سِــــهَامٌ لا تُخْطِـــئ...
هواء الصباح العليل وأحلام الصبى تسابق خطواتي الواثقة , حلوة هي الحياة , مازالت تضمنا بكثير من الحنان والحب , فيرتسم المستقبل في عيون صغيرة لا تعي من الدنيا إلا هذه الصور الملونة التي تبعث الفرح , شيء ما سكن قلبي كان يحدثني أنني غيرهم , أمامي طريق طويل كي أصل , الألم لم يكن له سلطان على قلب طفولي يرتشف شهد الحياة بحب ويبتسم للشمس المشرقة , غابت تلك البسمة ماعدت أشعر أنها تنبعث من أعماقي , ولطالما تساءلت لم أنا حزينة ؟؟ أيتوقف الطير الكسير عن الشدو لأنه فجأة وجد نفسه وحيدا لا وطن له ؟؟ أتحبس الوردة شداها عن محبين الجمال فقط لأن عمرها قصير ؟؟
طال شرودي أبحث على غير هدى جوابا يشفي جرحي النازف , كانوا هنا أحبابي , دنياي الجميلة ..منهم تعلمت كيف أخرج من وحدتي .كانوا يحدثوني دوما عن عالم جميل تطلع شمسه كي تنير السبيل لكل باحث عن الحقيقة ...
والحقيقة أنني نسيت أن أربي في ذاتي حب مكان وزمان ارتضاه الله لي , كم بكيت عندما واجهتني الصور, لم تكن فارغة من الحياة لكنها لا تنطق لا تتحرك فقط تؤلمني كلما أطلت من الماضي , بدت لي كأنها الأمس القريب جدا , عندما كنت طفلة تجر قدميها كي تسرق بعضا من الطفولة , كم غمرتني ربي بلطفك وحنانك ولولاك لتكسر هذا القلب حزنا وكمدا ألا يجد لظله ظلا يرافقه في أحزانه وأفراحه , يلاعبه ويمازحه , لولا رحمتك ربي لكنت الآن مع الحائرين وللموت ألف طوق يخنق في رغبة الحياة ..
قيدي الأشواق , فلا تجمح مسافرة إليه.. عائدة إليك خاوية الوفاض تبشر بمزيد من الألم , شدي الوثاق لا طاقة لك بألم قد يستل الروح معه ....
تحبينه ولكن ! للألم ألف سكين انغرس يبحث في عمق الصمت عن شيء أنت تعرفينه , إنه المستحيل ...
الصباح والمساء وهذه الحروف الراقصة على جرحك وهذا الغروب والشروق والفرح والحزن , الشوق والحنين يذكرك به ,كل حركة وسكون , كل عقل وجنون ...
كل شيء أخذ من ملامحه شبها يوقظ داخلك الحس المتلهف الحيران , يسكب النار على الثلج فيذوب كي يغمرك بفيض من الدموع , تحبينه ! وكل شيء يذكرك به فيكبر احساسك بأنه لا وطن إن لم يكن قلبه سكن لك .. إذن ستظلين غريبة تبحث عن وطن ....
حلمت مرة أنني أركض نحوه بيدي طاقة ورد قد رويتها من دموعي .... فنمت طفلة صغيرة جميلة العينين , كم قبلتها بحب وشوق كبير وكأنها غائب عاد بعد يأس طويل ... كانت ترنو إلي برحمة واشفاق ثم اختفت . ظلت تسكن عالم الأحلام ....
سكون عجيب حرك أشجاني عندما أدركت أنه حلم وانتهى , كان يدفعني شيء بداخلي :
عودي أيا طفلة الأمس , كل هذا حلم واليقظة منه ثمنها غال فهل تملكينه ...؟؟
كأنه قصد الصبر , كنت أستمع للصوت بتأمل وتدبر وعقل لا تغلبه عاطفة ولا مشاعر , حاضرة واعية, كنت أرجو الخلاص فقط , عاد يردد بقوة وكأنه ينهرني : عودي ! وإسألي الله العفو والعافية , إسأليه الرحمة فقلبك يحتاجها ...هممت أن أقول بدموع حارة : أحتاجها أحتاجها ...عاد يهمس سهام الأسحار ألا تسمعي : وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) الذاريات .
سهام الليل لا تخطئ ...
ظلت كلمة حبيبة إلى قلبي كنت مشتاقة أهمس بها : أحبه ..
عاد الصوت كالرعد المبشر بالغيث , عودي فللمنجاة حلاوة ستنسيك مرارة الهجر والحرمان ...فيه رحمة وقرب وحب وجنات , وأنشد قائلا :
سهام الليل لا تخطيء ولكن
لها امد وللأمـد انقضـاء
فيمسكها اذا ما شاء ربـي
و يرسلها اذا نفذ القضـاء