نعتذر لك! الآن .. والكلمات تكتظ بالهباء .. الآن .. والأشياء تفقد ماهية الأشياء .. نعتذر لك! يا وحش الحضارة! يا إمبراطور هذه الأرض المستسلمة لرعاة البقرْ! إنّا نعتذرْ! على كل ما ارتكبناه من المعاصي في حقّك! فقد داست خيولنا عشبك المقدس! احتللنا مدنك المتوّجة بالأتقياء .. وعلّقنا على مساجدك الأجراس! وأعلناها خرابا .. خرابا .. خرابا!
...
نحن "الذين" احتللنا وانتهكتا واغتصبنا .. نحن "الذين" قتلنا رسلنا حبا في الخلودْ! على هذا المدى المفتوح للضغينة والحدودْ! نحن "الذين" غضب الله علينا فكفرنا وضللنا .. تشتتنا في كتب التاريخ كي نكتشف قارة نسميها أمريكا! لنبني حضارتنا على تاريخ الهنودْ!
...
نعتذر لك .. على قصائدنا العتيقة .. على عشاقنا المجانين، وحكايات "قيس بن الملوح" و"المتنبي" و" الشنفرى" .. نعتذر لك على فتوحاتنا القديمة .. على أبطال تسمّيهم "ساديين"! نعتذر على ما كتبناه في وطن لم يكن لنا، وعلى سلام لم يكن ممكنا! نعتذر على ثوراتنا .. وعلى شهداء تصفهم بـ"القتلة"! فها هي الصورة مكتملة كالبدر يا سيد الأرض .. التقطها ليراها أحفادك، وأجيال تعدها بالسلام من دوننا!
صوّروا موتانا الذين لم يعتذروا منكم .. صوّروهم .. وضعوهم في ألبوم الصور.. وتباهوا بانتصاراتكم عليهم .. ثم اقتلونا ثانية إن لم نعتذر.