ها قد صرت وحيداً تملؤك الشكوك من كل نحو وصوب..تقتلك الظنون الشيطانية..تدفع ثمن كبريائك بأن صرت وحيداً..ممزقاً..مرمياًّ في القاع،لا يستمع اليك احد لو تحدثت..لا تخطر ببالٍ لو تحطمت..لاتقبل أنت حتى...بالنظر الى وجهك،يقطِّع شرايين قلبك ثمن الوفاء..بالفعل انه ثمن مرتفع،لا يطيقك الناس..لا يطرقوا باب منزلك..لا مكالمات هاتفية..لا رسائل..لا مكالمات على هاتفك المحمول الذي اصبح يمل صحبتك..الا من زملائك في كليتك اللعينة والذين لا يلبثون أن يشطبوا رقمك من هواتفهم بمجرد انتهاء العام لانتهاء علاقتك الدراسية بهم،تأمل بريدك الاليكتروني كيف اصبح فارغاً،إلا من إعلانات الشركات والتي تأتيك مصادفة،لماذا؟...قم..اذهب وانظر الى وجهك في المرأة،لعلك كنت مخطئاً بحق صديقٍ أو صديقة،لماذا الكل يتركك؟ لماذا الكل يغرس خنجره في نفس الجرح؟ ابحث في قرارة نفسك لماذا الكل يطعنك في ظهرك؟ لماذا لم تجد صديق عمرك حتى الآن؟ لماذا الى يموك هذا لم تجد من تحبها او من تقبل بحبك؟ ألهذه الدرحة كان ثمن الاخلاص والوفاء وعزة النفس والكبرياء باهظا؟ أهذا ما جنته يداك؟ التفت مرة أخرى إلى المرآة لعلك تجد شيئاً تسلي به نفسك الوحيدة-العزيزة-،هاقد وجدت عينيك متمسمرتين،هل رأيت كيف فوجئتا من منظرك؟!! الكل لا يعرف حقيقتك الطيبة؟!! هه...هذه حجة قديمة،الكل لا يعرفك إلا إذا خالطك واقترب منك؟! قد اقترب منك كثير من الناس وخالطوك وجالسوك سنين طويلة،ولكن الذين ابتعدوا وتركوك وحيدا هم اكثر بكثير،أنظر الى عينيك مجددا،أين بحار الدمع التي تدعيها أين الحنان؟ لا ترى الا عينان قد تكدس فوقهما غبار الزمان،هل جفت بحار الدمع من عينيك...مسكين!! لا تخدع نفسك بقول:
جفت بحار الدمع من عينيَّ كأنما*****طاف الثرى فيهما واستقرَّ
أي ذنب فعلته حتى تصل بك الحال إلى هنا؟ أهذه نهاية مطافك؟ أوما أسميت نفسك يوما بطبيب العشاق؟ ماذا جرى لك؟ أ ين هم أولئك العشاق الذين كانوا يشكون إليك همومهم ولا يعلمون أنه هم عليك لأنك لم تذق طعم العشق يوما؟ أوما كنت لهم مثل بحر حنان يصبوا فيه همومهم دون أن يدروا عن همومك شيئا؟ أين ذهبوا عنك؟ ها قد رحلوا وتركوك وحيدا ترقص على صوت أنينك..وأي أنين؟ إنه أنين الوحدة الذي يفتت قلبك ويحرقه ثم يطؤك مثل سيجارة انتهى من نفثها في الهواء البارد ليدفئ بها جسده،ها قد انتهت رحلة شمعة كم أضائت طريق المحبين،ها قد أسبلت آخر دمعة..إنها الدمعة التي تطفؤ مسيرة هذه الشمعة،فكم سهرت لتضيء طريق العشاق..أو ليسهروا على ضوئها وعند الرحيل لا ينظروا إليها حتى نظرة حسرة أو وداع...فارثِ نفسك فما من أحد حتى ليرثيك.
ألق نظرة أخيرة إلى نفسك مجددا..مراراً..وتكراراً..واس ألها..لماذا الكل يحكم عليك من منظرك؟ لكن هذه المرة سوف تجد عزة نفسك في وجهك،سترجع إلى ملفاتك وأوراقك المبعثرة وتلملمها وتعلم أن ما أنت عليه إنما هو الصواب،ولن تجد بديلا من المواصلة،فهذا طبعك وما كان الوفاء عيبا ً ولا نقصاً،ولكن الزمن قد جار عليك..وثمن الوفاء والإخلاص والحرية سيظل باهظاً وسيصل بك الحال إلى أكثر من هذا الذي انت فيه.
أغلق نور المرآة وتوجه إلى سريرك واخلد إلى نومك مطمئناًّ ولو لمرة في حياتك فخالقك هو الأعلم بما في قلبك فلا تحزن على نفسك لأن ما أصابك إنما هو قدر من الله عليك...