لــــــن
لن أُسميك أحمد!
ولن أجعلك قرويا تحب السواقي التي تدور في الليل لتروي الأرض المشتاقة إلى الري، تدور فيها الأبقار معصوبة العينين منذ عهد خوفو.
ولن أجعلك تكتب في مذكراتك أنك أحببت "هيام"، أخت صاحبك فوزي، واحتضنتها وسجلت في سويداء القلب القبلة الأولى!
لن أجعلك تُلقي شباكك في الليل لتصطاد القمر الأخضر والنجمات الساهرة، وفي الصباح تُغازل الشمس حتى تخفف من نارها المحرقة وأنت تجمع الدودة من شجيرات القطن، أو توزِّع شتلات الأرز في أنحاء اللوحة المائية!
لن أرسلك مُعاراً إلى قطر لتعاقر أحزانك كل ليلة صارخا في دفتر أحوالك: لماذا تركت الوردة؟ ولماذا هجرت الخضراء؟
لن أجعلك مدرساً للحساب والعلوم، ولكني سأجعلك مدرساً للنصوص، وهاوياً للتاريخ والجغرافيا.
لن أذكر حكاياتك الغريبة معي كتأليبك أخواتي الأربع عليَّ بإغداقك عليهن، ليبدو كرمك عملاقاً في مواجهة شُحِّي وبُخلي!
لن أجعلك تموت في قطر وأنت تهاتف زوجتك في طنطا لأنها أخبرتك أن حريقاً شبَّ في بعض بيوت قريتك!
هأنذا أرى الغيم ينعقد على جبينك، والمزالق تعبرها واحداً واحداً، ولا تقع في فخاخ الصحراء، وأنت تقول لابنك الصغير:
ـ سامحني يا "مغاوري"!
صحيفة "المساء الأسبوعية"، في 20/12/1997م.