تمضي الأيام عصيبة على إخواننا في غزة العزة، انهارت بعض البيوت كاملة على رؤوس أصحابها، والبعض الآخر يستحيل العيش فيه، فمن جراء القصف المتواصل صار خرابا. تكدست الجثث فوق بعضها البعض ورَوَتْ شلالات الدماء الأرض واختلطت الأشلاء بالأشلاء حتى صعب التمييز بينها، مدنيون أبرياء وأطفال صغار يموتون بدون ذنب، ومن بقي منهم إما مشوه جسديا بفعل الأسلحة المحرمة دوليا التي تستخدمها إسرائيل في حربها القذرة على غزة أو نفسيا نظرا لما رأوه وعاشوه من مآسي يصعب على الكبير تحملها فما بالك الصغير.
في ظل هذه المأساة الإنسانية التي يكاد ينطق لها الحجر، لم يستطع الحكام العرب مجرد عقد قمة عربية طارئة، فزاد انقسامهم وتشتتهم، بعض منهم يقول لا داعي من عقد قمة طارئة إذ يمكن الاكتفاء بالقمة العربية الاقتصادية التي ستعقد في الكويت ويخصص جزء من جدول أعمالها لمناقشة الأوضاع في غزة، القمة ستعقد في التاسع عشر من هذا الشهر، فلتموتوا يا سكان غزة أياما أخر في انتظار عقد القمة، ولتهدم منازلكم وترمل نساءكم وليقتل أبرياؤكم ويشرد أطفالكم، فإن العرب في شغل شاغل عنكم.
والبعض الآخر وافق على انعقاد القمة واليوم اكتمل "النصاب" القانوني المتمثل في موافقة 15 دولة وستعقد القمة يوم الجمعة، لكن الأهم ماذا سيتمخض عن هذه القمة ؟
اليوم هو 18 على بدء العدوان على غزة وكان الأحرى بالدول العربية والمسلمة أن تعقد قمة طارئة في أول يوم بدأ فيه العدوان على القطاع بغض النظر عن مكان عقدها، فلو كانت دماء الغزويين قيمة بالنسبة للحكومات العربية لما تشبثوا بالقشور عوض النظر في العمق، لو كان ما يجري في غزة يهمهم فعلا لأوقفوا هذه الحرب منذ البداية، لكنه تواطؤ بين وجلي.
أتساءل بين ممتنع ومعترض ومتحفظ ومعتذر كم من الأرواح ستزهق؟ كم من الدماء ستنزف؟ كم من الدموع ستذرف؟
إلى أي حد هو مخيف ذلك الشبح الذي يطارد الحكومات العربية والإسلامية؟ ماذا زرعت الحكومات العربية لتجني ثماره صمتا؟ ما الثمن الذي دفعته في ظل هذا العدوان الغاشم على غزة وستدفعه مستقبلا؟
مضحك مبك هذا الانقسام في صغائر الأمور فكيف نلومهم في أجلها وأخطرها؟