مواقف حائرة
نظر لها بنظرات عتاب
أجابته
بابتسامة حزينة
أجل لقد ابتعدت في الماضي
في الماضي ابتعدت دون اختيار
وكنت ألوم الظروف دائما
أما الآن فقدت ابتعدت
ولكن باختياري
وليس لي لوم على احد
ولكن النتيجة واحدة
كاس الألم أتجرعه كلما هتف بي الشوق إليك
لاشيء يعوضني حرماني منك
هو الطريق مشيناه منذ البداية
أنت من اختار طريقا غير طريقي
فلا تعاتبني على نتيجة أنت اخترتها
فقط أرضى بالقدر وما كتبه الله لنا
***********
تذكرت يوم مولده
وقد كانا يجتمعان قرب النهر
تحت شجرة نقشا على جزعها أحرف اسميهما
ابتسمت في فرح وتخيلت انه يسكون في نفس المكان
اشترت له قنينة من عطره المفضل
وباقة زهور حمراء
وارتدت فستانها الأبيض الذي أهداه إياها في أحدى المناسبات
تركت شعرها يسترسل على كتفيها
وفي فرح شديد أخذت خطواتها ترقص على الطريق
وكان لصوت نبضات قلبها عزف جميل
فلم ترى وتشاهد في الطريق غير صورته
انتهى بها هذا الحال إلى أن وصلت المكان المحدد
وكانت المفاجأة حين رأته هناك
ولكنه كان يقبل أخرى ويداه تعبث بشعرها
ترنحت قليلا قبل أن تسقط على الأرض
علا صوت القنينة وتناثرت أجزاءها
وعبق المكان برائحة العطر ه المفضل
***********
أحبته كثرا من اللحظة الأولى التي عينته في شركتها
وقد انبهر هو بجمالها وأناقتها وبنفوذها فقد كانت محبوبة من الجميع ومحط أنظارهم
وهي تكبره ببضع سنوات ولكنها وبرغم ذلك لم تستطيع أن تتغلب على عاطفتها نحوه
وحين اخبرها انه يحلم بأن يحصل على أعلى شهادة في تخصصه لم تمانع بل شجعته
ويوم عيد مولده قدمت له تذكرة سفر على البلد التي سيدرس فيها
وشيك بمبلغ يكفيه للدراسة وكل المعلومات التي يحتاجها وتخصه في دراسته وتحركاته في تلك البلد
وقالت له مكانك سيبقى شاغرا إلى أن تعود
وأخذ في سنته الأولى يواظب على المراسلة ويصف لها في كل رسالة كل تحركاته
والساعات التي يقضيها في الدراسة واللحظة التي يحلم بها في الرجوع إليها
أما هي كرست نفسها للعمل لتوفر له كل احتياجاته وكان حلمها أن تراه يعود لها
وأخذت رسائله تتقلص فبعد أن كانت تصلها رسالة كل أسبوع أصبحت كل شهر ثم شهرين
إلى أن انقطعت تماما وكانت كلما هزها الشوق كتبت له رسالة ولكن لا تحصل على الرد
إلى أن قررت أن تسافر له وحجزت الرحلة واشترت التذكرة واستعدت للسفر
وقبل السفر بساعات وصلتها رسالة منه يخبرها
انه قد حصل على عمل في إحدى الشركات العالمية
وقد قرر أن يعيش في تلك البلاد ويعمل بها
و قد ارتبط بأخرى وأنه لن ينسى فضلها وما قدمته له من مساعدة حتى وصل إلى ما وصل إليه
ابتسمت في سخرية وأحرقت تذكرة السفر وأخذت تنظر إليها حتى تحولت لرماد
وعلا صوتها في ضحكة هستيريا
وفي صباح اليوم التالي عينت موظف أخر مكانه
ولكنها لم تحاول أن تعيره أي اهتمام
فقط كانت تغرق في عملها ولا تفرغ منه إلا على وسادتها
محاولة الهروب من كل ما يذكرها بالماضي