ريما و عادتها القديمة
حتى أنتِ تقفينَ ضدّي يا من جعلتُكِ راعيةَ أحلامي و موطنَ آمالي , يا من تفانيتُ في تهذيبكِ و ترويض جنوحكِ في زمن صراع الثيران , ياااهٍ لضعفكِ و حيلتكِ التي ما استطعتُ تكذيبها أو مناورتها رغم دروس الحيطة و الحذر التي أعكف كل ليلةٍ على مراجعتها , ما بالكِ لا تستقرين على حال , أطعمكِ فلا تشبعين , أسقي زهركِ بماء عذب و بغير مياه المستنقع لا ترضين , أصالحكِ رغم الخصام و أهديكِ في كل مرة قطعةً من أمل لتعودي إلى رشدكِ و طهر صباكِ , و لكنكِ دوما تقفزينَ من فوق جداري الذي ما بنيتهُ إلاّ من أجل أن أحميكِ من أنياب أسود اللذة و ذئاب المتعة .
ماذا أفعلُ فيكِ , فدومًا تتسللينَ في حين غفلة مني, تتسلقينَ جدار حديقتي لتنطلقي في البراري الواسعة دون رقيب أو حبيب, يُسعدكِ اللعبُ مع صغار الثعالب, تركضينَ خلف مكرها غيرَ مدركة بأنها تقودكِ لتقعي في حفرةٍ عميقة جدا , لا تشعرينَ بوحشتها و غرابتها حتى تتآكلين مضغة الندم المرير فتصرخينَ بألم و فزع و تطلبينَ النجاة من ظلام حالكٍ مَقيت .
تمتدُ يدي نحوكِ من جديد و قد توضأت من أدران عبثكِ و شرورك , تنتشلكِ من حمق أمانيكِ و تعقدُ معكِ صفقة نجاة , تحمّرُ وجنتيكِ و تدمعين , تنطقُ شفتيكِ بعزم و ثبات, لن أعاودَ الكرّة ثانيةً فقد تعلمتُ الكثير,لن أعود مجددا إلى تلك البراري الآثمة, صدقًا لن أعود.
أتصدقُ عليكِ و أصالحكِ كي نستمرَ سويةً في الاعتناء ببراعم نباتاتِ حديقتنا الجميلة, تعملينَ بجدّ و إخلاص حتى تحوزينَ على ثقتي من جديد, و بعدها تعودُ ريما إلى عادتها القديمة , تطربينَ للأصواتِ التي تناديكِ من خلف السياج تترددينَ مرة و ثانية , تحاولين أن تتسلقي الجدار عندما أغفو فجأة , ثم تحجمينَ ظنًا منكِ أنّني أتظاهرُ بالنوم , تراودكِ الوساوس و تكبرُ كلما تقاعستِ عن العمل بحججكِ الواهية , و التي أمررها بدوري لكِ , فتغتنمينَ أول فرصة تيه تجتاحني , تقفزينَ قفزةً عجيبة و تركضينَ .
ستظلينَ على عزفكِ , و سأظلُ أقاوم ألحانه و أحاولُ ترنيمها إلى مقاطع جلية عذبة , و اعلمي أن الحرب بيننا لن تضع أبدا أوزارها ,و هي معارك أُهزمُ في بعضها و أنتصرُ في بعضها إلى أن ننتهي إلى زوال .
هشـــام
17/12/2008