|
على هامش الأحداث والنكبـــاتِ |
و في فــورة الأهــواء والرغبـــاتِ |
أجول ولا أدري حدود قصيدتـــي |
فيمتد شِريانــي لخـــارج ذاتـــي |
وتوقظ أفكاري لواعـج مهجتــــي |
و تشتعـل الأبيـات مـن خطراتـي |
فأهوي على أرض التألم في أسـى |
وأنزف آهاتـــي علــى ورقــــاتي |
لساني يراع مـزق الدهــر حرفــه |
ودمعي نزيف في عيــون دواتـــي |
فأختط قبـل المــوت آخــر توبـــة |
وأهتز ّ كالبـــركان في جنبـــاتـي |
وأكتب في وجه الزمـــان رسالـــة |
يسلمها الماضي الحريـــص لآتــي |
"أنا البحر في أحشائه الدر كامــن |
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتـي" |
أنادي وأقوامي أسارى لغيــــرهم |
وأفواههـم أســرى لبضـع لغـــاتِ |
يبيعونني بخسا بلكنــة عجمـــة |
لدنيــا و أربــــاح بكــف جنـــاةِ |
تضيع بألفاظ الأعاجـم بهجتــــي |
وأسقــط في جــب من اللهجـــاتِ |
أفتش من حولـــي فأبصر أمتـــي |
سكارى عن الإعجـاز في كلماتـــي |
ولولا كتــاب الله يحـــفظ عزتـــي |
لذلت على باب الهـــوان بنـــاتي |
أنا لغة الضــاد الجميلة أرتمــــي |
على جانب التاريـخ واللحظــــاتِ |
ويمتهن الكتاب قدس حضارتـــي |
وأوصف بالتقصيـــر بين رواتـــي |
وأبدو أمـــام الـدارسيـــن فقيــرة |
ضحيــة تفريق ونهــب شتــــاتِ |
متى يجمع العرب الشتات فلولهم |
فينتعـش التاريـــخ في صفحاتـــي |
وتثمر في فصل الربيـــع حدائقــي |
و يعبق عطر السحر مـن نفثاتـــي |
و أنزل في بحر الحيـــاة سفينـــة |
وأرمي لغرقى العرب حبل نجــاةِ |
أنا سكة التطوير من جاز دربهــا |
يجاوز إلى العليـا بكـــل ثبــــاتِ |
ثقوا أن باب النصر باب مــدينتي |
و أن طريق المجد في خطواتــــــي |
لقد كنت ظرف العلم دهرا أحوزه |
بلفظي و تعبيـري و في أدواتـــــي |
أنــا لغة الــقرآن أعــربت آيــــه |
و بيــنت معنــاه لكـل مـواتــــي |
و أبلغــت لـلآفـاق كـل جمـــالـه |
فـأخرست حسـادي و كـل قلاتـي |
حباني إلـه الكـون أفضـل أحـرف |
و أنبتنــي كـالنخـل خـير نبــاتِ |
و كفـلنـي الرحمن أمــة يعـــرب |
فكـانوا دواويـني وخير حماتـــي |
وفضلنـي بـالمكرمـــات جمـيعهــا |
فحزت سمـاواتٍ مـن الدرجـــاتِ |
أنــا لغـة الإسـلام في كـل دعـــوة |
و في كـل تبلــيغ و كـــل صــــلاةِ |
خطـوطي تهـز العـالمـين بحسـهـا |
ففيــها شــرايين و نبـض حيـــاةِ |
وهبت جمالي كل من جـاء راغبــا |
فكل قصيد الشعـر بعض هبـاتــي |
وكل جميـل النثـر بعض عطيتــي |
وكل فصيـح القـول مــن لهـواتـي |
ولو فتش الناس اللغــات لأبصروا |
بديـع بلاغــاتي ونبـل صفــاتـــي |
و أني أنــا أم اللغـات جميــعهــا |
وأن كــلام الناس مــن نفــحاتــي |
فما بال أقــوام يــودون مــوتــتــي |
ودفنـي بوأدي في ربـيع حــياتــي |
وحبسي على رف المكاتب مـاضيـا |
أموت بـسيف الهــم والحســراتِ |
أعيــشُ ببطنِ الكتبِ دونَ تــداولٍ |
على واقـــع الدنيا كبعـض رفـاتِ |
بقيـت علـى رغم السنــين قـــويةً |
و قـد ذلَّ أقـــوامٌ على السنـــواتِ |
سـأبقى على الدنـيا منـارًا وقــمةً |
سـرورا لأحبـابي وغيـظ عـــداتي |
أنا لغة الخـلد التي ليـس تنتهـي |
وليس لأهــل الخـــلد يـوم وفــاة |