يموج شعرها الكستنائي عند هبوب نسيم البحر الرقيق معانقاً شعرها الجميل، وقفت سامية وقد أسندت يدها على كتف زوجها مازن ، كان ثمة قلق عميق في وجه هذا الجالس على كرسي من الخشب، وكانت سامية تحاول أن تسبر أغوار قلقه علها تفهم شيئاً مما يدور في خلايا عقله الرمادية ، أو علها تنفض عنه بعض تراب القلق الذي علق على وجهه الوسيم.
بدا مازن وكأن غاب عن الحضور في هذه اللحظة، وقد اتسمت على وجهه كل معالم التفكير العميق الذي ما قطعه إلا صوت الحسناء الشبيه بالقطعة الموسيقية العذبة قائلةً في رقة :
_ما بك حبيبي ؟ قل لي يا حياتي ؟
_ لا شيء ، لا شيء قال مازن متصنعاً ابتسامة كانت أضعف من أن تصمد أمام عينين ساحرتين لحسناء مثل ساميه.
_ حبيبي ، قل لي ما الذي يقلقك ، ألست حبيبتك ؟ قالت سامية في دلال
_ أنت حبيبتي ونور عيني وحياتي ولكن يا سامية صدقيني لا استطيع أن أخبرك الآن
تظاهرت سامية بالغضب وقالت في نبرة نافرة :
_كما تريد ، لكن عندما يحلو لك الكلام فتذكر أنني أجيد فن الإستماع.
ثم ولجت سامية إلى مخدعها ، وقد أرتسم على وجهها كل معاني التفكير العميق الذي كان على وجه زوجها ، كانت تفكر في زوجها وما يشغله.
ما لبث مازن إلا قليلاً حتى لحق بزوجه الحسناء ، هاتفاً بها :
_سامية ، حبيبتي تعالي ، سأخبرك بكل شيء.
وبدأ مازن يسرد في سبب قلقه وسامية لا تزيد على أن توميء بوجهها الفاتن وقد أصغت السمع إلى حبيب قلبها.
حتى إذا انتهى مازن من حديثه قامت سامية في نشاط من على سريرها لتفتح خزانتها وتخرج مصاغ الذهب الذي كان بعضه هدية زفافها وبعضه نصيبها من ميراث أمها ، لتقول لمازن :
_حبيبي ، بع هذا المصاغ وستشتري لي أفضل منه عند تحسن الأحوال إن شاء الله
تردد مازن وقال :
_ حبيبتي لا استطيع ، أرجوك أحتفظي بهذا الذهب ، ليس لي حق فيه، سأحاول أن أستدين .
نظرت إليه سامية بعينيها الحالمتين وقالت بشيء من الدلال :
-مازن ، أتذكر وعدك لي أن لا ترفض لي طلباً؟
هز مازن رأسه بالإيجاب
فقالت :
-وانا أطلب منك أن تبيع هذا الذهب لتنجز الصفقة التي تريد ، ثم بعد ذلك ستشتري لي غيره أليس كذلك؟
أبتسم مازن هاتفاً : يا حبيبتي ثم ضمها ليغيبا معاً في معانقة طويلة.