|
هذه الدنيا امتحانٌ و ابتلاء |
و ارتحالٌ يا صحابي لا بقاءْ |
قد يصيبُ المرءُ فيها بعضَ ظفرٍ |
غير أنّ الظفرَ صدقاً في الوفاء |
ليس إذ تمضي بعيداً ذا انتصارٌ |
قد يكونُ النّصرُ في لطفِ البقاء |
ليس أنْ تُعليَ راياتِ احتفاءٍ |
ذاكَ فضلٌ بل بتحقيقِ الصّفاء |
سوف تمضي هذه الايامُ حتماً |
ثمّ يبقى بعدها صفوُ النّقاء |
سوف يأتي ما ارتقبنا من طلوعٍ |
من يلُذ باللهِ يُوردْهُ الشفاء |
ربما قد تعثرُ الأقدامُ حيناً |
ليسَ فينا إذ مضينا أنبياء |
غيرَ أنّا قد جزمنا بانطلاقٍ |
فيه صدقٌ و الهوى أصلُ الشقاء |
إنّ صدقاً في قلوبٍ ما تولّى |
لا و لو أبدى زمانٌ من جفاء |
ذاكَ ما يبدو جليّاً في سماءٍ |
ذاتِ نجمٍ و هدوءٍ و ارتقاء |
دعكَ من أوهامِ حالٍ ليس يبقى |
ليس يبقى غيرُ ودٍّ و التقاء |
ما استطبنا غيرَ روضٍ فاحَ مسكاً |
فاستحالَ الحبُّ فينا كالضياء |
إنّ عهداً من ودادٍ ليس يبلى |
في صدورٍ ما استطابتْ طعمَ داء |
يا كراماً ها أراني في اعتصارٍ |
خُلْدُنا هناكَ لا في ذا البناء |
قد بنيناها حصوناً للمعالي |
فلتكنْ حصناً لنا يومَ العناء |
لا أرى الصّبرَ منالاً أو مقاماً |
إنْ غدا الصّبرُ كؤوساً للشقاء |
بل صبورٌ من تجلّى دونَ خوفٍ |
ينقدُ النّفسَ جريئا في نقاء |
و شجاعٌ من تولّى عن شقاقٍ |
يطلبُ الودَّ مقيماً في الدّماء |
ودّنا صدقٌ تراءى لا خيالاً |
ذي المرايا شاهداتٌ بالإخاء |
ودّنا إنْ قد صدقنا كيفَ يخبو؟ |
كيفَ نرضى بالتولّي و الجفاء؟ |
كيفَ نرضى لحروفٍ قد تجلّتْ |
أن تكونَ اليومَ معنى للخواء؟ |
لم أزلْ أُسقى بهذا الأمرِ مرّاً |
و أنا بالسّترِ ملفوفُ الرّداء |
ليسَ إنْ تمضِ بريئاً ذا سموٌّ |
كمْ منَ الأشخاصِِ يسطيعُ المضاء |
بلْ تحدٍّ للهوى في النّفس يطفو |
فاتهامُ النّفسِ عنوانُ الإباء |
قمْ فسائلْ أوّلاً أينَ المعاني |
أينَ ما سطّرتَ في عهدِ الرّخاء؟ |
و لماذا اليومَ جانبتَ اصطحابي |
تنقضُ العهدَ و قد كنتَُ البراء؟ |
ليسَ من يرمي نفوساً بانتقاصٍ |
ثمّ يمضي يرتجي بُرءاًَ براء |
كلّنا للنقصِ أهلٌ لو عرفنا |
و كريمٌ من سقى النّفسَ اتقّاء |
كلّنا خطّاءُ و التوّابُ خيرٌ |
هكذا أوحى لنا ربُّ السّماء |