..حنان الأغا .... سيدة النبيلاتلم أكتب شيئا ولا ردا ولا تعليقا منذ أن غابت حنان الأغا...
حتى لغة الرثاء تفلتت من بين أ صابعي كماء ليس قراحا، وسكت قلمي وكأنني غر لم أمارس كتابة من قبل.
صمت تملك كل وجداني وعطل كل حواسي ، ورجفة ملأت مني القلب والوجدان ، وسؤال عن جدوى الأشياء لم يزل يطن في جنبات النفس ،ويعلو صداه فينهمر من عينيَّ ماء للحزن يروي الأفق.
غابت ابنة النكبة ( كما قالت لي هي عن مولدها) ..... التي جاء أمها المخاض إلى جذع ... نخلة تحترق .. وبيت يتهدم فوق رؤس ساكنيه ... ورصاص رعاع اليهود يحصد الأرواح في الشوارع ...والأب ممسك بيد زوجته التي يطحنها المخاض ، بحثا عن مأوى لتضع فيه (حنان )
يوم أن أخبرتني سر مولدها .. قالت لي أنتظر منك قصيدة ..
وغبت ولم أجد القصيدة بعد ... وكأن وجودك كان هو القصيدة ذاتها ... القصيدة التي تنحني امام تألقها أي قصيدة أخرى ...
يا لوحشة الزمان والمكان ، بعدك يا حنان ...
الدنيا كلها تتآمر لطرد شعب من موطنه .... ولا تلد الذئاب سوى النكبات والبكاء والدماء .... وتلد أمك ( حنانا) .. تلك قسمة لايعرف سرها سوى النبلاء ، وقد كنت سيدة النبيلات ... وأميرة الأحرف والألوان ... ووالله لو كرهتِ العالم كله ما لامك أحد ، ولو فقأت عين الشمس بمخراز غضبك ، ما لامك أحد ... ولكن قلبك كان وليمة حب وحنان وود لم يدع إليها اللئام ...
حنان ....
وفي كل ركن لك هنا حرف متألق ولون يباهي السعادة فرحا ... رغم المنافي ... وجوازات سفر أنهكتها أختام التفتيش وسدود الجمارك .... كنت سفائن من نور ... تتلو تراتيل الحب في كل الموانئ ...رغم (الموت الذي يأتي من جهة البحر) أيتها ( السمكة الكنعانية ) كم عشقت الإبحار معك في بحر من الألم المقدس ، وكم أحببت السفر معك عبر منافي الاغتراب الوجداني كي نعيد رسمها بشيء من لون الأمل ومراياالبهجة.
حنان ..
آن لك أن تستريحي في وطن جميل على حافة الحلم ، خير لك من أوطان نعيش فيها على حافة سكين.
رفيقة القلم والألم ... حنان الأغا ....رحمك الله رحمة واسعة .
يا إلهي ، اغفر لها وأسكنها رحابك ، فكلنا نحبها ، لأنك تحبها.