حــوار الحــركتيـن..ذكرنا سابقا أن الحركة العلمانية هي الشريحة الاجتماعية التي لم تنل حظها من الدعوة..من فهم الإسلام..فئة فرض عليها الاستعمار ثقافته وعزلها عن هُويتها ..وهدفه كان إنتاج فئة تؤمن بثقافته ؛وتقع وسطا بينه وبين المجتمع الإسلامي..تتبعه في منهجه..
وجود الحركة العلمانية دليل نجاح الاستعمار..
وهنا نسجل تقصير المسلمين في حق أبنائهم ..عجزوا ردحا من الزمن عن توفير شروط ووسائل تربية الجيل كاملا تربية إسلامية ..
هذا خلل؟؟
وجود حركة إسلامية متشددة ؛متعصبة للدين ..ترفض الآخر ..يبدو أنها لم تستوعب الحالة ؛والحادثة ؛وخلفياتها ..وتصر على تطبيق الإسلام ..
الحركة العلمانية ترى الخلاص من التخلف في بناء حضارة علمية وضعية ؛بعيدة عن المنهج الإسلامي؛على نمطية الغرب..
الحركة الإسلامية ترى أن الإسلام واجب التطبيق ..لاأحد يعارضها في ذلك ..ولكنها لم تمهل المسلمين المستلبين الوقت الكافي لاستيعاب دينهم ..ولو كان الأمر كما ترى لنزل القرآن طفرة واحدة ..ولكنه منح فسحة ثلاث وعشرين سنة للمسلمين كي يستوعبوه كاملا ..حتى صاروا في سلوكهم ..قرآنا يسير في الأرض..
هنا نسجل التصادم بين الحركتين لوقوعهما بين مذهبين / إيديولوجيتين / متناقضين..ولن تعيش أمة واحدة بنقيضين ..بل تعيش كما يحدث الآن الهدم ..والبناء ..
التناقض مدعاة للجدل ..والجدل خصومة ..والخصومة ..عداء وخلاف..
والخلاف ضعف للأمة ..وقوة للآخر..يفتح النوافذ لينفذ الآخر..ويدير المعركة بمشيئته..
واستراتيجية القوة تدعو إلى تبني حوارا جادا؛نعتبر فيه كل المسلمين مسلمين ..بما فيهم الحركة العلمانية التي تقر الإسلام ..وترفض مجرد التفوه بالتكفير ضدها..
وليكن هذا الحوار دون انفعال..
دعاة الفكر العلماني من أبناء المسلمين ..يرون الخلاص في الحوار..لذا وجب حبهم كأشخاص ..وكراهية المعصية فيهم ..والتقرب منهم.. والاحتكاك بهم ..
إن التعامل معهم بصدق ؛يقلص مدّة فهم المشروع الإسلامي ..
وهذه واحدة من توحيد الصفوف..
السلطة ليست غائبة ..حاضرة تستوعب الدروس؛وتدرك النتائج..
ولمّا كانت الحركة العلمانية في العالم الإسلامي تقرُّ إسلامها ..من هنا ..نحفظ أدنى حد..ونلتزم آراء العلماء الثقاة في قبول عموم الإسلام ..والحكم للعلماء وليس لتلميذ متطفل مثلي ..إقرار الإسلام أوجب تشجيع حركة إسلامية معتدلة وفق منهج الشريعة الإسلامية ..التعصب في النفس مرغوب فيه ..الاعتدال مع الآخرين مرغوب فيه..
إن الإرهاب الذي يزعم محاربتهم ماهو إلا معول آخر للاستعمار ..ماهو إلا جناح في سلطة الخفاء..
والمسلمون المتهجمون على العلمانيين ..واهمون..يزيدون الطين بلّة؛ثم يغمرونه بالمياه..لتتحوّل الساحة في كل مجالاتها ؛ومختلف مستوياتها ..إلى وحل يصعب الوقوف ..إو السير عليه..
هنا ندرك حجم المسئولية الجسيمة الملقاة على عاتق المعتدلين.إن الواجب يدعوهم إلى التيسير والتبشير ..وإشعار الآخر بالثقة والأمان ..
وبهذا نساهم بـ :
ـ رفع الضغوطات الخارجية ..يهم الآخر التشتت ..وانفصال السلطة عن رعيتها..
ـ حفظ الاستقرار الذي يمنح السلطة الفرصة للإلتفاة إلى تنظيم مختلف مجالات الحياة .
ـ سد الأبواب في وجه المغرضين ؛المتربصين .
تعبيد طريق رضى جميع المسلمين بالمنهج الإسلامي..منهجٌ كاملٌ لايقبل التشطير والتعطيل..