نص قديم اندثر معناه و عفا على دوارسه التراب ، و ظننت أن البعث سيسقني زلال حلوة على وريقة ورد .
أَنْداءُ الغَلَسِ هِي المُتَرَقَبَةُ ، و لَهَا يَطْرَبَ اللبُ مَرْتَينِ ؛ مَرةً أنّ الحَياةَ فِي الحَيا و مَرةً أنّ انْتِظَارَ الحَيا حَياةٌ آخْرَى .
هُنّ الحَياةُ ... هُنّ قُطَيرَاتٍ قَليلاتٍ يَمْنحْنّ الحَياةَ لظَامِئ شَارَفَ عَلى الفَنَاءِ و قَارَبَ الهَلاكَ قَابَ قَوسَينِ أو أدْنَى ، فَتُبَلْلُ بِطِيبِ بَرْدِهَا اللمَى و يَجْرِي بِعَذْبِ شَرَابِهَا الرّيقَ المُعَنْى ، و تَحْيَا العُرُوقُ حَياةَ الرّي بَعْدَ الجَدبِ و اليَبَسِ ، و يَنْتَفِضُ العُصْفُورُ فِي قَفَصِ الصَدْرِ يَرْقُصُ الفَرَحَ و يُرَاقِصُهُ ، و قَدْ كَانَ قَبْلاً يَرْكُضُ خَلْفَ تِرْيَاقٍ يَمْحَو دَاءَ القَلَقِ و يُشْفِي مِنْ وَجَعِ الاضْطِرابِ .
و انْتِظَارُهُنّ حَيَاةٌ ... حَيَاةٌ أخْرَى يَحْمِلُ فِيهَا الفَكْرُ أَلْفَ فِكْرةٍ وفِكْرةٍ ، مُقَسّمَةٍ قِسْمَةَ ظَالِمٍ ؛ فَألفُ فِكْرَةٍ تَقُولُ " لا " و فِكْرَةٍ تَقُولُ " نَعَم " ، و الانْتِظَارُ يَبْنِي مِنْ اللاءاتِ جَيشَاً يُحَارِبُ الاطْمِئنَانَ و السّكِينَةَ ، فتَصْمدُ قِلاعٌ و تَهْوى آُخَرٌ ، و " النّعَم " اليَتِيمَةُ تُطِلُ بِرأْسِهَا إِشْرَاقَةَ شَمْسٍ فِي يَومٍ مَاطِرٍ ؛ بَينَ الظّهورِ و الاخْتِبَاءِ حَالُهَا ، فَمَتَى ظَهرتْ تَبَخْرتْ كُلّ ظُنُونٍ بـ "لا " كَانتْ و كَأنّهَا مَا كَانتْ ، و مَتَى غَابَتْ هَويْتُ فِي وادٍ سَحِيقٍ بِلا قَرَارٍ .
ثُمّ ، أَجْمَعُ القَطْرَةَ و القَطْرَتَينِ و أَجْلِسُ كَحَائِكَةٍ أَغْرِسُ الأبِرَةَ فِي كُلّ قَطْرَةٍ لأنْظِمَ مِنْ قُطَيرَاتِ النّدَى عِقْداً مَرَةً يُطَوقُ عُنُقِي بِفَضْلٍ لا أنْسَاهُ ، أو بَعدَ الجَمْعِ أضُمُ القَطْرَةَ و القَطْرَتَينِ فِي إِكْلِيلٍ أُتَوجُ بِهِ رَأسِي بِعِرفَانٍ لا أجْحَدُهُ .