أي نصر تحققه «حماس» يصب داخلياً في خانة «الإخوان»، وهو على استعداد لأن يخالف كل النواميس، ويسير عكس كل التيارات لمنع أي مكسب يصب في خانة «حماس» أو «الإخوان».
تملك كل دولة سلطة سيادية على أراضيها، وبالتالي تملك «القاهرة» سلطة فتح «معبر رفح» من الجانب المصري، ولا شأن لها بمن يدير الجانب الفلسطيني، لكن «القاهرة» تتنازل عن سلطتها طواعية، وتحتجّ بأنها لا تملك فتح المعبر؛ لأن هناك اتفاقية تحكم الجانب الفلسطيني من المعبر بين السلطة الفلسطينية، والاتحاد الأوروبي و«إسرائيل». وتتمسك «القاهرة» بوجود الأطراف الثلاثة حتى يتسنى فتح المعبر وهو أمر غاية في الغرابة، إذ يبدو وكأن «مصر» مصممة على استمرار بقاء قطاع غزة محتلاً، وعلى ألا تتخذ، ولا تدعم أي خطوة من شأنها تعزيز استقلال القطاع وفصله عن «إسرائيل».
وهكذا اجتمعت مواقف عربية و«إسرائيلية» لضرب «حماس»، وتحميلها وحدها مسؤولية ما جرى في غزة، وكأن «غزة» كانت منذ نشأة الكيان الصهيوني واحة الأمن والأمان، وكأن العدو لم يمارس الاجتياحات والاغتيالات عشرات المرات من قبل تولي حماس السلطة، وكأنه ليس من حق حماس وسائر المنظمات ممارسة حقها المشروع في المقاومة بالطريقة التي تراها هي، وليس بالطريقة التي يرضى عنها العدو، فالعدو لن يرضى بغير الاستسلام التام.
فالحرب في «غزة» إذن ذات أبعاد إقليمية، ومثلما كان لحرب 1948م الأثر الكبير في إظهار ضعف الأنظمة العربية وخاصة نظام الملك «فاروق» في مصر فإن حرب غزة 2008 -2009م سيكون لها أثر مماثل على الأقل من ناحية الوعي، فالغضب الشعبي يساوي بين العدوان على «غزة» والفساد والاستبداد والدكتاتورية في الداخل، ويربط معركة تحرير فلسطين بالسعي الداخلي لتحرير الوطن والمواطن من الأنظمة القمعية.