العزيزة صابرين
فن القصة القصيرة هو أنسب الفنون تعبيرا عن تفاعلات الحياة المعاصرة، وهو بالطبع فن سردي يتميز بقدرته على التقاط التفاصيل في اسلوب مكثف ومختزل ..ولا بد في القصة من ثلاث سمات جوهريه هي :
1 -الموقف : فالقصة تعبر عن موقف كاتبها من فكرة او قضية ، وهذا ما حاولت قصتك الموسومة ب"لن أحضر نحري"، فهي تعرض لنا البطلة المتشظية مشاعرها ، وهي تقدم آخر وصفة حب من مشاعرها متعيشة على أمل يأتي او لا يأتي ..ولما يتحقق الوصل والوصال بعد المكابدة الصوفية المريرة تجد هذه البطلة نفسها تنزف جرحا غائرا يستحيل معه تحقيق سعادتها التي تسرقها أخرى.وكأنها كانت تعيش رحلة بحث عن زمنها الضائع..
2 - اللحظة :اذ أن القصة تصور لحظة من لحظات الزمن ، لها دلالات وايحاءات معبرة ، وهذا ما حققته هذه القصة لكونها تصور لنا لحظة زمن الشوق والانتظار ، فيتحول هذا الزمن الى زمن للمعاناة والمكابدة من طرف البطلة ، وبالتالي الى زمن اليأس بدل ان يكون المعادل الموضوعي لزمن السعادة..
3 - اللقطة : وهي ما يشبه الصورة الملتقطة ، ولعل قاريء القصة يدرك انها تصور لقطة من حياة البطلة في انتظارها للذي يأتي ولا يأتي..
أما تصميم القصة فيمتاز بالنسج و الانسجام والتركيب في توليفة تامة بين العناصر الفنية للنص، أضف إلى ذلك تلك اللغة القصصية الباذخة في شعرنة محكيها أي ان اللغة شعرية بامتياز للتعبير عما تعيشه البطلة من مشاعر جوانية تبئر الذاتي أكثر من اي جانب آخر، ومن هنا هذا الغموض الذي قد يلمسه بعض القراء للنص ، لان اللغة الشعرية هي لغة فوق اللغة العادية أو ما يسميه رولان بارت بالميتا-لغة ..وهذا أيضا ما يجعل الزمن بطبيعته الفيزيائية التاريخية غير باد بوضوح ، ولكنه يتراجع لصالح الزمن النفسي التخييلي الحلمي..وأعتقد أن القاريء اللاهث وراء جمالية مكونات القصة في سراديب النص لهو قاريء متفاعل وايجابي..ويبقى عنصر التشويق مرتبطا بالطبعة الكلاسيكية في الكتابة القصصية و أمرا ثانويا في الكتابة الحديثة أو غير ذي بال..بينما شخوص القصة هم في الاصل ثلاثة لا اسماء لهم ولكن القاريء من خلال قراءته المتأنية يظفر بتلابيبهم ومواصفاتهم وتعالقاتهم...
ومن خلال ما سلف ، أرى أن هذا النص يحقق جماليته القصصية اعتمادا على مكوناته الفنية ومدى انسجامها، وهو أقرب الى جوهر النص القصصي منه الى نص الخاطرة..
من الفرق بيننا= ما الفرق بيننا
هل ستبقي بجواري= هل ستبقين بجواري