كانت مملكة طيبة لها رهبة .. وخشية .. وتحولت مملكة طيبة إلى مملكة مسالمة .. قلمت أظافرها بنفسها .. وبذلك تخلصت من سلاحها الوحيد ... مملكة طيبة .. براري شاسعة ... أشجار من كل الأنواع والأصناف ... أعشاش كثيرة ومتنوعة ..هضاب وجبال ..جداول ..وأنهار ..سكانها جمال ... وبغال .. وحمير .. وبعض الغنم ..والفئران وقليل من الغزلان .. وبجانب مملكة طيبة ... هناك الكثير من الممالك وهناك مملكة سام .. مملكة سام لاتقل جمالاً وبهائاً عن مملكة طيبة .. حكام سام يبغون توسيع رقعة مملكتهم .. ورأوا أنهم أحق بضم المملكة .. فهم أشداء أقوياء .. ولديهم القدرة والاستعداد ....
المشهد الأول ... أسفل هضبة باردة ... أولاد أوي يحيطون بالجبال. ثعابين سامة من أحجام وأشكال مختلفة .. الأسد ومن حوله المساعدين يجلسون على أربع ...
جلس أسد مملكة سام .. في عرينه .. ومن حوله جلس الثعلب .. والذئب والغراب .. وبدأ الثعلب في الكلام .. قائلاً .. مولاي الأسد لقد زاد الخير في مملكة طيبة .. وأخشى يوماً تسترد حيوانات طيبة أظافرها ... وتنبت للبعض الأخر ريشها .. ويعود للبعض الأخر عافيته .. وبعدها نواجه خطراً لا نحمد عواقبه .. تبسم الأسد بغباء ونظر للذئب .. مخاطباً إياه وأنت صديقي الذئب ماذا ترى .. أجابه الذئب .. أرى ما يراه الثعلب .. وأرى لو أننا نبدأ أولاً بالإستلاء على ريم طيبة .. أغلى ما في مملكة طيبة نهديها لصديقنا القرد ... ونرى بعدها ما الذي يناسبنا للإستلاء عليه.. واصل الأسد الميل برأسه يمينا ويساراً ..قال الثعلب:
وهل تسكت مملكة طيبة ؟
الأسد :أتظن أنهم يجرؤن على فعل إي شيء ؟ على إي حال .. سوف أُرسل الغراب .. لجس نبض القادة في مملكة طيبة ... وما سيكون عليه ردة فعلهم ..
المشهد في مملكة طيبة ...
علمت المملكة بقدوم الغراب سفيراً من بني سام ..فأعدوا العدة وقامت الخرفان بالاستحمام .. وتسريحة فروتها وحمل البرسيم في استقبال الغراب ومن خلفها هرولت البغال ... تنهق بكل ما أوتيت من قوة في الصوت .. ترحيباً بالغراب رسول الأسد ... وتم الاستقبال بأروع صور النفاق .. وتقدم الغراب لم يضيع وقت على الفورعقد جلسة مع الجمل .. وعلى انفراد .. شرح فيه وجهة نظر الأسد .. والخير الكثير لبني الجمال إن أعطى الجمل الوعد بالخرس أو تقديم العون في الإستيلاء على ريم وتقديمها إلى القرد الوسيم كما وصفه الغراب ... أرادالجمل أن يتهرب بحجة أن بني الماعز والأغنام .. والصراصير والفئران ... لن توافق ... لاعتبارات حيوانية بحتة وليس اعتراض على القرد ... يكفي أنه في الأصل ابن عمنا( نفاق اجتماعي ) المشكلة ليست عندي ولا أتباعي من بني بعير ..غير أن هناك الخلافات المتأزمة بين البغال والحمير ..والجراد والصراصير بخلاف النزعات العرقية والقومية بيننا الحمير وبعضنا الآخر المهجن ..كثرة هذه المشاكل تصعب من مهمتي سيدي الغراب .. تغير لون الغراب وبدأ بكلام مختلف .. ولهجة مغايرة ..أسمع أيها الجمل .. لاتنسي أنني رسول الأسد .. وتعلم أن للصبر حدود ... ويكفي أن الجالس بجوارك الغراب وقسماً بذيل سيدي الأسد الكبير لو لم أحصل على رد والآن فلن يمر يوم تحكم فيه طيبة ... ولك ان تتخيل وقتها مصيرك أنت وبعيرك ... الجمل وبسرعة .. لاتغضب صديقنا الغراب وتأكد انني سأدعمك ولن تكون ريم إلا لصديقنا القرد ... تبسم الغراب .. إبتسامة المنتصر .. رافعاً منقارة لأعلى قائلاً.. هكذا تكون الصداقة عزيزي الجمل...
المشهد الأخير .... في ليلة من ليالي الربيع ... تهجم حيوانات كثيرة من مملكة سام ..... تتقدمها حيوانات من مملكة طيبة ... كدروع حيوانية لحيوانات سام ...يأكلن حيوانات سام كل مراعي مملكة ريم .. ويدمرن باقي المراعي .. يكسرن بيض الدجاج .. ويأكلن الفراخ ... لم يبقوا شيء دون تدميره ... يأخذن ريم عنوة .... تستسلم ريم بعد كر وفر ومحاولة الحماية ببعض جيرانها من مملكة طيبة دون جدوى .... يتم أخذ ريم جريحة .. مريضة .. منهكة ... تم ذلك في ليلة لم تشهد المملكة بكاء على غير العادة كما رأت من الحمار ....!
____________________________
أهٍ كم بكيت مع الحمار ..... ولازلت أبكي .. ومعي لازال يبكى الحمار !!
ملحوظة على الهامش .. كُتبت قبيل الغزو التاتاري لبغداد الرشيد بشهرين , نشرتها في أبناء مصر والساخر .