رائحة غريبة..
رائحة غريبة سبقت نظرتها إلى صف الكتب على الرف ..وضعت يدها على أنفها وهي تتجول بعينيها داخل مستطيل يسع شخصا واحدا نحيلا ..خطوط رسمت بلون الفضة بارزة كالقمر في أوج توهجه على ملامح أغلفة زينت وجه ليل قديم..اقتربت أكثر فازدادت حدة الرائحة لدرجة جعلت رموش عينيها يلتصق أعلاها بأسفلها ..فلم تعد تربطها بذلك الليل سوى حروف باهتة كتبت على جسد اصفر لونه كأنه ورقة سقطت من شجرة صفصاف متمادية في الطول عطشى..كانت وهي تنتقل من نقطة لنقطة داخل المستطيل الضيق تبحث عن شيء ما . طوت الصفوف وكأنها تطوي صفحة من صفحات الماضي أو صفحة كتاب ملت من قراءته ..وكتائه في غابة لا تعرف مخارجها مساء صيف وردي.. راحت تتفحص بعينيها مزيدا من الخطوط والأشكال والألوان الذهبية والفضية تغري أرضية خضراء بالمؤانسة والمغازلة وكأنها جماعة من المصلين في باحة مسجد قرب نافورة مياه.. يتبادلون أطراف الحوار عن نقطة سوداء أصابت عقل طفل بعقم فظيع..وكمن يستنجد بروث المعز والبهائم في غابة كثيفة عن طريق سالك.. واصلت البحث دون جدوى..اشتد ت الرائحة إلى حد دفعها إلى الخروج دون أن تسأ ل ذاك الذي كان يتابع حركاتها في ركن منزو.. خاطبت نفسها وهي تستنشق هواء نقيا..:" كم هو قوي تحمله الزمن ولم يمزق أوراقه الصفراء.. "