يقول أبو محمد - رحمه الله - ( فصل مداواة النفوس وإصلاح الأخلاق الذميمة ) :
" العاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد . وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله بها عن السباع والبهائم والجمادات ، وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة . فمَنْ سُرّ بشجاعته التي يضعها في غير حقها لله تعالى ، فليعلم أن النمر أجرأ منه ، وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه ، ومن سر بقوة جسمه ، فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسما . ومن سر بحمله الأثقال ، فليعلم أن الحمار أحمل منه . ومن سر بسرعة عدوه ، فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدوا منه . ومن سر بحسن صوته ، فليعلم أن كثيرا من الطير أحسن منه صوتا ، وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته .
فأي فخر وأي سرور فيما تكون فيه البهائم متقدمة له ؟! لكن مَن قوِيَ تمييزه ، واتسع علمه ، وحسن عمله ، فليغتبط بذلك ، فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة وخيار الناس " .