ربما جميعنا يقلع جواً ..وربما كلنا ننفخ منطاد التحليق من رئات متشابهة ..
وكلنا نهبط أرضاً كما أقلعنا ...وكلنا نحرث حقول القمح بنفس الكفوف ..لأننا بشر متشابهون ...
وعذب هو الحبر المجنون الذي تتفتق عنه أصابعنا حينما نبدأ بالثرثرة ..إنها لوعة ممتعة وتوجس جميل منذ أن نحس بحاجتنا للقلم ...نرتدي لها رداء يشبه الفجر ..وروحاً كبياض قلب وردة ..
ولكن ستبقى لنا خصوصيتنا وملامحنا التي لا نتقاسمها مع أحد نبقى عليها وجهاً يميزنا ..نظل نحارب حتى تتمزق منّا الأظافر كي نُبقي عليها في وقت ندرك فيه أن العالم كلّه يتشكل في قرية كونية صغيرة ..تختلط فيها الملامح وتمتزج فيها الخصوصيات ...والديانات ...
هناك أمر يا صاحبي يقتضي أن نظل نحارب من أجل هذه الرائحة التي تنبعث في آفاقنا تلك التي تتخذ من العقيدة النقية والإرث الإجتماعي والإسلامي والعاداتي والتقاليدي نظاماً لا قبل لي ولا لك بالتخلي عنه ولا يمنحنا الاختيار بالتخلي عنه ... الرائحة التي نسر بها إلى عروق القلب فتضيء ردهاته ..وتصبغ جدرانه بألق لا ينتهي ..
عبث تذهب طاقاتنا لو لم ندرك موضع الخلل الذي يقف منه شعر الشيطان ...والذي في نفس الوقت يحلم أن نتمادى فيه ....لا أعتقد أننا لهذه الدرجة من الغباء ألا نعرف مايطمح الشيطان تحقيقه ...
سنكون مبتهجين لا محالة عندما نكون أكثر قدرة على فهم الآخر والتواصل معه ...ولكن علينا أن نرتكز على قاعدة صلبة لا تميد ولا تزيدنا تلفاً ثم ننطلق بقراءاتنا إلى آفاق واسعة دون أن ننافس الأنبياء إرثهم ...أو ندعي مشاركة الله في ملكه ..ولنعطي لأشجارنا حق التطاول على آفاق الآخرين ونصل بها إلى أقاصي الحدود المعقولة من الخيال الممتد كالمستحيل ...
دعنا نجعل من فطرتنا بوصلة تقودنا للحقيقة في اتجاهات الحياه ..حينها لا أظن أننا بحاجة لأن نصرخ ..ولن نفتش عن الألق في خارج حدود طاقتنا التي لن تتحمل عند إذ عقاب ما نتفوه به ..ولن نطيل التمادي في البحث عنه ...فهو يشع من دواخلنا ويضيء من تلافيفنا ويشتعل في تفاصيل حياتنا ...يوقد في أسقف أبوابنا قناديل عامرة بزيت لا ينقضي وإضاءة لا تنتهي ...
من أجل حبه لك :
هنا تحدث النورس