الرسالة
إنني في رسالتي هذه شبيه بمسافر في أرض غريبة حط رحاله في هذه البلد
حيناً وفى ذلك البلد حيناً , كلما وجد في طريقه ما يستلفت النظر ويستحق الرؤية
والسمع , ومثلي في رحلتي هذه مثل السائح قد يفلت من نظره أهم المعالم لأنه
غريب لا يعرف بادئ ذي بدء أين تكون المعالم البارزة إلا إذا اهتدى بدليل من أبناء البلد , ولكني أيضاً مثل السائح الغريب قد تقع عيني على شئ لاتراه أعين
أبناء البلد لأنه مألوف لهم حتى لم يعودوا قادرين على رؤيته رؤية صحيحة
هذه فلسفتي للحياة اطرحها برؤية جديدة وبمفهوم جديد ومعاني اقتطفتها من
بساتين الحكمة والمعرفة.
في الحب.........
عندما يكون القلب عامراً بالحب فإن كل تنهيدة هي إعلان عن بداية حياة جديدة
مليئة بالأحاسيس المرهفة , فتتسارع نبضات القلب وكأنها أمواج البحر تتسابق
للوصول إلى الشاطئ , فالمرء عندها يكون في حالة من النقاء وصفاء النفس
وشفافية الروح ,فلا شائبة تشوب أفعاله بل إن حركاته وسكناته محسوبة عليه
بكل همسة حب أو لمسة حنان أو نظرة عطف أو خفقة شوق , فلا يكون العاشق عاشقاً ولا المحب محباً إن لم تجتمع فيه تلك الخصال الأربعة.
فلا يقاس الحب على أمراً إلا كان هو أعلى مافيه ,ولا يقتصر على العشاق والمغرمين فقط ,وإنما يتعدى ذالك فحب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله (صلى
الله عليه وسلم) وحب الدين الذي بعث به هو الأسمى والأرفع.
وحب الأم تلك الانسانة التي يضل المرء منا إلى أن يوافيه الأجل وهو مديوناً
لها ولا يستطيع أن يوفيها حقها من رد الجميل ,وكذالك حب الأب الذي لا يعادل
في وصف حب الأم إلا أن يقترن حبهما بالطاعة , وكذالك حب الأهل والوطن وحب الخير والسلام للناس هو الأرقى والأجمل.
وحب الجمال وحب الحياة , ليس حب من كره الموت وتمسك بالحياة لبهرجها
وإنما حب من جعلها زادا لما بعد الموت ,فلعمرك هل رأيت امرءً يحرث في ارض
ولا تعطيه شئ من خيراتها .
فليس هناك احتراف في الحب وإنما هناك غريزة في نفس الإنسان لا يحركها إلا
موقف صدق أو لحظة ود أو بسمة ثغر أو نظرة حنان أو لمسة يد, وأنظر بعدها إلى حال ذاك الإنسان والى تصرفاته وأخلاقه ستجد عندها عجبا !!
فالعطف والحنان والرأفة والرحمة والكرم تنبثق من نبع واحد هو الحب ,ومن
أنكر الحب فقد أنكر نفسه وتخلى عن جميل خلقه بقبيح عمله .
في الغيرة .........
لاغرو في أن الغيرة كما يقولون دليل على الحب , وهى ليست كما يصفها البعض
أنها أنانية من طرف لأمتلك الطرف الأخر,وإنما هي شعور يتولد بالفطرة لدى البشر بصفة عامة ,فالغيرة تكون على الدين وعلى الوطن وعلى الأهل وعلى الحبيبة , فان قلنا كيف تكون الغيرة على الدين؟ فذالك يكون بالحرص على ألا يدنس من قبل اى احد يريد أن يطمسه أو أن يقضى عليه, والغيرة على الوطن
بان تحرص على أن يكون وطنك دائما بخير وغير مضطهد من قبل الغير
وان يكون ليس مجرد رمز تعرف به وإنما هو امتداد لك ولأولدك من بعدك فحفاظك عليه هو حفاظ على امتدادك وعلى ارتباطك بمن تحب.
ولله ذر الشاعر الجميل ( أحمد رفيق المهدوى ) عندما وصف مرارة الألم عندما اخرج من وطنه فقال :
لم أكن يوم خروجي من بلادي بمصيب
عجباً لي ولتركي وطناً فيه حبيبي .
والغيرة تكون على الأهل بالحرص على سلامتهم وأمنهم والسعي على خدمتهم
والمحافظة على ألا يجرفهم تيار الحظارة الزائفة .
والغيرة على الحبيبة وهو بيت القصيد هو غيرة من أحب أن يرى فيمن يحب
صفات الكمال والكمال لله عز وجلا , فغيرة الرجل على من يحب أو على زوجته
مطلوبة ولكن ينبغي أن تكون على أسس من التفاهم والاحترام وليست كتلك التي
أن اندلعت فإنها لا تترك أخضر أو يابس , فالمرأة الذكية من جعلت حياتها الزوجية حياة سعيدة لا تكدرها الأيام مهما علي الخطب أو عظم والقاعدة الناجحة لأي علاقة مادام هناك تفاهم فهناك اتفاق.
في الكره .....
مابين الحب والكره مسافة شاسعة من ظلم الإنسان لنفسه, فالكره إنما هو مثله
كالذي يمسك بقلبه ويعتصره ويكتم نبضاته وذاك موت فيه حياة ,إذ انه ماقصد من ذالك إلا أن يعبر عن غيضه وضيقه بأن يسكته ,ولا يعلم بأنه بفعلته تلك يهبه
حياة ,فالموت بهذا الشكل فيه حياة وان كان الأسلوب في الظاهر فيه قسوة ,فالكره ينبغي أن يكون في الطباع وليس في شخص من نكره فأن تكره طباع
وتصرفات شخص هو في الحقيقة ليس كره في شخصه وإنما هو حب في تغيير
تلك الطباع وتلك الصفات .
فالحب يكون أيضا في الكره ويكون في الحقد وفي الحسد وأيضا في الانتقام
ولو أننا نظرنا إلي نفسية من يحقد ويحسد وأيضا من أحب الانتقام لوجدنا أن
هناك صفة مشتركة بينهما إلا وهو الشر فحب الشر يسكن النفوس المريضة
والتي تسعي إلي أن يكون كل البشر علي شاكلتهم , وحب الخير متأصل في النفوس الطيبة المسامحة التي تتناسي الجرح وان كان ممن تحب.
خلاصة القول......
عندما تتغير المفاهيم وتتبدل الكلمات وترتسم في مخيلتنا صورة للغد المشرق
بعيدا عن الواقع المظلم , وعندما تتفجر المعاني وتنتحر الحروف علي أوراق
الظلم وصفحات الغدر وعندما يصبح الباطل حقا والكذب صدقا والخيانة شرف,
وعندما نصاب بخيبات الأمل عندها فقط نتسأل أين الحقيقة وأين الصدق وأين
الشرف وأين الأمل وأين هي الرسالة .
فالرسالة ( حق يعلي وباطلا يزهق )