نجمة... أرضية
إن كانت العيون الحزينة تحمل معها من متاع... فلن تحمل سوى أجمل فصول السنة... فصل الحزن و الاوراق الصفراء.. فصل تتعرى فيه الأشياء لتكون أجمل و هي تنزع عنها كل الزيف و ترمي كل الأقنعة... بعيدا إلى أعماق قلوبها...
لا أدري, ألهذا أعشق هذا الفصل؟! أم أن الحزن جمع بيننا فتوحدنا.. و جلسنا معا في محطة الرحيل... و الاحزان نتحاور دون أن ندرك بأننا شخص واحد... ينظر إلى مرآة؟
التواجد الدائم برفقة الحزن يبعث في كثير من الأحيان على الفرح ... فالحزن يصقل ارواحنا.. فتصبح كالماس... مصقولة, جميلة, حساسة, راقية و الأهم تصبح صلبة في وجه الورود... و العيون. تصبح قلوبنا أقرب من كل الناس.. من نحب و من لا نحب... و حتى من نكرهه. فالحزن يهذب النفوس و يقوي العزيمة... فينبت الصبر و تثمر المحبة... و حتى دون أن ندري... و هل هناك شيئا أجمل من صبر يانع... و أنثى ناضجة؟!
كنت دائما أحن إلى الرحيل... إلى البعد.. عل البعد يقربني.. من حلمي ربما, و لكني كنت أرى حلمي أكبر كلما أقتربت منه... حتى ما عدت أراه... ما عدت أسمع إلا أصداء... كلها أصداء لقلب واحد... لحب واحد... و أرواح متعددة. و لكن في وسط هذا الكم الهائل... من الركام و الأصداء, سمعت صوتا حقيقيا... يتردد من بعيد.. قادم من الشمال... أيكون ذلك الصوت النجمة التي أهتدي بها؟ لقد كان صوتا حزينا... صوتا ذات عيون فلسطينية, و روح ملاك, و قلب أميرة, و ضحكتة عذبة... و ذات همس فيروزي دافئ. فتعارفت الأرواح... و تصادقت النفوس. لعل الناس جميعا بهتدون بنجمة في السماء... و لكن, هناك أيضا نجوم أرضية... تهدي كما نجوم السماء.. و لكنها فقط... أجمل. و لقد وجدت نجمتي... الأرضية.
الثقة يا سيدتي لا يمكن منحها و لكنها تكتسب... و لا يمكن إكتسابها إلا بمنحها. و أنا أمنحك ثقتي... و حزني... أمنحك أيامي... و فكري.. و لكن لا تغادريني, قاومي... و غرَدي, إحزني.. و إعشقي, و لكن لا تغادري, ابقي... و ستكون الحياة أجمل, إحزني... و ستمطر السماء, دعي الحزن يصقلك...فهو لن يقتلك, أحبي الخريف... ليأتي الشتاء... و تبكي السماء, لا تتوقفي عن كتابة الأغاني... فما و من يهم هومن يكتب الأغاني و ليس من يغنيها... خذي نفسا عميقا.. و أغمضي عينيك.. و انا سأحكي لك قصة.. حزني و أملي.
جل الذي أريده منك... أن تسمحي لي أن أحزن بقربك... أن تتعارف ارواحنا... أن يصهرنا حزننا معا.. فنتشارك أفراحنا و دموعنا... ربما التقينا من قبل في محطة الرحيل... و الأحزان .. ربما تشاركنا كل هذا دون أن ندري.. فهل نتشارك هذه المرة و نحن ندري؟! هل تكوني ثمرة الصبر خاصتي... و انا لا أدري؟!
و جل الذي أريده لك أن يسكن الفرح إى جوارك و يرتحل معك أينما ارتحلت, فلا يقتل هذا الفرح الحزن الساكن بقلبك أو يخالطه... فلا تحزني بفرح ولا تفرحي بحزن . و أن يسكن الجمال قلبك, فلا يتلوث بالحياة... فيصقله الحزن ليصبح كزهرة ثلج معطرة بالياسمين... فتكوني ذا جمال معطر و فرح دائم... فتبعثي بمن يتعطر بك... الحياة.
أكاد أرى بعينيك زهرة زنبق تهم بالرحيل... و كم هو مؤلم رحيل الزنبق. إني أرجوك أن لا تدعي الزنبق يرحل... و كوني نجمتي... و ياسمينتي دائما.. و إلى الأبد.