أشجيتني يا ابن الغزير
وإني أمدحك وأثني عليك
ـــــــــــ
في الأولى : أعملتُ فيك الرأي بعد أن عَجِزت قداحه ، ثم أدرْتُك برأسي ، ثم مذقْتُك كالماء يمذق باللبن عَلّّي أخلص إلى تصوّر تلوح لي من خلاله ، وذلك إبّان ردّك على كيفيفة نظم الشعر لأول مرة .
فقلت لنفسي : إنه رجل فرغ من الثلاثين وفي طريقه إلى الأربعين ، حليق اللحية والشوارب مُتّشِحا ما ازرقّ من القُمُص .
في الثانية : عندما عقّبت على آثاري بالشروق ، وأدليت برأيك ، وقلت ما قلت بوصفك وأسلوبك ، حتى لكأنه جائني أبو مُرّة1 .
فقال : ويحك أبا مصعب ، إن ابن الغزير يُشْهِرك على الملأ ، وَيَخِزُك وَخْز الإبَر بوجيع كلامه ، فلا تَذِلّنّ أخَادِعَك لكائن من كان ، ثم إن الخبيث أي ( أبو كَحِيْلة )2 أسهب وأطنب وذهب في القول كل مذهب ، حيث بَثّ ونفث : لكأن العماد أي ( ابن الغزير ) يريد أن يجعلك بضاعة مُزجاة وللهُزء مدْعاة ، فإن رَقّ لك وآنس في قلبه رأفة بك جعلك للعالمين سخريّا !!!!! ثم قاسمني أنه لي لمن الناصحين .
فتنبهت إلى كذبه وكيف قاسم آدم وحواء من قبل أنه لهما لمن الناصحين .
فقلت له : لستُ نَجِيّك يا من شَطَن3 عن الحمى ، وما لإيحاءآتك من صدى ، ولن أُرْهِف أذني لسماعك ،،،،، ثم ظل يروح ويجيء ، ويقوم ويقعد ، حتى إذا عُذْت بالله منه ، أبلس مني وقال : آه ، لقد قصمت ظهري ، أدعوك فلا تستجيب !! والله إنك لأشَحّ من أشعب .
فقلت له : إن كنت تسمي ما لاقيت مني شُحّا فَنِعِمّا هو ، أولست أنتَ الذي سيقوم بالخلائق خطيباً يوم الحاقّة وتقول : أنك غير منوّط بسلطان عليهم ، إن هي إلا مجرد عزائم ودعوات ،، هاه ؟ .
قال بخوف : الحاقة !! لا تذكرها .
قلت له : والقارعة أيضا التي ستقرعكَ قرعا .
قال وقد تفرق جزعا وتشتت هلعا : رجوتك بالله إلا أن تنتهي .
قلت له : هِيْهٍ يا من فسق عن أمر ربه أراك قد امتقع لونك ،،، طالما أنت هكذا ، ما حملك على ألا تسجد لآدم وقد رأيت بأم عينك كيف سجد جبريل عليه السلام ، بل كان أول من سجد .
ثم تلاشى غضباً وقال سأقصد صاحبك علّه يتقبل مني الأزّ .
قلت له : إن كنت تعني ابن الغزير ، فلا أحسبك ملاق عنده غير الذي لاقيت عندي .
قال : ماذا تقصد ؟
قلت له : كل ما ذكرتُ آنفا مُفْضِيا إلى هذه المقاصد .
قال : لقد فَسَّقَ قصيدتك كالقشر يَفْسُق عن الرُّطَب ، وأظنه لن يكف .
قلت له : أتعني الشروق ؟
قال : لم تجاوز ما أردت .
قلت له : والذي اطّلع على دخائلك ، لقد رددت على الرجل ساعته تلك ، وكتبت له ظروف القصيدة ، فإن اطلع على الرد فذاك ما كنا نبغ ، وسواء قُرِأت أم لم تُقْرَأ فقد قص القلم على القوم طرفا من القول ،،، وعلى أية حال ، ذاك ابن الغزير دُوْنَكَه فاذهب إليه ، فإن وجدت عنده ثرى طيباً لزرعك فخذه ، ولا اعتقده لك إلا من الزاجرين .
قال الخبيث : لن أزدجر .
قلت : بل ستزدجر ،،، ثم ولّى مدبراً محملاً بالمخازي ،،،، .
فقلت لنفسي إن ابن الغزير رجل أطاف بالشمس وطافت به الأرض حولها من العشرات أربع ونصف مرة ، وقد ولِدَت عند كل شعرة برأسة شقيقتها البيضاء .
في الثالثة : عندما قلتَ لكأنك بالرافعي بُعث من الموت !!!!!! .
الرافعي ،،، أين أنا منه ، ومن لي به ؟ أنا في الثرى وسيدي العظيم مذيل النجم في كبد السماء ، يمشق لألاءه أكباد الدجى ، وتعلو هامته هامات الورى .
والله لو قلت لي أنني عبد أحمل متاع الرافعي وأكنس كنّاسته ، لقلتُ لك رفقا أيُّهذا الغزير ، وربك لقد رفعتني مكانا عليا .
سما حتى عاد كل شيء تحته ، إنه كالعطر غُيّب في اللطائم4ثم كان لا بد إلا أن يفضحه العبق ،،، ألم أقل أن الحَجّاج هو الملك والرافعي ولي لعهده ؟؟؟ بلى وربي ، بلى وربي ،،، ولولي العهد ما للملك ، ولكليهما حق على الرعية .
حسين الطلاع
8/6/2007
المملكة العربية السعودية - الجبيل
1 : أبا مرة كنية إبليس أعاذنا الله وإياكم منه ، ومرة أكبر أبنائه وأوثقهم له .
2 : هو إبليس أيضاً ، وكحيلة إسم ابنته التي تجامع الرجال أثناء الإحتلام وهم نائمون .
3 : أي ابتعد ومنه أخذ اسم شيطان .
4 : زجاجات العطر