|
قد يصبح الطيرُ إن قُصَّتْ قوادمُـهُ |
وهاجرَ السِّرْبُ محزوناً إذا ساروا |
ويصبح الشعــرُ أنغامـاً مبعثـــرةً |
إنْ تُثقلِ الفكـرَ أحــــداثٌ وأفكـــارُ |
ما لي ألـملمُ أحزانـي وأحصرُها |
وأكتـمُ الهـمَّ ، إنَّ الهـمَّ ضَــــرَّارُ |
مسحتُ دمعاً عزيزاً كنتُ أمنعـهُ |
حتى تهاوى فسالـتْ منـهُ أنـهارُ |
يا بائعَ الصبرِ أفرغْ ما تُحمّلـهُ |
فقدتُ صبري وهبَّتْ في الحشا نارُ |
إنِّي حملتُ همومَ العُرْبِ قاطبـةً |
فكيفَ أقـوى ، إذا مـا مَسَّـها عـارُ |
ماذا أُحَـدِّثُ لا قلبي بمنصـرفٍ |
عنها ، ونفسي لحزن الشرقِ أوتارُ |
ماذا أحَـدِّث يا قلبـاً يؤرقنــــي |
ومنبعُ الفكــرِ أوحــالٌ وأوضـارُ |
ذابت شجونٌ بصدرِ المرء يكتمها |
كما تذيبُ شبابَ الناسِ أعمــارُ |
جفّت ينابيـعُ أشعـــارٍ وأوديــــةٌ |
وأقفـر الرَّبْــعُ ، لا مـأوىً ولا دارُ |
إن جئتُ أبكي ففي الجنبينِ عاصفةٌ |
هوجاء ثارت فهزَّ الصدر إعصارُ |
إنَّ الثعالبَ عن لـؤمٍ تراوغـنا |
كما تروغُ بأرضِ الطُّهْـــر أوزارُ |
تسعى النفوسُ إلى حقدٍ ومكرهـةٍ |
كما يسوق غُثَـاءَ الأرضِ تيّـــارُ |
أين القناعُ وكيف اليومَ تُرجِعُـهُ |
لا تَحجب الشَّمسَ بالتظليلِ أشجارُ |
إنْ كنتَ تأمل أنْ تَلقى مَوَدَّتَـهُم |
فسوف تُجـزى بمـا لاقى سِنِمَّــارُ |
هذي بلادي نيوبُ الشِّرْكِ تنهشُها |
وقـادة العُـــربِ أصنــامٌ وأحجـــارُ |
لا ينهضون إذا دِيسَتْ حياضُهُـمُ |
وليـس تُرعــى لِمَــنْ والاهــمُ دارُ |
ناموا على الذلِّ حكّامـاً وأنظمـةً |
وليس يقــوى على إيقاظهــم ثــارُ |
بثّوا إلى النـاسِ أفلامـاً مُخَـدِّرَةً |
وأرْهَـقَ الناسَ بالتصفيــقِ زَمّــار |
إنَّـا ابتُلينـا بقـومٍ لا تُطَهِّـرُهم |
ميـاهُ دجلةَ لو فـارتْ بهــا النـــارُ |
ربَّاهُ عفوكَ إن زلَّتْ بنا قَـدَمٌ |
أنت الملاذُ ، وأنت البيتُ والجارُ |
هذي عيونٌ لبابٍ لستَ تُغلقـهُ |
ترنو إليكَ وتشكو ضعفَها الــدارُ |
جاءتْ تطوف وفي أبصارها أمـلٌ |
كمــا يطـــوفُ ببيـــتِ اللـهِ زُوَّارُ |
مدّوا إليك يدَ المظلـومِ ضارعـةً |
ربّـاه أنتَ لضيـق النفـــسِ ستـارُ |
إنَّ الطفولةَ قد ذابـتْ بشاشتُهـا |
كالروض تذوي على جنبيه أزهارُ |
تغضَّنَ الوجهُ وانسابتْ مدامعها |
تلك العيونُ وخلف الدمع أســرارُُ |
وحارت الأمُّ من حِرْصٍ على ولـدٍ |
تخشى عليه وفي الأحشاءِ تسعـارُ |
ماذا أُصَوِّرُ من بـؤسٍ ومـن ألـمٍ |
وكلّ شيءٍ بأرض الشَّرقِ ينهـــارُ |
مللتُ شعري وأفكـاري مؤججـةٌ |
فليذهب الشعــرُ إن ذلَّــتْ بنـا دارُ |
عفو القريض فما نفسـي بقـادرةٍ |
والحزنُ أوغلَ والتصريـحُ إقـــرارُ |