أشعل ذاكرته وراح يجدف في أفكاره ثم رسا إلى الجانب المضيء في تاريخه فخيمة عليه الحيرة والتعجب , الأجساد والعقول لم تختلف بل أنها هي كما كانت منذ تفاعلها مع أرضها والذود عنها فمرت صورة صلاح الدين وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي والثورة الجزائرية , إذاً ماذا اختلف ؟ سؤال أجابته تضيع في زمن الانهزام والذل والاختلاف والشقاق , فك قيد الحيرة والاستغراب وقرر أن لا يعيش على الأحلام والإطلال
, فانطلق بجسده لكي يهزم ذلك الواقع المرير فعبر الحدود التي غيرت معالم وطنه ليواجه المحتل الذي يرزح على جزء من تراب الوطن الكبير , قاتل بشراسة وقوة في مخيلته صورة الماضي التي تعطيه طاقة كلما واجه او كر وفر وفي النهاية كان على موعد مع الأسر فبدأت معاناته وشقائه وعذابه .
في سجن أبو غريب أهينة كرامته وأصبح يعامل كالحيوان من قبل دعاة الديمقراطية والعدالة الإنسانية
أرجوكم إنني بشر !
اصمت انك لست من العرق الانجلوسكسوني أو الجنس الأبيض .
ذاق مر العذاب والتنكيل في سجنه ,
ثم جاء الأمر في نقله إلى معتقل غونتاناموا حيث يصبح بعيدا عن وطنه
يعيش مقطوعا عن العالم في حظائر تجعل من الإنسان بهيمة وغير ذا قيمة ,
يصرخ أعيدوني إلى وطني , لا أريد البقاء هنا ,
انك عدو لنا وأفكارنا التي نريد نشرها لكي تسيد أجواء الحرية ,عليك أن تعرف الديمقراطية,
لقد طبقت علي في سجني الأول ,
أنكم تحتاجون وقت حتى تفهمونها جيدا
أي وقت هذا الذي تتحدث عنه ,
لقد جعلتم منها علاجا يعطى حسب مصالحكم ,
ديمقراطية للفرد , ديمقراطية للمراة , ديمقراطية للطفل , ديمقراطية للصحفيين , ديمقراطية للكتاب ديمقراطية للجائعين , ديمقراطية للمنكوبين ,
كل هذه الجرعات تعطى من قبلكم في أوقات محددة ومدروسة ,
كفى عن هذا والزم الصمت ,
وفي الصباح دعي الى الاصطفاف في وسط المعتقل,
طال الوقوف والانتظار بعدها سمع من الخلف تعالي ضحكات وصخب من قبل الجنود الذين كانوا في حالة سكر شديد , ثم تلا ذلك إطلاق نار خر بعدها صريعا والدم ينزف من رأسه,
وفي اليوم التالي أعلن في وسائل الأعلام انه انتحر .