..(1)..
الحرية الحمراء
" مذبحة دير ياسين "
بقلم : إيمان صبحي دلول
زينب محمد إسماعيل عطية شاهدة على التاريخ
همهمات ونحيب لم يتوقف , صدى صرخاتها لم تفارق أذني منذ اللحظة .
خفقان صوتها لا يزال يهز مسمعي , أي لحظات تلك التي لا تنسى .
تلك التي تتراءى ليَ الآن ..
9 ابريل 1948
تاريخ أسود ملطخ بالدماء , جثث مشوهة وأشلاء نازفة ممزقة بين الحطام ومن تحت الركام , أجساد بلا أطراف , رءوس متقطعة وأطفال مذبحة هنا وهناك مرتمية , أجنة أعدمت في بطون أمهاتها , شباب ونساء , أطفال رضع , شيوخ عجز ترمي بالرصاص أمام الأنظار , شيخ عجوز أدركه المرض فهو يلازم فراش الموت يلقى من نافذة غرفته البالية في عمق البئر !
انقطعت أنفاسي ..
وانقلبت صفحات وجهي , تلجم لساني وأخذت تبكي سائر أعضائي .
أغمض عيني لن أنسى , أفتحها تزداد البلوى , يسقط دمعي فأواريه ويبكي الشعرا .
ليتك لم تشرقي شمس الفراق
كلمات بنبرة النحيب منسوجة بشكوى العجوز الثكلى طرقت أذني ..
نحيب وهمهمات من جديد كلما آنستها الذكريات , آلامها لم تجف بعد , باتت وحيدة يلفها الفراغ ولا يتواني أن يرثي لها لسان حالها , تاهت بوصلتها ونسيتها الإنسانية فلا عادت تعرف سوى المناجاة , تنوح تارة وأخرى تبكي كالأطفال , تعود صائحة : حنونة يا بلدي
هذه هي العجوز التي لم تفارق ذهني صورتها ولم تغب عن أذني صدى صيحاتها .
وها هو التاريخ الأحمر لم يخلف لها سوى مرارة الأسى التي لا زالت تلتعقها , والحسرة التي لا زالت تمتشقها , وجراحها التي تكوى ولا ينفخ عليها .
من الغربة يا رب أرحنا
عادت بنحيب صوتها تناجي ربها , لعلها تدرك حريتها الحمراء التي لا زالت تنادي بها الأرض المقدسة تلك الأيادي المطهرة .