لا مقاومة أمام إغراء نص!!لا شيء يغريني لأترجل من ردائي المادي كنص باذخ جادت به أنامل مسكية ...أو كمقطوعة شعرية ساحرة تهادت في فضائي...تلامسني الطاقة المنبعثة من الكلمات وتفتت خلايا جسدي وتحولني هلاما مسحورا يتجدد في ظلال المجاز, ويتغاوى أمام كل استعارة تنقله إلى عالم الملموس.
"في متعة الغوص في عميق القراءة "
أمارس لا إراديا إقصاء العالم الملازم لي..لا وساطة تقبل أمام مس القراءة..ولا اعتراف بحواس قاصرة ...أنا لست أنا...أنا أبدأ الإبحار في لغة تبهرني.
بتوجس وقلق أقف على مشارف غابة غامضة , وأنزلق نحو الأمام ...تشرع الأجمة ذراعيها لاستضافتي...وتسكب لي كأسا أخضر برائحة البحر يفتح لي شهية المغامرة...وتتجلى صورة الحلم هنا في حضور كثيف العبارة...
لا مكان أزاحمه ويضيق بي...عبق النص خريطة سياحية تقودني نحو قمر على كل شجرة يسامر ريحا عزفتها أغصان غضة ورقصت لها..ويتكشف لي النهر يغازل صفصافة تعالت عليه وألقت بجواره ظلها.....الكلمات هي وحدها المؤهلة في هذا المشهد لتفسير هذا التناغم الغريب.وفسحة فردوسية تتجلى لي وراء كل فاصلة...ومتعة لذيذة بتدجين الغامض, ولا أتحرج أبدا من الاعتراف أني وقعت مرارا في فخ نصبته لي الكلمات..ووقعت في جب سذاجتي, ولكنني اعتقد أنني أنجح في مراودتها فتفرج عني لأعود إلى فخ آخر بعد حين..
تمسكني جملة موسيقية رسمت طريقها في مجرى الكلام ..واستبشر بفيض بعدها ...هنا بداية القصيد..وهذا الشذى الذي أميزه عن بعد يأخذني إلى حلم ثلاثي الابعاد...حيث يلون ارتفاعه أمامي فضاءات شاهقة ....ويزجني بعداه بين الجهات الاربع في مهارة عالية... ولا زلت أراني في التفاف الأحرف في الجملة!!!
تتجدد الشهية للمغامرة...وأراني اعايش مناخ الإمكانات المفتوحة وهوس الاحتمالات اللذيذة..وأسمع بين الحين والآخر صوتا يشاركني هيامي...ويعزف لي أنغاما توسع لي دهاليز أحجية اللغة في أروع ايقاع... وأتنفس من ذبذباته نبيذا يثملني حتى آخر حرف يسكن النص...
سيطول دربي لو وقفت طويلا أمام موسوعة المترادفات ..ستلتهمني الجملة وأختفي في قطر نقطة نهايتها...ولكنني أتسلح بين الحين والاخر بذاكرة اخرى تلهمني إليها رائحة النص...فتستدعي حلما يفر من صورة...وتناشد معنى أطبقت عليه غرابة الايقاع....وأتماهى بين ظلال السطور..فلا يعود الهلام ظاهرا ولا أنا... بل هي عملية الانصهار الكامل الناتجة عن تفاعل كيميائي حار بين مكنونات النص وروحي وآخر سكب قلبه في آنية اللغة قنديل هداية ونور معرفة وعبق سحر فتلون المزيج به .
تستمر مراسيم القراءة وتحولاتها حتى يتضح الوجه الأول للنص...ويبدأ كائني الأول بلملمة فتاته التي أراقها سحر النص على ضفافه ....تتضح معالمي من جديد...ولا زالت بقايا نشوة تدغدغ روحي...أتمعن في خط سفري الذي كان ..فلا أرى ما كان ...إنه يمارس مهارة إغوائه لي من جديد...تتدافع الكلمات نحو شعاع عيني...تبدو أبهى بهذه الشقاوة !!!!...أين أختبأت مني قبل لحظات ؟؟؟ وكيف غابت عن بالي صورها المنعكسة الان في عدسات عيني متأنقة مذهلة؟؟
إنه الوحي الجديد ...وإنه الإغراء مرة أخرى ...