النكبة .. والنّـكسةُ وجرحٌ ما يزال
على ماذا أحاسبهمْ ؟
على ماضٍ
أتى بطوارفِ الأوجاعِ والسّـقمِ !
على يومٍ بلا أملٍ يفيضُ بوافرِ الظـُّـلَمِ
أحاسبهمْ على رانٍ بأفئدةٍ
وأحلامٍ تعيشُ بآسنِ الوهمِ
لذا لا تسألي عني
دعيني أحتسي همّي
وإنْ سكنتْ بيوم ٍ كلُّ أنفاسي
فلا تبكي أيا أمـّي
** **
فمنذُ النكبة ِ الأولى
وحتما لم تكنْ طوعاً
ولا مع سابقِ الإصرارِ من أحدٍ
ولا كانتْ مؤامرةً ومهزلةً
ولنْ أحكي عن التـُّهمِ
هناك أظنُّ قدْ كانتْ بدايتنا
مع الحسراتِ والألمِ
مع الأشباحِ والأملاحِ
فوق الجرحِ والسأمِ
هناك أظنُّ لعنتنا قدْ انطلقتْ
وقالوا أنّ نكبتنا بلا وزنٍ
إذا قيستْ مع النـّـكبات ِ للأممِ
فقلنا الحمدُ للرّحمنِ
عمّا جاءَ منْ نِــعَمِ
** **
وبعدَ النّكبةِ الأولى
كأنّ الأرضَ لم تشبعْ
من الأشلاءِ فاجْترّتْ على عجلٍ
بقايا اللـّحمِ والعظمِ
فجاءتْ نكسةٌ أخرى
تمزّقنا وتسحقنا
وتلقَفُ ما تبقّى منْ
كثيرِ الشّوقِ والحُلُمِ
وتكتبُ صفحةً أخرى
من الأسفارِ والخيمِ
وذلٍّ في بلادِ اللهِ
منْ عربٍ ومنْ عجمِ
فقالوا مثلما قالوا
عن النّكساتِ والنـّعَمِ
وقلنا مثلما قلنا
بذاتِ الصّوتِ والنـّغـَمِ
ألا شكراً لربِّ الكونِ
عمّا كانَ منْ نِعـَمِ
** **
سنونٌ مثلُ جنحِ اللّـيلِ
قدْ مرّت بلا عددٍ
بلا أملٍ بلا عملٍ ….
ولا عونٍ ولا مددٍ
مروراً بانتفاضتنا
التي صاغتْ هويـّتنا
كشعبٍ يعشقُ الأزهارَ
والرمانَ والزّيتونَ
كالأرضِ التي تاقتْ لخطوتنا
وعاشتْ ترتجي يوماً سحابتها
وكالنـّـسماتِ تعشقُ خفقةَ العلَمِ
** **
الى أن جاءتِ الأخرى
مُزلزلةً وفاجعةً وحالكةً
وقاتلةً لذكرى في دفاترنا
مُمزقةً لأحلامٍ هي الأنسامُ
فوقَ مذابحِ التاريخِ …
فوقَ القهرِ والأضَمِ
هنالك كانتْ الكبرى
بموتِ الحبِّ والقيَمِ
هنالك جفـّت الأوراقُ
وانتشرتْ خيوطُ الصّمتِ
حولَ الحرفِ والقلمِ
هناك الذّبحُ للآمالِ مُحتدمٌ
وأخوةُ رحمِ ذات ِ الأمّ متَّهَماً لمُـتَّهـِمِ
هنالك فتنةُ اليأجوج ِ والمأجوج ِ قدْ فـُتحتْ
وخارَ السّدُ فانسكبتْ سيولُ دمي
** **
وهذا الجـّرحُ
ما زالتْ مواجعهُ ترحّـلنا
إلى الآلامِ تحجبها عنِ الدّنيا
دواجي الليلِ والظـّلمِ
فهلْ يومًا يتوهُ الحظُّ
ثمَّ يمرُّ نسماتٍ معَ الإصباحِ
على شرفاتِ قريتنا
فقدْ ملـّتْ مآقينا اقترافَ الدّمع
للآثامِ فوقَ الخدِّ يحرقهُ
متى يا موجُ سوفَ
تقود مركبنا إلى جزرٍ
بلا خوفٍ ولا ندمِ
متى يا حظُّ ترسلنا
إلى البسماتِ ثمَّ تفيضُ
بالكرمِ
بقلم :
رفعت زيتون
ذكرى النّكبة والنّكسة
والإقتتال الداخلي