قصيدتي المتواضعة "مرثية شاعر".