كل هروب منك يعديني إليك.
كل رحيل عنك يسبقني إليك.
وبالرغم من أنه لم يبق في العمر متسع لرحيل آخر، إلا أنني لا أقوى على أنتزاع نفسي من مقاعد الإنتظار في صالات السفر .. ولا على اقتلاع حقائبي المسجاة بجواري الفارغة مثلي من كل شيء إلا من الحنين.
أنا وهي ياسيدي مثقلتان بالحنين حد الإلتصاق بارصفة الموانيء ، حد التوحد مع عتباتهاالمتهالكة..وصدقني لا توجد قوة في الدنيا يمكنها أن تقتلع حقائب امرأة مثقلة بالحنين .
أتذكر جيدا بأني قد سجلت اسمي في قوائم المغادرين الآفا من المرات ولست أفهم كيف يسافر هذا الأحمق في كل مرة من قوائم الذهاب إلى قوائم الإياب!
ولاكيف تختزل كل مسافاتي الهاربة من عينيك إلى نقطة الصفر عند بواباتها الواسعة!!
ولا كيف يأخذني كل بعد أقرره عنك إلى ابعاد أخرى في عينيك!! ..أبعاد لم أكتشفها من قبل!!!
هاقد اكتشفتُ الآن بأني لم أكتشفك بعد.
هاقد أكتشفت بأني قد قضيت العمر أبحر ببوصلة مكسورة لاتعرف إلا اتجاهاً واحداً يشير إلى شطآنك.
أيها الواسع شاخت مراكبى على تلك الشطآن وانحنى على الأشرعة ظهر السفر ولم أظفر منك بَعدُ برحيل حقيقي ، رحيل لا يعيدني إليك.
ايها الممتد في سمائي و فوق أرضي ، أيها المنغرس كنصل سكين في اعماقي، امنحني ولو لبعض الوقت انتصاراً وهمياً، امنحني بعض مساحةٍ وهميةٍ خارج حدود عينيك، كي أمارس فيها طقوس رحيل وهمي ، رحيل لا تكون أنت فيه الشراع والمركب.
** حينما نكتب كلاما عادياً إلى رجل غير عادي