مخلفـــات الاستعمار ..والانهزام الداخلي..
أدرك الاستعمار عبر نتائج بحوث مستشرقيه الذين كونهم لخدمة أهدافه الاستعمارية أن القرآن في صدر المسلم حصن منيع..يدعوه إلى التحرر الوجداني الدائم؛والتفوق المستمر..ويحميه من التبعية والخضوع؛ولاانصياع إلا لأمر الله تعالى ورسوله؛وولي أمره الذي بايعه على السمع والطاعة..
فـ جال وصال عبر الاستعمار المباشر أو عبر الانتداب والحماية..
لكن كل أراضي المسلمين لم تسلم من فكرة التغريب التي قدم لأجلها..أن يجعل المسلمين تابعين له ثقافيا ..ففي مناطق ألغى نهائيا تحفيظ القرآن ؛وتدريس اللغة ..وفي أخرى عجز..فاكتفى في الحالتين بفرض لغته؛وثقافته في المدارس النظامية ..هو المشرف ؛من ذا يمنعه..؟؟
وتخرج من مدارسه جيل مشوَّهُ الهُوِيَّةِ..أحيانا لايفهم إلا الثقافة الغربية ..وأخرى شخصية مزدوجة..مثقف بالهُوية الأصيلة ..متفتح..لغتان:لغة أجنبية وثقافة إسلامية..
ثم واصل بعد الاستقلال غزوه الثقافي الغربي؛عبر مختلف وسائل الاتصال..عبر الجرائد والمجلات..عبر الشاشة والفضائيات..واليوم شبكةالعنكبوت/الانترنيت/ ..
والأدهى والأمرأن الأدب لم يسلم من التخريب والتغريب..لقد أدرك الغربي بما بلغه من علم النفس من رقي؛أن الأدب يشكل مصدراً عذباً للنفاذإلى باطن النفسية المسلمة المترهلة ..لقدرة الأدب على التأثير ..واستعداد النفس لاستقبال المتعة الحسية والمعنوية ..فوجه نقده ـ بقصد أو بغير قصد ـ لخدمة المتعة واللذة..فبحث عن سبلها وأتلف المضامين..هنا خطورة النقد والأدب؟؟؟؟
يقول رولان بارث ..أحد رواد البنيوية //مهمة النقد ليست الكشف عن الحقائق..//..1
وبعد دراسات عميقة للدكتور المحترم حبيب مونسي..انتهى إلى النتيجة..
//وهو اعتراف مرّبأن النقد عندنا نقد غربي بحروف عربية لاغير //2 ..
منذ مطلع ق20تبنى الغرب مناهج نسقية تهتم بالنص مُغْلقا؛وتدرسه من داخله ؛وتهتم فقط بجمالياته الفنية ولغته ..ورفعت شعار :
/كيف كُتِب النص؟/وأسقطت سؤال:
/ ماذا قيل في النص؟/
فألغت وظيفة الأدب..وفصلته عن واقعه وبيئته..وعزلته خارجيا عن السياقات السياسية ووالاجتماعية والفكرية بل أعلنت / موت المؤلف/ولامجال للشرح هنا..
وبهذا تكون قد فصلت النص عن فضائه الايديولوجي لتترك الفكر هائما /في إطار علمنة النقد/..
يقول إيغلتون أحد أعلام البنيوية:
// البنيوية دين العلم الحديث//..
وأعلن نيتشيه قبله //موت الإله// فالإنسان عندهم مجرد بنى سياسية ـ اجتماعية ـ فكرية ..يمكن تفكيكها ثم إعادة بنائها وفق الرغبة ..
وخضع النقد العربي لهذه الرؤية ..
لهذا السبب..
// بل على أساس طرح البديل المشارك الذي يحدد تأصيل الأصيل ؛واستحداث الجديدالذي يمكِّن الهُوية من الإعلان عن نفسها لتُؤكد الحضور الموازي للحضور الغربي.وكل فعل يقتصر على الترجمة أو النقل الخام ؛تكريس للهُوة حتى وإن أو حى وهماً بالمشاركة//3..
ولم يكتف الغرب بذلك ..بل شجع عملاءه في الخارج والداخل على النقد الغربي ..الفكر الغربي ..فجسد مسلمون رؤاهم الغربية بلغتنا العربية ..
// إن بعض المثقفين يصطنع طرائق جديدة للتعبير ذات ظلال فكرية غريبة عن المناخ العربي ..استعملوا الحرف العربي ؛ولكنهم كانوا يفكرون بعقول غير عربية أو بعقول انفصمت كليا عن التراث العربي فهي إنما تتحدث عن أجواء غربية ؛ثم لاتطاوعها في ذلك ملكة عربية ..فالملكة العربية إنما هي حصيلة تراث//4.
وقد ظلت هذه الشريحة التابعة ثقافيا للغرب نافذة في مختلف إجهزة الدولة ..يصطلح عليها // سلطة الخفاء/ التي تعيش للدنيا وتهتم بمصالحها الخاصة؛دون مراعاة وازع ديني أو خلقي..وهي التي تقف بين الشعب وسلطته..وتشهر إعلاميا بمن تبعها من دعاة الثقافة ..ليغوصوا في باطن الشعور الجماعي ..عسى أن ينتصر سادتهم هناك..وما البحث عن التميز ..في الساحة الأدبية إلا ثمرة خائبة ..استبدلت بالرسالة ..
السلطة تقف موقف المعتدل الوسطي الذي يفسح المجال للطرفين المتنا قضين ..كلاهما مواطن..بدافع الضغوطات الغربية المتعددة ؛التي ثبت أنها لاتسمح بانتشار الإسلام إلا مرغمة؛ وتتخذ الديمقراطية ؛والحرية ذريعة لتمرير مشاريعها ..ونحن لم نعرف طريق نصرة السلطة..
إن الرؤية الغربية النقدية والأدبية ؛وقِسْ عليها مختلف العلوم الإنسانية ..قسمت المجتمع الإسلامي إلى فئتين :
ـ تابعة.. منسلخة ذائبة ..
ـ رافضة ..صامِدة مقاوِمة ..
والحرب سجال ..خلاف ثقافي يستحيل أن تعيش به أمة ..
ـ ـ ـ ـ ـ
الموضوع القادم..رقم 3:حركات الإصلاح..
1ـ مناهج النقد الأدبي الحديث..رؤية إسلامية د/ وليد قصاب..دار الفكر..دمشق ..2007 ..ص..111.
2ـ3ـ نقد النقد ..دراسة في المناهج..أ.د/حبيب مونسي..منشورات دار الأديب الجزائر..ط2007..ص142.
4ـ الغزو الغربي:عبد الله عبد الجبار ص36دار ثقيف للنشر والتأليف1980الطبعة الثالثة ..