مَـنْ قتـَل مَـنْ ؟
جَمَع الحاكم الرعيّة ليشهدوا عملية شنق مُعارضِهِ الّلدود، في خطوة برّرها لمستشاريه قائلا: أضربُ عصفورين بحجر.
احتشد الناس ناظرين إلى رجل مُقيّد يعتلي كرسياً، وقد طَوّقَ حبلُ المشنقة رقبته. تساكَتَ الجَمْعُ حين تَـقدّم الحاكمُ من خَصمه ببطءٍ رزين وقال له:
ما هو طلبك الأخيـر؟
قال الرجل: طلبي الأخير ألاّ يُحشر رأسي داخل كيس أحمر أثناء تنفيذ الحُكم، وأن تبقى أمامي كي تكونَ صُورتُـك آخرَ عهدي بهذه الدنيا.
فضحِكَ الحاكم حتّى اهتزّ كرشه وسط استغراب الناس ثم قال له باستهزاء: لك ما تريد.
حان وقت التنفيذ وخيّم الصمتُ على الوجوه الواجمة.
فجأة ! شبّ الرّجلُ نابضاً جسدَه إلى الأعلى، دافعًا الكرسي من تحت قدميه ، فتَـدلّى مُتَرنّحا في الهواء وقد التَوَتْ رقبتُه واستطال لسانه.
شهقَ الحاضرون ودوّتْ صرخاتهم وانقسموا إلى ثلاث فئات:
فئة غطّوا وجوههم بأيديهم رعباً وأجهشوا بالبكاء.
وفئة قهقهوا في البداية ثم أطرقوا برؤوسهم تقزّزاً وحُزنا.
وفئة تدافعوا حول الحاكم يذُبّون عن حياضه ويحفظون أمْـنَه الشخصي و... يمسحون سائلا لزجاً عن وجهه.