ألحريّة وأنا
***
قصفُ الرَّعدِ يصمُّ اذنَّي.
وسيوفُ البرقِ الناريَّة,, تقَطِّع كبدَ السماء.
الرِّياحُ تمرُّ بينَ المنازلِ, والأشجارِ والأزقة ,مسرعةً,, متأوّهةً,,مولولةً,,متقوَّسِ ةَ الظَّهر.
تمرُّ ,,, بشعرِها الطّويل المجنون المتطاير,
مادّة ًعنقَها,, ويديها الطويلتين الرفيعتين أمامَها,, بينما عيونها المتوهّجة, تنفثُ شرراً يملأ ُالفضاء.
إنّها عاصفة!!!
***
ما زلتُ أراقبُها من خلفِ زجاج النافذة
***
صوتُ العواصفِ يشعرُني بالخوفِ الحي !!
الخوفِ الذي تمنطقُه الحميمية,, والشعورُ بالحياة!
***
بدأت غريزةُ الحرصِ تتشبَّثُ بأطرافِ ثوبي,,, تأمرُني بالتدثُّر بالدفئِ داخلَ منزلي
وذاتُ الغريزة, تحفِّزُني, وتحرِّضُ إحساسي للإنطلاق
فالبقاء يقتلني!!!
***
وأخيراً... امتطيتُ ظهرَ الريحِ المجنونة
وأمسكتُ شعرَها بقوّة,, لتأخذني حيث تشاء.
***
على غيرِ هدَى... وجدْتُ نفسي في شوارعٍ مصقولة ,مليئةٍ بالمصابيحِ المرتعشة
استشْعرْت أنني في مدينة نيويورك, وأنني ,وجهاً لوجه أمام تمثالِ الحريةِ الرائع
***
نظرتُ إليها,, فهالَني ارتفاعُها!!
ما زالت واقفةً كما هي تحتَ الأمطار
الرَّعد يضربُها,, يكادُ يفجِّرها
والبرقُ يشهرُ سيوفَه في جسدِها
والرياحُ تعبثُ بها
***
أيتُها العذراء المسكينة,
العاصفةُ خطيرةٌ هذة المرَّة
وأنتِ ما زلتِ واقفة كما أنتِ منذُ سنين طويلة
قلت هذا,, والحزنُ يتدفَّقُ مع كلماتي,, كما يتدفَّقُ المطرُ من أطرافِ ثوبِها
***
أرجوكِ أختاه
يا أخت اللصدقِ والمحبة ِوالأمانة
عودي إلى بيتك
إنَّها ليست أوَّلُ عاصفةٍ تمرُّ بي
قالت هذا,,, ومن عينيها, تدفّقَ نهران من دمٍ يغلي!!
***
قلتُ بصوتٍ مذعورٍ لايكادُ يخرجُ حتى يخنقة ا لرَّعد,, وتبدِّده الرِّياح
أيّتها الحريَّةُ الحبيبة
يا حبيبة روحي وكلّ الأرواح
لماذا أنتِ حزينةٌ كالثَّكلى؟؟
لماذا وجهُك شاحبٌ كالموت؟؟
لماذا السماء ُفوقَك ثائرةٌ غضوب؟؟
لماذا المحيطاتُ حولَك كالحةٌ... إلاّ بقع من دمٍ يغلي ويصرخ؟
بالأمس,, كنتِ حلمَ الملايينِ من البشر!
بالأمس ,, ارتفعت راياتُ الشعوب, واستيقظت أحلامُ الأمم, وصدحت موسيقى الإنعتاق في كلِّ أرجاءِ الأرض !!, يومَ ارتفعَتْ هامتُك العظيمة.
***
فتحَتْ الحريةُ فاهً صخرياً جافاً, يتشققُ مع كلِّ حرفٍ تلفظه, وقالت
أختاة
أسكتي أنفاسَ قلبِك المضطرم
وإحبسي صراخَك في قمْقم
لملمِي أختاه أحاسيسَك الملتهبة
فإن من أوقفني ههنا,, وطلب منّي أن أعانقَ الشمسَ
مات
أذنُه اليومَ لا تسمعُنا !!
وعينُه لا ترَانا!!
/
وأقصى ما أتمنَّاه اليومَ أنا
أن يرزقني اللهُ بطائرةٍ جهنميّة
تخترقُ صدري
تحوِّلُني غباراً مقدساً
ترفعهُ الرياحُ إلى النجوم
تريحُني إلى الأبد,,
وتخفيني من ذاكرة ِالأيام
كم أحسدُ الأبراجَ التي ذهبت!!!!
***
أخفيتُ وجهي تحت كفيَّ
وبصوتٍ حزينٍ يجهشُ بالبكاء ~قلت~
أيتُها العذراء المسكينة
بحثتُ عنكِ في منامي سنينَ طويلة
رمتُ عمري,, أن أستحمَّ بلهيبِ شعلتكِ الأبيضِ الخفَّاق
حلمتُ عمري,, أن يحترقَ جليدُ الموتِ في صدرِي تحتَ شمسكِ الساطعة
وعندما التقيتُ بكِ, وجدْتك تحتضرين!
ما هذا القدر ؟؟؟
ما هذا القدر؟؟
***
قالت
مصلوبةٌ أنا كما ترين
مثل يسوعٍ صلبوني
ومثل كل ِّالأحرار,, تركوني أذوي وأموت بدون رحمة.
الأرضُ قاسيةٌ والقلوبُ أقسى
غابةُ الياسمينِ تحت قدميّ احترقت!
وملايينُ النجومِ التي كانت تشعُّ في خصلاتِ شعري انطفأت!.
أنا الآن تمثالٌ من صخرٍ,, يعبدُني الكفرة!!
***
رفعتُ إليها يدَيّ
وبصوتٍ يشبهُ الرَّعد ويطغى علية~ قلت~
إنتظري أيتها الحريَّة,,,
أرجوكِ انتظري ,,وانظري
***
في سماءِ الشرقِ, فجرٌ أزرق يحاولُ الإنبثاق
وبيوضٌ من نار,, ترقدُ عليها الليالي السود
***
قالت
أهي حقاً بيوضُ نار ؟؟؟
أم فحمٌ حجريٌ من الألمِ الملتهب
***
قلتُ بإصرار
بل هي بيوضُ النار الواعدة
***
حدَّقت الحريَّةُ في السماءِ الشرقيّ لحظات
ثم اختلجَ جسدُها اختلاجات عنيفة
ونفضت ذراعَها الأيمن بقوة
فإذا قطعة من حديدٍ كالح ,,سداسية الأطراف
تهوي وتتدحر!!!!!ج
ماسة